‘“قسد” تنفرد بمعركة الرقة .. وحلب تدمي حزب الله  ‘

9 نوفمبر، 2016

أثار إعلان قوات سوريا الديمقراطية من جانب واحد، وبدعم من الولايات المتحدة، بدء عملية استعادة مدينة الرقة من تنظيم الدولة (داعش) استياء وريبة معظم فصائل الجيش السوري الحر، فضلاً عن تركيا، في حين تَواصَل القتال في مدينة حلب بين فصائل المعارضة والميليشيات الإيرانية المدعومة بقوات النظام السوري التي ارتكبت بمشاركة الطائرات الروسية العديد من المجازر في الريف الحلبي وادلب وحمص وريف دمشق.

وقد تصدى عناصر تنظيم الدولة للقوات المهاجمة عند أطراف مدينة الرقة بتفجير العديد من السيارات الملغومة التي أوقعت قتلى في صفوف المهاجمين. وقالت وكالة أعماق التابعة للتنظيم إن مقاتليه دمروا 6 سيارات جنوب شرق مدينة “عين عيسى” بريف الرقة.

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” السبت انطلاق عملية “غضب الفرات” لتحرير الرقة بقيادة جوية من قبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. ويضم تحالف “قسد” العديد من القوات والفصائل، لكن وحدات حماية الشعب الكردية تشكل الأغلبية فيها.

وترافق الهجوم -الذي قيل إنه يستهدف في مراحله الأولى عزل المدينة قبل اقتحامها- مع قصف مكثف من جانب طيران التحالف على العديد من القرى التابعة للرقة.

وتعد مدينة الرقة التي سيطر عليها التنظيم مطلع العام 2014 عاصمة للخلافة التي أعلن عنها التنظيم، وتأتي عملية استعادتها بالتزامن مع الهجوم المتواصل على مدينة الموصل التي تشكل بدورها كبرى المدن الواقعة تحت سيطرة التنظيم في العراق.

من جهته، أعلن “مجلس محافظة الرقة في بيان له الأحد رفضه مشاركة قوات سوريا الديموقراطية  في عملية تحرير الرقة. وقال المجلس في بيان له إن هذه القوات غير مرحَّب بها في عملية التحرير، نظراً للتجربة السابقة لمدينة تل أبيض ونواحيها، وما قامت به (قسد) من تهجير وهدم للمنازل ونهب ممتلكات المواطنين واعتقالهم وترويعهم. وتوقع المجلس أن تؤدي مشاركة هذه القوات إلى نزاع قومي بين العرب والكرد ربما يمتد عشرات السنوات.

وطالب المجلس التحالفَ الدولي بأن يتاح لأبناء محافظة الرقة في المعارضة السورية تحرير مدينتهم وإدارتها من النواحي الخدمية والسياسية والاجتماعية والعسكرية، والأخذ بعين الاعتبار حدود الرقة الشمالية، ومراعاة حق الجوار بالنسبة للدولة التركية.

 وأفادت مصادر عسكرية بوصول العشرات من المستشارين الأمريكيين والفرنسيين لمشاركة قوات سوريا الديمقراطية في الهجوم على الرقة.

وأكد مصدر قيادي في “قسد” أن “دفعة أولى من الأسلحة والمعدات النوعية بينها أسلحة مضادة للدروع وصلت تمهيداً لخوض المعركة”  مشيراً إلى أنه يجري حالياً تجنيد مقاتلين محليين من المقاتلين العرب معظمهم من سكان الرقة، وسيناط بهم مهمة اقتحام المدينة.

من جهتها، حذّرت تركيا الولايات المتحدة من احتمال حدوث تغيرات ديموغرافية جراء عملية “غضب الفرات”. وطالب نائب رئيس الوزراء نعمان قورتلموش الولايات المتحدة بتقديم ضمانات بأن الهجوم على الرقة لن يؤدي إلى تغيير ديمغرافي في المدينة التي تعد سنّية عربية.

وكانت تركيا أعلنت أنها لن تشارك في عملية السيطرة على الرقة في حال شاركت وحدات حماية الشعب الكردية.

معارك حلب

في هذه الأثناء تدور اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام والميليشيات الأجنبية على أطراف مشروع 1070 جنوب مدينة حلب، تترافق مع غارات جوية وقصف صاروخي ومدفعي من جانب قوات النظام على المشروع.

