على عكس التوقعات.. مسلمون صوتوا لترامب في الانتخابات الأميركية


في أحد مقاهي ديربورن شمال الولايات المتحدة الصناعي، كانت منى مسعد (25 عاما) تتابع عبر حاسوبها المحمول خطاب الفوز الذي يلقيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

تقيم في هذه المدينة الواقعة في ضاحية ديترويت والتي يناهز عدد سكانها 100 ألف نسمة، واحدة من أكبر الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة.

منى مسعد هي أحد أفراد هذه الجالية. وعلى غرار كثيرين، تحاول أن تفهم كيف أمكن انتخاب دونالد ترامب رئيساً على رغم افتقاره إلى الخبرة السياسية ووعده بمنع المسلمين من دخول البلاد.

قالت منى: "أنا حريصة على الاستماع إلى ما سيقول، وإلى أين ستقودنا أقواله". وتوضح هذه الشابة أن كثيرا من أفراد عائلتها الكبيرة، اليمنية الأصل والمقيمة في الولايات المتحدة منذ أربعينات القرن الماضي، يشعرون بالصدمة. وأضافت: "لا يعرفون ما سيحصل. لقد جاءوا إلى هنا بحثاً عن حياة أفضل وهم خائفون من أن يحرمهم من هذا الأمل".

وخلال الحملة، كرر المرشح الجمهوري القول إنه سيمنع المسلمين من دخول الأراضي الأميركية وسيأمر بإجراء "عمليات تدقيق مشددة" حول المهاجرين الآتين من بلاد ضربها "الارهاب".

أيام قاتمة قادمة

يتساءل الأمريكيون المسلمون كيف يمكن أن تكون رئاسة ترامب، كما يقول حازم باطا رئيس الهيئة الإسلامية لأميركا الشمالية التي تدافع عن حقوق هذه الجالية. وقال إن "ما أشعر به هو مزيج من الخوف والقلق".

وأضاف أن "أعداداً كبيرة من الناس يشعرون أنهم ضعفاء. لم يحصل كثر من المسلمين هنا على الجنسية الأمريكية. هم يقيمون هنا بشكل قانوني لكنهم ليسوا مواطنين أمريكيين. يشعرون بالقلق. والبعض منهم يشعر بخوف شديد".

لكن ترامب تحدث في خطاب الفوز بلهجة تتسم بنبرة تصالحية خلافاً لتلك التي سادت خلال الحملةِ، ودعا إلى الوحدة. وأعلن ترامب "أتعهد أمام كل مواطن في بلادنا بأن أكون رئيساً لجميع الأميركيين، من كل الأعراق والأديان والأصول والمعتقدات".

لكن هذه المفردات لم تحدث صدى جيداً لدى هؤلاء الأخوات الثلاث اللواتي كن في مطعم "ذي لافا لاونج" في ديربورن.

وتتدافع شبكات التلفزيون أمام الشابات الثلاث اللبنانيات الأصل والأمريكيات منذ خمسة أجيال. وتعتبر إحداهن تدعى أليس ولم تشأ الكشف عن اسم عائلتها، أن فوز ترامب "يكشف عن مقدار الحقد والكراهية في بلادنا". وقالت إن "الأضرار كبيرة".

وأكدت شقيقتها نادين التي تبلغ الرابعة والعشرين من العمر "لدي انطباع بأن الأيام القاتمة قد بدأت للتو". وأوضحت أن "التقدم الذي تحقق خلال 60 عاماً قد تبدد في ليلة واحدة".

مسلمون مقربون من ترامب

ويشكل فوز ترامب مصدراً للإرباك أيضاً. ففي "أكاديمية الشباب الأمريكي المسلم" في ديربورن، بدأ التلامذة بطرح التساؤلات. وسأل تلميذ مجموعة من المعلمين والأهالي "كيف انتخب الأمريكيون (دونالد) ترامب ولم ينتخبوا هيلاري كلينتون؟" ولم يستطع المعلمون والأهالي تقديم إجابة مقنعة.

وقالت تلميذة لدى دخولها المدرسة مع والديها إن "أربع سنوات من أعمارنا ستذهب سدى". ويؤكد البعض أن عواقب انتخاب ترامب سرعان ما ظهرت للعيان. إذ أشارت هبة ناصر (19 عاما) الطالبة في السنة الثانية في "واين ستايت يونيفرسيتي" القريبة من ديترويت، إلى أنها شعرت بالخوف صباح الأربعاء ولم تشأ مغادرة منزلها.

ترتدي هذه الشابة الحجاب، وتتخوف من أن يشجع هذا الفوز أولئك الذين يريدون مضايقتها. وتؤكد أنها تعرضت من قبل للتحرش. وتؤكد هبة ناصر "يقول لي الناس أني إرهابية، وأن ليس ملائما أن أعيش في هذا البلد، وأن علي أن أغادره".

لكن أمريكيين مسلمين آخرين يعيشون في ديربورن منذ أجيال، لا يشاطرونها قلقها ولا تشكل مسائل الهجرة قلقاً كبيراً لهم. حتى أن عدداً كبيراً منهم قال لوكالة الأنباء الفرنسية، طالبين التكتم على هوياتهم، أنهم فرحوا بفوز دونالد ترامب، لأنهم لا يثقون بهيلاري كلينتون.

وبينما كان يشتري فطوره من فرن "نيو ياسمين" قال حسن الحسني انه يعتبر ترامب الأقل سوءا بين الخيارات المطروحة. وأضاف هذا الشاب (33 عاما) الذي أتى من لبنان قبل 17 عاماً ويحمل الآن الجنيسة الاميركية، أن "خطاب ترامب لا يقلقني".

وخلص إلى القول "إذا ما كنت أميركيا، لا يستطيع ترامب تغيير أي شيء".




المصدر