عندما تتحدى الإرادة قهر الظروف وتصبح الحاجة أم “الإبداع” ..  سوري يحول إطارات السيارات البالية إلى أعمال فنية


رغم ما مرّ عليهم من أشكال المعاناة تبرز مواهب الكثير من السوريين بشكل ملفت، لاسيما تلك التي تتميز برؤية بصرية خاصة لم تكن لتظهر قبل ست سنوات كونها جاءت وليدة الحاجة بالدرجة الأولى.

و”حسن عزو” ابن كفر زيتا بريف حماة واللاجئ في تركيا حالياً ليس سوى هو أحد أصحاب المواهب، تَراه يبدع في تحويل إطارات السيارات لتحف منزلية وأثاث.

وفي حديث لصدى الشام أوضح “حسن عزو” طبيعة عمله الفني الذي يقوم على الاستفادة من الإطارات المستعملة، وأضاف “نظراً لأني أقيم في مدينة الريحانية التركية التي تضم العدد الأكبر للاجئين للسوريين، ولأني أعرف معاناتهم كلاجئين مع غلاء الأسعار وقلة الوارد، وعلى مبدأ الحاجة أم الاختراع، فقد لجأت لهذا النوع من الأعمال اليدوية”.

وأكمل “عزو” حديثه عن مشواره مع هذا النوع من الفن بالقول “لم أعمل سابقاً في هذا المجال، وكنت أكتفي بصنع بعض الديكورات في حديقة منزلي بسوريا، وفي البداية صنعت طاولة وكراسي لمنزلي بالريحانية، وعندما رآها الأصدقاء ألحّوا عليّ أن أصنع لهم مثلها مقابل ثمن، وفعلاً صنعت لأصدقائي المقربين ما طلبوه، ولكن بعد ذلك بدأت هذه الأعمال تلقى رواجاً، فقررت أن يكون فن الإطارات عملاً وليس مجرد هواية”.

“عزو” الذي لم يكن يوماً فناناً وإنما كان مغترباً بهدف العمل بالتجارة بين أوكرانيا والسعودية منعته ظروفه من الرجوع إليهما، لتظهر مواهبه لاحقاً وتكون بداية النجاح في طريق جديد.
ولفت “عزو” إلى أنه بدأ بالتفكير بتعليم مجموعة من الشبان الصغار هذا النوع من الفن، معرباً عن نيته إقامة معرض في تركيا يحضره الوالي ورجال أتراك مهمين إضافة إلى الأصدقاء الذين أبدوا إعجابهم بهذه الأعمال، وقال عزو “سيكون المعرض كله مؤلفاً من أشغال مصنوعة من الإطارات بكافة الأحجام، وسيتم افتتاح المعرض بداية العام القادم بألوان الفرح التي يفضلها الناس، على أن يقام هذا المعرض في صالة، وفي حال تعذر عليَّ توفير صالة سأقوم بافتتاحه في حديقة البلدية”.

لعل تجربة “حسن عزو” تقودنا إلى مقولة الفنان الايطالي ليوناردو دافنشي “الحديد يصدأ من الإهمال، المياه الراكدة تفقد نقاءها، وتصبح متجمدة في الطقس البارد، و بالمثل يفعل الكسل إنه يستنزف قوة العقل”. ذلك أنّ “عزو” أعمَلَ عقله ومخيلته لإخراج قِطع فنية من إطارات سيارات مستعملة دون أن تجعله الظروف يستند إلى جدار أو ينتظر الحديد ليصدأ.

“حسن عزو”  ذو الـ40 عاماً والأب لخمسة فتيات وولد واحد لم يتجاوز الخامسة، كان يعتمد في البداية على مشغل أقامه في منزله ولكن ومع زيادة العمل استأجر الطابق السفلي في المبنى ليكون ورشة له. وبينما لم يجد من يساعده في تجسيد أفكاره راحت بناته يساعدنه في ورشة العمل لتنظيف الدهان وتوضيب الأدوات بعد الانتهاء من أعماله يومياً، لكنه لم يحاول أن يعلّم إحداهن هذا الفن كما يقول، مشيراً إلى أن “دراستهن أهم من العمل في الوقت الحالي”.

“عزو” هو أحد السوريين الذين تحولوا إلى فنانين من نوع آخر ها هو يصوغ أفكاره عبر أعمال فنية من إطارات السيارات، وكما قال بيكاسو “بعض الرسامين يحولون الشمس إلى بقعة صفراء، و البعض الآخر يحولون البقعة الصفراء إلى شمس”، وبالمثل فإن “عزو” يحوّل إطارات السيارات إلى قطع فنية.



صدى الشام