وتأتي أهمية مشروع 1070 كونه يقع بالقرب من مجمع الكليات الحربية جنوب مدينة حلب، ويعتبر من أهم المواقع التي سيطر عليها جيش الفتح خلال معاركه المتواصلة مع النظام السوري.

وقد حققت فصائل غرفة عمليات جيش الفتح وغرفة عمليات فتح حلب تقدماً مهماً خلال المرحلة الثانية من معركة “ملحمة حلب الكبرى” التي تهدف إلى فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية المحاصرة. وتمكنت تلك الفصائل من السيطرة على كتل سكنية في حي حلب الجديدة غربي مدينة حلب، وذلك بعد تدمير خطوط الدفاع الأولى لميليشيات إيران عقب استهدافها بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، ليتم بعدها تفجير عربتين مفخختين استهدفتا مواقع الميليشيات في المنطقة، لتبدأ فرق “الانغماسيين” في جيش الفتح بالتقدم داخل الحي.

كما تمكن جيش الفتح للمرة الأولى من التقدم داخل مشروع 3000 شقة قرب حي الحمدانية غرب حلب، وذلك بعد أن شن هجوماً واسعاً على مواقع الميليشيات عقب تفجير حركة أحرار الشام الإسلامية عربة مفخخة، فيما تم استهداف الأكاديمية العسكرية غربي حلب بقذائف الدبابات والهاون.

ودارت اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات النظام على أطراف تلة مؤتة في ريف حلب الجنوبي، في ظل محاولة قوات النظام التقدم والسيطرة على التلة الإستراتيجية.

كما دارت اشتباكات مماثلة على أطراف كتيبة الصواريخ جنوب مدينة حلب، بالتزامن مع قصف صاروخي ومدفعي مركزّ من قوات النظام على المنطقة، بينما ألقى طيران النظام المروحي براميل متفجرة تحوي غاز الكلور السام على بلدة خان العسل في ريف حلب الغربي.

 وسجلت الأيام الماضية مقتل العديد من عناصر الميليشيات الإيرانية وخاصة حزب الله اللبناني.  ووثقت فصائل المعارضة وجيش الفتح مقتل أكثر من خمسين عنصراً من ميليشيا حزب الله في ريف حلب الجنوبي منذ انطلاق ملحمة حلب الكبرى .وأكدت المعارضة أن مقاتليها استهدفوا مواقع الحزب في جنوب مدينة حلب بصواريخ مضادة للدروع قتلت منهم عشرة عناصر في تلة “أحد” الإستراتيجية جنوبي حلب.

كما أشارت المعارضة السورية أن ما يقارب الأربعين عنصراً قتلوا بقصف مماثل على مواقعهم في محيط تلة مؤتة، وكتيبة الصواريخ بريف حلب الجنوبي، فضلاً عن القتلى الذين سقطوا في مشروع 3000 شقة جنوب غرب مدينة حلب.

من جهتها، وثقت مصادر لبنانية مقتل 24 عنصراً لميلشيا حزب الله وتحديداً في مدينة حلب مشيرة إلى أن هذا العدد هو منذ بدء المعارك في المدينة بتاريخ 28 تشرين الأول الماضي.

وفي السياق ذاته  كشفت صحيفة “كيهان” الإيرانية عن مقتل وأسر نحو 2700 مقاتل من ميليشيات (فيلق القدس، ومليشيات فاطميون، وزينبيون) التابعة للحرس الثوري الإيراني، وذلك كحصيلة لأربع سنوات من قتال هذه الميليشيات في سورية إلى جانب نظام بشار الأسد.

 وأوضحت الصحيفة أن حوالي 90 من رجال الدين وطلبة العلم الشرعي قتلوا حتى اليوم، وأكثرهم شهرة كان “محمد علي قليزاده” الذي كان يشغل مندوب ولي الفقيه (خامنئي) فيما يعرف بـ”جيش قم”.

وجاءت أكبر الخسائر البشرية لإيران خلال تشرين الأول 2015، حينما خسرت الجنرال حسين همداني، نائب قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني في التاسع من هذا الشهر خلال معارك في حلب.

 مجازر

ورغم إعلان روسيا توقف طيرانها عن استهداف الأحياء الشرقية في مدينة حلب، إلا أن هذا الطيران واصل ارتكاب المجازر في الريف الحلبي وفي  المدن السورية الأخرى.

