روسيا تحضّر لتصعيد تدخلها العسكري في سوريا


تستعد روسيا لتصعيد عملياتها العسكرية في سوريا في محاولة للظهور بمظهر القوة العظمى، ماضية بالتأكيد على مزاعمها، باعتبارها شريكا موثوقا في مكافحة التطرف، وﻹعادة تنشيط دعمها المحلي للمشاركة المستمرة في الحرب اﻷهلية السورية. حيث وضعت شروطا في عملية اكتمال السلسلة الطويلة من الهدن اﻻنسانية في مدينة حلب التي تنتهي في الرابع من تشرين الثاني. فحاملة الطائرات الروسية كوزنيتسوف يتوقع أن تصل الى الشواطيء السورية في اﻷيام القليلة القادمة، مع اسطولها المرافق من الغواصات المجهزة بصواريخ كروز والطرادات التي تشير الى أنه من المحتمل أن تقوم بضربات ضد أهداف هامة واستراتيجية في سوريا.

ويأتي هذا اﻻنتشار وسط هجوم تشنه المعارضة لفك الحصار الذي تفرضه قوات النظام والقوى المواليه له في مدينة حلب، إضافة الى المكاسب المتواصلة التي تحققها القوى الموالية للنظام في الغوطة الشرقية قرب دمشق، ومن المرجح أن تستغل روسيا الفرص المتاحة في كل من حلب ودمشق للتأكيد على قدرتها في الاستمرار في استخدام القوة ضد ” اﻻرهاب” وتثبيت شرعية النظام.

تنوي روسيا أن تصعد عملياتها العسكرية في كل من حلب ودمشق خلال اﻷيام القليلة القادمة، في استعراض لقواها وقدراتها : نشر حاملة الطائرات كوزينتسوف في المتوسط، تحمل طائرات سي خوي ٣٣ اضافة الى ميغ ٢٩ وصواريخ موجهه عالية الدقة، وطائرات هجومية كي اي-٥٢ مجهزة بقذائف طويلة المدى موجهه ومضادة للدبابات. ترافق كوزنيتسوف مجموعة معركة تتضمن الكثير من القطع البحرية: ثلاث غواصات مجهزة بصواريخ كروز ( كاليبر)، ومن المرجح أن تستخدم روسيا ترسانتها البحرية لدعم العمليات البرية للقوى الموالية للنظام في كل من حلب ودمشق في محاولة لتحسين ا لدعم المحلي لتدخلها العسكري في الحرب اﻷهلية السورية من خلال نشرها لقدراتها الجوية والبحرية. وقد أشار استطلاع لمركز ليفادا الى أن الروس باتوا يشكون بامكانية أن يحسنوا من صورتهم الدولية على ضوء الشكل الذي يأخذه مسار الحرب في سوريا او يمكنهم من ايجاد أرضية مشتركة مع الغرب.

 

