د.عدنان وحود لـ"السورية نت": على السوريين تأدية واجباتهم وهم يشعرون ويجسدون بأنهم أمة واحدة


رغداء زيدان ـ خاص السورية نت

مخترع وعالم سوري، فاق عدد اختراعاته 70 اختراعاً في مجال الصناعات النسيجية. ولد في دمشق وانتقل لألمانيا للدراسة وهناك برع في مجال بحثه وعمله ليسجل أوّل اختراع على المستوى الأوروبي، وهو صمّام تغذية الهواء في آلة النسيج تحت عنوان "وحدة نول لنفاثات نول ذي حدف شعاعي".

أحد اختراعاته عُرض في معرض ITMA 2003 باسم  لينو السهل(Easy Leno)  حيث قام بتسهيل عملية الإنتاج إلى جانب ميزات عديدة أخرى لتخفيض التكاليف ومضاعفة المردود.

وعندما قامت الثورة السورية كان من المبادرين الذين قرروا العمل بأنفسهم بعيداً عن التنظير، فسافر إلى سورية للبحث عن الطرق التي يستطيع من خلالها المساعدة الفعالة، وزار مناطق سورية التي خرجت عن سيطرة النظام شمال سورية، وقرر العمل بمجال آخر هو مجال الطب والدواء.

"السورية نت" كان لها لقاء مع الدكتور عدنان وحود الذي حدثنا عن عمله وظروفه، من خلال إجاباته عن الأسئلة التالية:

1 ـ كيف بدأت في إنشاء المستوصفات والمراكز الطبية في المناطق المحررة بسورية على الرغم من أنك تقيم في ألمانيا ومجال عملك في النسيج والآلات بعيد عن الطب؟

في عام 2011 كنت قد بلغت الستين من العمر وقررت آنذاك الدخول في مرحلة التقاعد عن العمل. بعد حياة علمية وأكاديمية وصناعية. تخللها القيام بأعباء الكثير من المسؤوليات وإنجاز العديد من مشاريع البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مجال صناعة آلات النسيج على المستوى العالمي. في ذاك العام كانت ثورة الحرية والكرامة في سورية قد انطلقت وعمت جميع أنحاء سورية. وبعد أن أصبح عظم التحدي واضحاً، تحدي نظام ديكتاتوري غاشم، الذي كون غطاءً لاستعمار إيراني ينتشر في جميع أنحاء سورية على حين غفلة من قطاع كبير من الشعب السوري، في هذه الأجواء قررت الانخراط في العمل الإغاثي في سورية، والقيام بإيصال الدعم للمستحقين مباشرة داخل سورية.

من خلال عدة جولات في ريفي حلب وإدلب لمست حاجة الناس الماسة إلى الرعاية الطبية وإلى الدواء، في ربيع عام 2013 قمت بمشاركة زوجتي وطبيبة ألمانية بتنفيذ أول تجربة للعيادة الطبية الميدانية في مخيم باب الهوى.

بعد هذه التجربة بدأت أبحث عن الطريقة المثلى ليصبح هذا العمل منهجياً ومستداماً، فبحثت عن المستوصفات الطبية المتوقفة عن العمل، فوجدت العديد منها، عندها بدأت أضع خطة عمل لإعادة تشغيلها وتقدير التكاليف المالية وتحديد معايير العمل لهذه المراكز الطبية.

في الأول من حزيران 2013 انطلق عمل المركز الطبي في بلدة تقاد في ريف حلب الغربي، المركز الطبي يقدم معاينة الطبيب والدواء مجانا ويعتمد عمل المركز بشكل أساسي على الطبيب والصيدلي والممرضة والممرض. 

2 ـ أين تنتشر المراكز الطبية التي استحدثتها؟ وهل هناك شروط معينة في المنطقة التي تختارها لإنشاء مركز طبي فيها؟

تنتشر المركز الطبية حتى الآن في ريفي حلب وإدلب ويبلغ عددها ستة، يتم اختيار المناطق للمراكز الطبية في القرى النائية البعيدة عن الحدود في الداخل السوري، حيث يندر وصول المعونات من المنظمات الكبيرة، يخدم كل مركز كتلة سكانية ما بين 10 آلاف إلى 20 آلف نسمة.

3 ـ تقوم بنفسك بالإشراف على المراكز الطبية المستحدثة من خلال زيارتك المتكررة لسورية ما الشروط التي تسعى لتوفرها في المركز الطبي الذي تشرف عليه؟

أحد الشروط الأساسية لإنشاء مركز طبي هو أن أستطيع الوصول إلى البلدة أو القرية شخصياً وأن ألتقي بأهل الحل والعقد هناك وأن أشرف على اختيار المبنى، إن لم يكن مستوصفاً من قبل، وأن أختار فريق عمل يناسب المهمة وأن أرى معايير العمل الطبي مطبقة، مثل: النظافة ـ الطهارة ـ جودة العمل ـ الإخلاص في العمل والتدوين.

خلال زياراتي الدورية للمراكز الطبية أطلع بشكل حثيث على تطبيق المعايير المتفق عليها مع فريق العمل وأناقش معهم سبل تطوير العمل وتحسين الأداء في المركز في كل منطقة.

