"تنظيم الدولة" يقاوم بشراسة في الموصل..وجبهة جديدة بانتظاره في الرقة


هاجم مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" القوات العراقية بسيارات ملغومة وكمائن مما أوقف تقدم الجيش في الموصل معقل التنظيم بشمال العراق لكنهم واجهوا هجوماً على جبهة جديدة يوم أمس عندما أعلن معارضون تدعهم واشنطن حملة لاستعادة مدينة الرقة السورية.

وفقد مقاتلو التنظيم السيطرة على سبعة أحياء في شرق الموصل أمام القوات الخاصة العراقية التي اخترقت صفوفهم يوم الاثنين الماضي. وصرح مسؤولون أن مقاتلي التنظيم يختبئون وسط المدنيين ويستهدفون الجنود بموجة من السيارات الملغومة في "أصعب حروب المدن" في العالم.

ويسيطر التنظيم على الموصل منذ اجتياحه شمال العراق وطرده الجيش في يونيو/ حزيران 2014.

ويشارك في الحملة المستمرة منذ ثلاثة أسابيع على الموصل نحو مئة ألف من أفراد الجيش وقوات أمن ومقاتلون شيعة ومقاتلون أكراد مدعومون من تحالف تقوده الولايات المتحدة لطرد التنظيم من أكبر مدينة يسيطر عليها في العراق وسورية.

وعلى الجانب الآخر من الحدود أعلن مسلحون مدعومون من الولايات المتحدة يوم الأحد بدء حملة لاستعادة مدينة الرقة معقل التنظيم المتشدد في سورية.

و"قوات سورية الديمقراطية" تحالف من جماعات مسلحة كردية وعربية طردت "تنظيم الدولة" من مساحات كبيرة من الأراضي على الحدود بين سورية وتركيا وباتت على مسافة 30 كيلومتراً من الرقة.

لكن بزوغ نجم "وحدات حماية الشعب" الكردية داخل "قوات سورية الديمقراطية" أثار تساؤلات بشأن مدى ملائمتها كقوة تستعيد مدينة أغلب سكانها من العرب.

وتعادي تركيا التي تقاتل انفصاليين أكراداً على أراضيها الوحدات وصرح مسؤولون غربيون أنه ينبغي أن يكون أغلب المشاركين في عملية الرقة من العرب.

وترى واشنطن فائدة في تزامن معركة الرقة مع الهجوم على الموصل خشية أن يمنح التأخير وقتاً لمقاتلي التنظيم لاستخدام المدينة كقاعدة لشن هجمات على أهداف في الخارج.

ودعت فرنسا كذلك إلى عمل متزامن على الجبهتين. وقال وزير الدفاع الفرنسي "جان إيف لو دريان": "لا يمكن الفصل بين الموصل والرقة لأن تنظيم الدولة الإسلامية والإرهابيين الذين يحتلونهما منتشرون في المنطقة."

ومن شأن الهجومين المتزامنين على الموصل والرقة إنهاء وجود الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم من مسجد بالموصل في عام 2014

لكن البغدادي قال لأنصاره إنه لا تراجع عن حرب شاملة مع العدو في حين يقاوم مقاتلوه في الموصل بضراوة ووحشية.

وشن مقاتلو التنظيم هجمات بسيارات ملغومة وقذائف المورتر وزرعوا القنابل على الطرق ونشروا القناصة في مواجهة القوات المتقدمة ويوضح مسؤولون أنهم تركوا خلفهم مقاتلين وسط السكان في المناطق التي استعادها الجيش.

وقال صباح النعماني المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب: "لذلك نحن نخوض أصعب معركة مدن ممكن أن تخوضها أي قوة في العالم."

وأضاف: "أحياناً يتعمدون الصعود إلى أسطح منازل لازال يسكنها مدنيون (..) يحتجزوهم رهائن ويبادرون بإطلاق النار على قواتنا لأنهم يعلمون أننا لن نستخدم الضربات الجوية ضد أهداف يوجد بها مدنيون."

وقال إن مقاتلي التنظيم استهدفوا كذلك القوات بسيارات ملغومة وأحياناً يلوحون برايات بيضاء وهم يقتربون.

وأضاف اللواء الركن معن السعدي قائد قوات مكافحة الإرهاب للتلفزيون الحكومي إن مقاتلي "تنظيم الدولة" شنوا أكثر من مئة هجوم بسيارات ملغومة على القوات في الشرق وهي واحدة من عدة جبهات في هجوم الموصل.

وبيّن مسؤول كردي كبير أنه خلال عملية تحرير الموصل التي بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع نشر التنظيم طائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات وقذائف مدفعية بعيدة المدى مليئة بغازي الكلور والخردل واستعان بقناصة على مستوى عال.

