“نسبة زواج القاصرين بين اللاجئين تفوق مثيلتها في بلدانهم”


تُرغم القاصرات في الكثير من الدول العربية والإسلامية على الزواج بمبررات عدة، هذه الظاهرة رصدت بين اللاجئين بشكل أكبر من بلدانهم الأصلية. في هذا الحوار مع DW تكشف خبيرة وناشطة ألمانية عن أبرز أسباب الظاهرة وسبل مواجهتها.

 

DW: هناك حوالي 700 مليون طفل يرغمون على الزواج القسري في جميع أنحاء العالم. فما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟

مونيكا ميشل: حوالي 250 مليون من أصل 700 مليون تقل أعمارهم عن 15 عاماً. ويلعب الفقر دوراً رئيسياً في ذلك. كما يوجد تأثير متبادل للمفاهيم الذكورية التي تسود في غالبية الأسرة، ويقصد به أن الفتيات أقل قيمة من الأولاد. وعندما لا تستطيع الأسرة إعالة الكثير من الأطفال، يتم غالبا تزويج الفتيات ومن خلال ذلك يكون للأسرة فم أقل لإطعامه. ويعد التعليم من بين العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة. فكلما كانت نسبة التعليم أقل، يرتفع احتمال تزويج الفتاة قبل سن الثامنة عشر. وبسبب الوضع المتدني للمرأة فإن احتمال أن تتزوج بسبب الفقر وارد بدرجة أكبر. وهذا يلعب الآن دورا أيضا داخل مخيمات اللاجئين.

 

DW: هل تعقدين أن هذه الزيجات تتم داخل مخيمات اللاجئين أو في بلد المنشأ؟

قارنت المنظمة الدولية “قرى الأطفال” “إس أو إس” (SOS) أعداد حالات الزواج دون السن القانونية قبل وبعد الحرب في سوريا، وخلصت إلى أن عددها قبل الحرب كان 13 بالمئة، لكنها الآن وصلت إلى أكثر من 50 بالمئة. وأرجح أن العديد من الحالات تمت داخل مخيمات اللاجئين. ففي سوريا يجب أن تقرر المحكمة ما إذا كانت الفتاة قد وصلت إلى مرحلة النضج الجنسي، وبالتالي القدرة على الزواج قبل 17 عاماً. ولا أستطيع أن أتصور وجود إجراءات قانونية في مخيمات اللاجئين. ما يحدث في الغالب هو تنظيم مراسم زواج دينية قصيرة.

 

DW: ما هي الآثار النفسية والجسدية التي يتسبب فيها الزواج المبكر لدى الفتيات؟
الزواج المبكر يعني الحمل المبكر ومن خلاله المخاطر الصحية الخطيرة التي ستتعرض لها الفتاة الصغيرة. والزواج يعني أيضا بالنسبة للقاصر نهاية مفاجئة لفترة الطفولة ما يدفع في كثير من الحالات إلى إرهاق وضغط يفوق طاقتها. زواج القاصرات يفتح الباب أمام تعرضهن للعنف الجنسي والمنزلي، وهو ما يمكن أن يتسبب في صدمة نفسية. فالفتيات عندما يتزوجن يصرن في الغالب أكثر اعتمادا واتكالا على الزوج. وحرمانهن من الاستمتاع بطفولتهن يحرمهن من الحق في التعليم والتطور الطبيعي،
وغيرها من الأمور الطبيعية في فترة الطفولة. غالبا ما يؤدي الزواج المبكر والحرمان من الطفولة إلى الاكتئاب والكثير من حالات الانتحار.

DW: احتمال تعرض الفتيات القاصرات لخطر الاعتداء الجنسي مرتفعة، فهل يعتبر ذلك أحد الأسباب لتزويجهن مبكرا من قبل الأبوين؟

في العديد من دول المنشأ، وهناك مفاهيم أبوية، يتعلق فيها شرف وسمعة الأسرة بسلوك البنت. وهذا يعني إذا كان للفتاة علاقات جنسية قبل الزواج، فسمعة العائلة تتضرر. وهذا له انعكاسات قوية على البيئة الاجتماعية. وبالتالي يجب أن تمنع حدوث ذلك. وتعتقد العائلات أن الزواج المبكر يضمن عدم حدوث ذلك. وأعتقد أيضا أن هذه الوظيفة الواقية موجودة رغم أن فيها مفارقة. فالنساء يهربن بالدرجة الأولى من خطر التعرض للعنف الجنسي. ويمكن أن يقول الكثير من الرجال: “تلك المرأة متزوجة لن أتجرأ على الركض حولها”. ورغم أن هذا وارد إلا أنه ليس مضموناً.
DW: ما هي الإمكانات المتاحة لمساعدة القاصرات حديثات العهد بالزواج؟

لطالما لم يبلغن سن الرشد فليدهن الحق في الحصول على برنامج كامل للتدابير الخاصة برعاية الشباب. إذا لوحظ أثناء التسجيل الأول اللاجئين لدى مكاتب وزارة الهجرة واللاجئين وجود قاصرات متزوجات فيجب أن تحال قضيتهن فوراً على المحكمة للحصول على المشورة في الوقت المناسب ولمعرفة هل هناك حالة عنف؟ فلا أحد يعرف ما حدث. وأيضا لمعرفة هل يمكن إرسال المعنيات بالأمر إلى مؤسسات خاصة للرعاية، بعد موافقتهن على ذلك؟.
DW: تقولين إنه لا يعرف هل تتم هذه الزيجات قسرا أم برضى الطرفين، فما هو الأسلوب العملي للتعامل مع هكذا زيجات طالما وقد تمت؟

نحن نضع الادعاء بأن زواج الفتيات أقل من 18 عاماً بطواعية موضع تساؤل لأنه من السهل التأثير على القاصرات. ومن السهل أن يمارس عليهن الضغط لقبول هذا الزواج. وفي الكثير من الأحيان ليس لدى القاصرات فكرة عن معنى هذا الزواج. وربما لا يبدو لهن سوى الحفلة الجميلة والفستان الجميل للعرس. ولهذا السبب نقول: يجب على الفتاة أن تصل إلى سن الثامنة عشر من العمر وتكون لديها المسؤولية الكاملة لتقول “نعم”. لهذا نحن لا نتكلم عن الزواج القسري، مع العلم أن حالات الزواج المبكر يمكن أن تكون زواجا قسرياً. وحتى اللواتي يقبلن مثل هذا الزواج اعتقاداً منهن أن ذلك يحميهن على نحول أفضل، فالسؤال المطروح عليهن هل يجب أن يكون ذلك الدافع سببا للزواج؟ ألا يحتجن لحماية من نوع مختلف؟.



صدى الشام