 وقد ارتكبت الطائرات الروسية الجمعة مجزرة في بلدة كفرناها بريف حلب الغربي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى حيث استهدف القصف منازل المدنيين في البلدة بصاروخ مظلي ما أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة  25 آخرين بينهم أطفال ونساء.

 كما شن الطيران الحربي الروسي غارات بالصواريخ على الأحياء السكنية والسوق داخل مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، الأمر الذي أسفر عن سقوط قتيلين وعدة جرحى.

وقتل 5 مدنيين جراء الغارات الجوية المكثفة على دارة عزة بريف حلب إضافة إلى سقوط العديد من الجرحى بعضهم بحالة خطرة.  وقتل 4 مدنيين بقصف جوي على بلدة بشنطرة في الريف الحلبي.

 كما ارتكب قوات النظام مجزرة في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي راح ضحيتها 6 قتلى وعشرات الجرحى.

 وفي بلدة الدانا بريف إدلب الشمالي ارتكبت الطائرات الروسية مجزرة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. كما قصف الطيران الحربي الروسي بالقنابل العنقودية الأحياء السكنية في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، ما أدى إلى جرح عدد من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.

 معارك حماه

وفي ريف حماه، سيطر مقاتلو المعارضة على قرية شليوط بريف حماة الشمالي، وذلك بعد اشتباكات مع قوات النظام.

وكانت قوات النظام استطاعت مدعومة بميليشيات ايرانية استعادة عدد من النقاط في ريف حماة، وسط نداءات أطلقها ناشطون تحذر من سقوط المناطق التي حررها الثوار مؤخراً، وذلك بسبب امتناع عدد من الفصائل العسكرية عن إرسالها تعزيزات إلى جبهات ريف حماة الشمالي.

وقد أعادت ميليشيات إيران احتلال حاجزي سيريتيل ومفرق لحايا إلى جانب مدرسة “البشائر” جنوبي مدينة مورك، وذلك بعد اشتباكات مع مقاتلي “جيش العزة” و”جيش النصر” في المنطقة. وجاء ذلك بعد ساعات من سيطرة قوات النظام على منطقة الضهرة العالية وعدد من النقاط شمال تل بزام في ريف حماة الشمالي، بينما أحبط الجيش السوري الحر محاولة قوات النظام والميليشيات المساندة لها التقدم باتجاه مدينة طيبة الإمام، تحت غطاء جوي من الطائرات الروسية.

ويتبع “جيش العزة” و”جيش النصر” للجيش السوري الحر، ويتصديان بمفردهما  للحملات العسكرية التي تشنها قوات النظام وميليشيات إيران بهدف إعادة احتلال المناطق التي حررها الثوار مؤخراً بريف حماة، وذلك في ظل غياب باقي الفصائل العسكرية الفاعلة وأبرزها حركة أحرار الشام وجبهة فتح الشام وفيلق الشام.

الغوطتان

وفي ريف دمشق تُواصل قوات النظام محاولاتها لإفراغ محيط العاصمة من المقاتلين، ومن المدنيين إن أمكنها ذلك في إطار سياسة التغيير الديمغرافي التي تتبعها في المنطقة.

 وبعد تعثر اتفاق إخراج مقاتلي المعارضة من خان الشيح في الغوطة الغربية إلى إدلب، قصفت المقاتلات الحربية الروسية بقنابل النابالم الحارقة مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق الغربي، ما تسبب باشتعال النيران في منازل المدنيين وعدد من المساحات الزراعية.

ويشهد مخيم خان الشيح في ريف دمشق الغربي قصفاً جوياً مكثفاً من المقاتلات الحربية الروسية ومقاتلات النظام، إضافة إلى القصف الصاروخي المتواصل من النظام السوري على المخيم.

 كما تعرضت مدينة حرستا في الغوطة الشرقية إلى قصف جوي عنيف أسفر عن مقتل عدة أشخاص بينهم أطفال .

وقالت مصادر محلية إن مفاوضات تجري في ريف دمشق الغربي بين فصائل المعارضة وقوات النظام في عدة بلدات بالمنطقة لإخراج المقاتلين منها مقابل تسوية أوضاع من يرغب منهم.

وأوضحت المصادر أن المفاوضات تشمل بلدات ومناطق خان الشيح، المقيليبة، زاكية، الديرخبية، ما يعني خلو ريف دمشق الغربي والجنوبي الغربي نهائياً من أي فصيل، وأكدت المصادر أن النظام يرفض مناقشة خروج المقاتلين إلا إلى إدلب.

 

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]