وقال مسرور البرزاني رئيس المجلس الأمني لحكومة كردستان العراق: "هناك الكثير من العبوات الناسفة بدائية الصنع التي زرعوها في أماكن مختلفة باستخدام أساليب متنوعة. ويستخدم الكثير منها مثل شبكات (...) لذا هم يضعون في منزل عبوة ناسفة بدائية الصنع ويحاولون إخفاءها وما إن تنفجر فإن الحي بأكمله ينفجر."

وصرح عقيد من الفرقة التاسعة المدرعة التي تشارك كذلك في العمليات أن وحدة من قوات مكافحة الإرهاب تعرضت لهجوم من الخطوط الخلفية في وقت متأخر يوم الجمعة بعد أن تقدمت في شرق الموصل.

إذ خرج مقاتلو التنظيم من المنازل خلفهم وطوقوا مركباتهم ومنعوا وصول التعزيزات  لهم. واضطرت القوات المحاصرة التي تنقصها الذخيرة للجوء إلى منازل حتى تمكنت من الخروج يوم السبت.

ونشرت وكالة أعماق التابعة لـ"تنظيم الدولة" لقطات يوم الأحد لمركبات عسكرية استولى عليها التنظيم أو دمرها بما في ذلك حطام سيارة همفي محترقة قالت إنها أخذت في حي عدن في الشرق. وكان المقاتلون يكبرون وهم يفرغون ذخيرة ومعدات اتصالات.

وذكرت الوكالة كذلك أن التنظيم كان وراء هجومين يوم الأحد في تكريت وسامراء جنوبي الموصل قتل فيهما 21 شخصاً. وقال مسؤولون إن الهجومين نفذهما انتحاريان باستخدام سيارتي إسعاف ملغومتين واستهدف أحدهما نقطة تفتيش والآخر مرأب سيارات لزوار شيعة.

وفي حين تتقدم قوات الجيش والقوات الخاصة داخل الموصل من جهة الشرق يدافع مقاتلو البشمركة الكردية عن أراض من جهة الشمال الشرقي وسعت قوات شيعية لقطع الطرق الصحراوية المؤدية إلى سورية في الغرب.

وقال قائد بارز إن قوات الأمن تقدمت كذلك من جهة الجنوب ودخلت آخر بلدة قبل الموصل يوم السبت واقتربت إلى مسافة أربعة كيلومترات من مطار الموصل على الطرف الجنوبي الغربي من المدينة.

وحذرت الأمم المتحدة من نزوح مئات الألوف من السكان من المدينة التي ما زالت تضم 1.5 مليون نسمة. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن 34 ألف شخص خرجوا من المدينة حتى الآن.

وأغلب الذين مازالوا متواجدين في الموصل يشعرون بأنهم محاصرون حتى الموجودين في أحياء يقول الجيش إنه دخلها.

وقال أحد سكان حي القدس على الطرف الشرقي للمدينة في اتصال هاتفي: "ما زلنا لا نستطيع الخروج من المنازل (..) قذائف الهاون تسقط باستمرار على الحي(..) أشاهد ألسنة اللهب تتصاعد عالياً قريباً من الشارع الرئيسي."

ورغم أن الحي الذي يسكنه لا يشهد قتالاً لأول مرة منذ خمسة أيام لكنه يقول إنه يسمع أصداء الاشتباكات في الحي الواقع إلى الشمال والحي الواقع إلى الجنوب.

وفي حي الملايين الشمالي قال شاهد إن مقاتلي "تنظيم الدولة" أضرموا النار في مجموعة من المنازل المتنقلة كانت تستخدمها قوات الأمن العراقية في محاولة فيما يبدو لإثارة الدخان للتشويش على الضربات الجوية.

وذكر عدة شهود على جانبي نهر دجلة الذي يفصل شرق الموصل عن غربه إنهم سمعوا دوي إطلاق نار احتفالاً بعد أن أعلن مقاتلو التنظيم "كذباً" إنهم نفذوا هجمات مضادة كاسحة على الجيش.

وقال أحد السكان مشيراً إلى قاعدتين متقدمتين تستخدمهما القوات العراقية "سمعنا تكبيرات تصدر من المسجد في غير أوقات الصلاة كان رجل ما يصيح: الله أكبر، الله أكبر، لقد استعاد جنود الخلافة الأشاوس السيطرة على برطلة والقيارة."

وأضاف: "نحن نعرف أنهم يكذبون (...) الحقيقة لم تعد خافية على أحد".




المصدر