ضبط حالة التصعيد في حلب
وضعت روسيا شروطا للتصعيد الدراماتيكي في النشاط العسكري في مدينة حلب، استتبعت بسلسلة من ” الهدن اﻻنسانية” وتراجعا كليا في وتيرة الحملة الجوية. وقد أمر بوتين القوات الجوية الروسية بتنفيذ هدنة انسانية حتى ٤ تشرين الثاني تتضمن السماح للمدنيين ومقاتلي المعارضة في مغادرة مدينة حلب الشرقية. تلا التوقف المؤقت لإطلاق النار سلسلة من الهدن اﻻنسانية المشابهة في مدينة حلب، وقد الحق البيان بمزاعم لوزارة الدفاع الروسية تقول: أن طائراتها الحربية أوقفت جميع العمليات الجوية في حلب منذ أواسط أكتوبر.٢٠١٦ وأيضا تراجعت وتيرة الحملة الجوية الروسية ضد مناطق المعارضة في شرقي حلب وتناقصت على نحو ملحوظ من تاريخ٢٠١٦ ٢٨ ١٠ حتى١١ ، برغم التنسيق العملياتي الذي قامت به المعارضة من أجل فك الحصار عن مدينة حلب، واصلت روسيا شن ضربات جوية في مناطق المعارضة جنوب غربي المدينة ومحاصرة اريفها وفقا لشهادة نشطاء محليين. وجاء الهدوء النسبي الروسي بعد التهديدات التي أطلقتها الولايات المتحدة واﻷتحاد اﻷوربي بضرورة انزال عقوبات بحق روسيا، اضافة الى دعوات من أجل التحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها قوات موالية للنظام في مدينة حلب. وهذا يوحي ان روسيا قد تهدف الى التخفيف من ردة الفعل الدولية ضد محاوﻻتها لتهجير مدينة حلب من خلال حملتها الجوية العدوانية.
ويسعى الروس من وراء تجميع قطعهم البحرية الضخمة قبالة الشواطيء السورية : لتكثيف عملياتهم الحربية على مواقع المعارضة ومحاصرة أريافها ودعم الحصار المفروض من قبل النظام على الضواحي التي تسيطر عليها المعارضة. لكن ليكن واضحا ان ﻻ كوزنيتسوف ولا غيرها من القطع البحرية تملك قدرات عسكرية فعلية لتحقيق نصر حاسم للرئيس السوري في مدينة حلب.
تعد روسيا لدعم النظام في دمشق
تستطيع روسيا تعزيز تدخلها العسكري الجديد لتمكين النظام من تنظيف دمشق من قوات المعارضة. وتتمتع دمشق بأهمية استراتيجة مقارنة بحلب، بسبب مكانتها السياسية، ووجود الحكومة فيها، إضافة الى الدور المحوري في العمليات العسكرية في كل مكان في جنوب سوريا. حاليا، تدرس روسيا الجهود العسكرية المطلوبة تجاه شمال سوريا، بسبب التهديد الذي تشكله مجموعات المعارضة على النظام في مدينة حلب، كذلك تواجه روسيا شروطا مفضلة لحملتها الجوية لتشمل العاصمة، حيث تمكنت القوى الموالية للنظام من فرض شروطها في العديد من المدن واﻷحياء خلال الثلاث سنوات الماضية، باتباعها لسياسة الحصار والتجويع ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وقد وصلت هذه الحملة الى نقطة اللاعودة : داريا في الغوطة الغربية ٢٥ ٨ ، والمعضمية وقدسيا والهامة ( اتفاقيات المصالحة) التي أعادت هذه البلدات لسيطرة النظام. وشددت القوات الموالية للنظام من حصارها للجيب الذي تسيطر عليه المعارضة من خان الشيح في الغوطة الغربية بعد أن استولت على القرية المجاورة لها ( الدرخبية ) في 14/10/2016 .
أيضا حققت القوات الموالية للنظام مكاسب هامة في الغوطة الشرقية لدمشق ضد قوات المعارضة. وكان اندلاع القتال بين فصيلين جهاديين: جيش اﻻسلام ومنافسه فيلق الرحمن في أيار ٢٠١٦ ، سمح للنظام أن يضمن مكاسب فعلية في المزارع الريفية التي تشكل سلة الخبز للمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة ويحاصرها النظام. واستعادت قوات النظام سيطرتها على العديد من القرى خلال اﻷشهر الماضية : تل الكردي وتل الصوان، هذه المكاسب التي حققتها القوات الموالية للنظام جعلتها على مسافة قريبة من دوما وهددتها مباشرة. هذه التطورات المستمرة والهامة شدت اهتمام روسيا، فبدأت باستئناف حملتها الجوية مستهدفة خان الشيح والغوطة الشرقية في دمشق في شهر أيلول. وقد تسعى روسيا ﻹستغلال انهاك وضعف فصائل المعارضة في دمشق لإظهار براعتها العسكرية، وتوسيع نجاح القوات الموالية للنظام على اﻷرض.
وعلى نحو متزايد، يظهر كل من الرئيس بوتن واﻷسد ثقتهما في إمكانية تحقيق نصر في الحرب اﻷهلية في سوريا.
اﻵثار
يمكن أعتبار التصعيد الروسي جزءا من هجوم النظام السوري في دمشق والهجوم المضاد الذي يشنه في حلب، هذا سيزيد من راديكالية المعارضة. خاصة كون الضربات الجوية والبحرية الروسية تستهدف مجموعات المعارضة المقبولة، وسيؤدي هذا التصعيد الى ما يلي:
– سيسرع من عملية انتقال المعارضة المستمر الى الحركة ألتي تسيطر عليها مجموعات السلفية – الجهادية مثل فتح الشام.
– ستزيد من التصاق مجموعات المعارضة المقبولة بالفصائل المتطرفة لحماية نفسها في مواجهة تقدم النظام والقوات المواليه له وبغطاء جوي روسي. وبالتالي إزالة الشركاء المحتملين للولايات المتحدة، ومحاولة التنسيق مع الولايات المتحدة للقضاء على كل من داعش وفتح الشام.
– على الولايات المتحدة أن تكون على استعداد لمواجهة الدعم الذي تقدمه روسيا للنظام السوري من أجل تحقيق هدف اﻷمن القومي الروسي في سوريا.

 

رابط المادة الأصلي : هنا .



صدى الشام