بعد أن أعطيت اسم مدينة لينداو (مكان إقامة الدكتور عدنا في ألمانيا) على أول مركز طبي وانتشار خبر إنشاء "مركز لينداو الطبي في تقاد" تشعبت سبل التبرع للمراكز الطبية من أهالي لينداو ومن الأهالي في بعض باقي المدن الألماينة، عندها قررت بأن أعطي كل مركز اسم المدينة التي يأتي منها التبرع لدعمه، في الخريطة المرفقة نجد تموضع المراكز الألمانية الطبية وأسماء المراكز فيها. 

4 ـ  يشتكي كثير من العاملين في المجال الإغاثي الطبي من نقص التمويل واستمراريته، كيف تؤمنون التمويل المستمر لعملكم؟

بالإضافة إلى زياراتي الدورية للمراكز الألمانية الطبية في سورية أقدم للداعمين من أصدقائي ومعارفي تقارير منتظمة توضح شفافية العمل واستمرارية العمل في الداخل السوري، ومن خلال العلاقات الجيدة مع بعض الصحفيين الألمان تقوم الصحف اليومية والدورية والإذاعات في ألمانيا بالتعريف بهذا العمل من أجل سورية في الداخل السوري، ويتبين للجميع فعالية وحقيقة هذه الخدمة للمحتاجين في سورية، صفحتي على الإنترنت وصفحات الفيس بوك للمراكز تواكب في كتاباتها عمل المراكز بالنص والصورة وتبين حيوية وفعالية هذا العمل،  كما تقدم بشكل دوري إحصاءات عن عدد المرضى في كل مركز ونسبة الأطفال منهم ونسبة تغطية الدواء، إحصاء شهر تشرين أول 2016 مرفق في الملحق

5 ـ كيف يمكن تحصين العمل الإغاثي من الهدر والمحسوبيات حتى تصل الخدمة لمن يحتاجها بأفضل صورة؟

ليكون عملي محصناً من الهدر والمحسوبيات بالشكل الأمثل أواكب العمل شخصياً وأضع المعايير الناجعة للتوثيق الذي يرقى إلى مستوى التعامل مع مكاتب المالية الألمانية، فواتير أدوية موثقة، جداول مرتبات الأطباء والموظفين ممهورة بتواقيعهم، كل هذا يؤكد جدية العمل في الداخل السوري والخارج خاصة ألمانيا

6 ـ هل يقتصر نشاطك الإغاثي في المناطق المحررة على الجانب الطبي والدوائي فقط؟

من خلال تواجدي الشخصي في الساحة في الداخل السوري تبرز أمامي احتياجات ضرورية متعددة، من جهتي أحاول أن أدعم ما هو ضروري جداً من هذه الاحتياجات وبقدر ما يتوفر لدي من إمكانات ودعم يضمنان الاستمرار، من هذه المشاريع، مشروع إعانة أسر الشهداء ضمن إطار معين وشروط معينة، هذا المشروع يقدم الدعم المالي الشهري لحوالي 70 أسرة تضم 220 يتيماً.

7 ـ ما الصعوبات التي تواجهها في عملك الإغاثي داخل المناطق المحررة؟

الصعوبات التي تواجهني في العمل في الداخل السوري كثيرة، ولكني أسعى دائماً لتبديدها والتغلب عليها وتسخير ما لدي من معارف للنهوض بأعباء العمل الكبيرة، وأكثر ما يزعج عملي الفوضى المنتشرة وقلة تسخير الحكمة في معايشة الأمور، لكنني قبلت هذا التحدي في العمل في الداخل السوري لأعيد لبلدي حيوية وفعالية العمل الخيري وفضائله بين الناس، وأكثر ما يسعدني هو دعاء الناس لي ولكل متبرع

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ....         لا يذهب العرف بين الله والناس

8 ـ من خلال اتصالك بالألمان وإقامتك الطويلة هناك، كيف لمست مدى وعي الألمان لحقيقة ما يجري في سورية؟

الشعب الألماني هو شعب عريق وكريم بشكل عام، لكن من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام من أخبار ومعلومات لا يستطيع أن يميز ما بين الغث والثمين في القضية السورية، على الرغم من ذلك يقف الشعب الألماني مع الإنسان وحريته وكرامته ضد الديكتاتورية وضد هيمنة إيران على المشهد في دول جوارها، على هذا نلتقي مع الشعب الألماني في قضيتنا.

9 ـ وفق رأيك، ما الرسالة التي يمكن توجيهها للسوريين إذا أرادوا لثورتهم أن تنتصر؟

جوابي عن هذا السؤال سوف يكون قصيراً جداً وأرجو أن يكون بليغاً جداً: على السوريين أن يتحلوا بمكارم الأخلاق وبعدها يجسدوا مضمون الإسلام في العدل والأمان والمساواة والحرية والكرامة،  كما أدعو الجميع بأن يقوموا بتأدية واجباتهم وهم يشعرون ويجسدون بأنهم أمة واحدة.




المصدر