"كلينتون" و"ترامب" وقضايا الشرق الأوسط..كيف يتعامل المرشحان مع الملفات الساخنة؟


رغم صداقتهما القديمة التي تعود لسنوات، إلا أن وقوفهما في معسكرين متضادين أثناء حملتهما الانتخابية للجلوس على عرش البيت الأبيض، كشف عن عمق الهوة التي تفصل بين توجهات كلاً من مرشح الحزب الجمهوري "دونالد ترامب"، وغريمته مرشحة الحزب الديمقراطي "هيلاري كلينتون"، تجاه قضايا الشرق الأوسط.

وتعود العلاقة بين غريمي اليوم، إلى صداقة قديمة جمعت العائلتين كان يحضران خلالها المناسبات الشخصية لبعضهما، بما في ذلك حفل زفاف الملياردير الأمريكي من زوجته "ميلانيا ترامب" السلوفينية الأصل عام 2005، وهو أمر تحدث عنه "ترامب" في مطلع حملته الانتخابية.

فما مواقف المرشحين، اللذين سيكون أحدهما الرئيس الـ45 لأمريكا، من أبرز قضايا منطقة الشرق الأوسط التي تعاني الكثير من الاضطرابات، وهي المواقف التي أعلنها الغريمان خلال الجولات الانتخابية، أو الحوارات والتصريحات الإعلامية:

سورية

فيما يتعلق بهذا الملف، فإن الملياردير الأمريكي لم يحاول أبداً، أن يواري عدم اهتمامه بزوال أو بقاء نظام الأسد، بل إنه اعتبر في أكثر من مناسبة أن بقاءه أنفع للمصالح الأمريكية وهو عكس ما ترمي إليه منافسته الديمقراطية.

وفي مقابلة أجرتها معه "الغارديان" البريطانية في وقت سابق من الشهر الماضي، قائلاً: "ما علينا التركيز عليه هو داعش، وليس سورية"، مشيراً إلى أن التدخل الأمريكي في الصراع السوري له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة.

وقال في المقابلة ذاتها: "إذا ما اتبعنا هيلاري كلينتون فسينتهي بنا الأمر في حرب عالمية ثالثة"، مشيراً إلى أن واشنطن لم تعد في حرب مع سورية فحسب، "أنتم الآن تحاربون سورية وروسيا وإيران أليس كذلك؟ روسيا هي بلد نووي".

وأوضح: "بالنسبة لي، فإن الأسد مسألة ثانوية مقارنة بداعش".

في المقابل، فإن القضية السورية بالنسبة للمرشحة الديمقراطية هي مسألة حيوية في سياستها الخارجية وهو ما أوجزته في مناظرتها الثالثة والأخيرة التي أجرتها مع غريمها الجمهوري في 19 أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

وقالت "كلينتون" خلال المناظرة: "سأواصل الضغط من أجل منطقة حظر للطيران ومناطق آمنة في سورية ليس فقط لحماية السوريين ومنع تدفق اللاجئين المستمر، ولكن بصراحة لاكتساب القدرة على التأثير على كل من الحكومة السورية والروس، حتى نتمكن من خلق فرص للمفاوضات الجدية اللازمة لإنهاء الصراع والمضي قدماً في الطريق السياسي".

وعدا هذا، فإن الاختلاف بين المرشحين يزاد عمقاً عند تعلق الأمر باللاجئين السوريين الذين تسعى "كلينتون" لزيادة أعداد المقبولين منهم في بلادها إلى 65 ألفاً في السنة بدلاً من 10 آلاف استقبلتهم أمريكا في السنة المالية لعام 2016 والتي تمتد ما بين الأول من اكتوبر/تشرين اول من العام الماضي وحتى 30 سبتمبر/أيلول من العام الجاري.

بينما يرفض "ترامب" استقبال اللاجئين المسلمين، سواء أكانوا سوريين أم غيرهم، ويدعو إلى وقف المهاجرين من العراق وسورية حتى التوصل إلى نظام تحقق أمني يمكن من خلاله معرفة من يشكل خطراً على الولايات المتحدة من عدمه.

تنظيم "الدولة الإسلامية"

لا يختلف موقف المرشحين من "تنظيم الدولة" عن الملف الذي سبقه، فبرغم اتفاقهما على خطورة التنظيم وضرورة تدميره عسكرياً، إلا أن نهجهما في التعامل معه يختلف.

يميل "ترامب" إلى الحل العسكري الذي ينطلق من العموميات غير المبنية على استراتيجية واضحة، ففي كلمة ألقاها في سبتمبر/ أيلول من عام 2015، تساءل، في معرض حديثه عن القضية السورية والحرب على "تنظيم الدولة": "لماذا لا ندع داعش و(بشار) الأسد يقاتلان بعضهما، ثم نأتي نحن لنأخذ المتبقي؟".

فيما أعرب في مناسبة أخرى عن عدم ممانعته إرسال "عشرات الآلاف من القوات الأمريكية" لمحاربة التنظيم في العراق وسورية، مشيراً إلى أنه "ليس لدينا خيار آخر، علينا هزم داعش".

وقال آنذاك إن أحاديثه مع الجنرالات الأمريكيين عن تقديرهم لتعداد القوة التي على الولايات المتحدة إرسالها لمحاربة "تنظيم الدولة" تتراوح بين "20- 30 ألف" مقاتل. 

ويؤمن "ترامب" بوجوب تواجد الجيش الأمريكي بالمناطق الآمنة في سورية من أجل استيعاب اللاجئين والنازحين على أن تدفع دول الخليج ثمن ذلك.

أما "كلينتون" التي قادت الجهود الدبلوماسية الأولى من أجل إنهاء النزاع في سورية، خلال توليها سابقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، فتعتقد أنه كان بإمكان الإدارة الأمريكية الحالية تسليح وتدريب المعارضين السوريين منذ أمد بعيد، لمواجهة التنظيم، دون إرسال قوات أمريكية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، عرضت "كلينتون" خلال إحدى الندوات، ما وصفته بأنه خطة لمحاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، تتضمن "أولاً هزيمة داعش في سورية والعراق، وأنحاء الشرق الأوسط".

وتضمنت خطة "كلينتون" في جزئها الثاني "اعتراض وقطع البنية التحتية للإرهاب المتنامي الذي يسهل تدفق المقاتلين ونقل الأموال والأسلحة والدعاية"، دون توضيح.

الصراع الروسي الأمريكي

في ظل الحروب المندلعة في اليمن وسورية والعراق، يزداد الصراع بين روسيا والولايات المتحدة على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، وهو أمر يدفع بالمرشحين المتنافسين لإدلاء دلوهما في هذا المجال.

ويرى "ترامب" أن يترك لروسيا مهمة تدمير "تنظيم الدولة" في سورية، معتبراً في الوقت نفسه أن قصف الجيش الروسي في ذلك البلد العربي "أمر إيجابي"، على اعتبار أن موسكو ستستهلك نفسها في تلك المناطق كما فعلت الولايات المتحدة من قبل.

بينما تنتقد "كلينتون" الوجود الروسي في سورية، وتعتقد أن تواجده هناك مدعاة لفرض المزيد من العقوبات القاسية على موسكو بسبب دعمها نظام الأسد، حيث قالت في إحدى خطاباتها في سبتمبر/ أيلول 2015: "لازلت مقتنعة بأننا بحاجة لجهود متناسقة لرفع التكاليف (العقوبات) على روسيا وبوتين على وجه التحديد".

إيران

رغم أن كلا المرشحين يتفقان على ضرورة التعامل مع إيران بحزم خاصة فيما يتعلق بطموحاتها النووية، إلا أنهما يختلفان حول الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع الدول العظمى في يوليو/تموز 2015، وبدأ تطبيقه مطلع العام الجاري.

ويعارض "ترامب" بشدة، الاتفاق النووي ويعتبره "أسوأ اتفاقية، لأنها تضع إيران، وهي الراعي الأول للإرهاب الإسلامي المتطرف، على طريق الحصول على سلاح نووي"، بحسب تصريحات سابقة للمرشح الجمهوري.

"ترامب" لم يكتف بانتقاد الاتفاق، ولكنه تعهد بأنه "سيمزقه منذ اليوم الأول" لتوليه مهام الرئاسة، إذا فاز بالانتخابات المقررة بعد غد الثلاثاء.

أما "كلينتون"، فرغم دعمها للاتفاق، إلا أنها حذرت إيران من عدم تطبيق بنوده وقالت في كلمة لها أمام مؤيديها في وقت سابق، إن نهجها في التعامل مع طهران سيتضمن "عدم الثقة والتحقق، فعلينا أن نتوقع أن تقوم إيران بتجربة الرئيس (الأمريكي) القادم (..) سيريدون (إيران) أن يروا إلى أي حد يستطيعون معه تطويع القوانين (بنود الاتفاق النووي)".

واستدركت: "لكن هذا لن ينجح معي إذا ما أصبحت في البيت الأبيض"، متوعدة بـ"استخدام الحل العسكري" إذا ما واصلت إيران مساعيها في الحصول على سلاح نووي.

فلسطين

لا يختلف موقف المتنافسين على كرسي البيت الأبيض هذه المرة، عن أي من المرشحين السابقين لهذا المنصب عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فالجميع متفق على تأييدها ودعمها بشكل كبير، وإن اختلف المنهج والتطبيق.

فـ"هيلاري كلينتون" أسوة بزملائها من الديمقراطيين تؤمن بضرورة دعم أمن اسرائيل وتسليحها لتصبح قادرة على مواجهة ما يعترضها من تحديات إلا أنها لا تتوانى عن اعتبار وجودها في الضفة الغربية "احتلال"، والتصريح بأن المستوطنات التي تبنى في الضفة الغربية والقدس "غير قانونية"، كما أنها من الداعمين لاقتراح حل الدولتين.

أما "ترامب" فموقفه من القضية الفلسطينية أقل وضوحاً وإن كانت هنالك دلالات تشير لكونه أكثر دعماً.

وهنا لا يمكن إغفال ما كتبه الشهر الماضي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لقد قلت في مناسبات عديدة إنه في عهد إدارة ترامب (إذا ما أصبح رئيساً) فإن الولايات المتحدة ستعترف بأن القدس هي العاصمة الوحيدة والحقيقية لإسرائيل".

فيما ادعى مستشار "ترامب" لشؤون إسرائيل "ديفيد فريدمان" بأن الملياردير الأمريكي "متشكك بشكل كبير" من حل الدولتين بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأشار إلى أن المرشح الجمهوري "لا يعتقد أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية".




المصدر