اليمين المتطرف


فراس محمد

اليمين المتطرف مصطلح سياسي بدأ بالظهور خلال السنوات القليلة الماضية في أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، ويقصد به الكتل، والأحزاب السياسية التي تتبنى نزعة معادية للمسلمين، واليهود، والأجانب عامة، وتدعو إلى التمسك تمسكًا متطرفًا بمفهوم الهوية الوطنية والثقافية واللغوية، وتميل عمومًا إلى المحافظة الدينية المسيحية، وتعدّ امتدادًا للأيديولوجيا الوطنية المنهزمة في الحرب العالمية الثانية، كالنازية، والفاشية، والتي اتسمت بتمجيد العرق محددًا لأيدولوجيتها السياسية في التعامل مع الآخر، وتعدّ “الجبهة الوطنية” في فرنسا، المعادية للأجانب والإسلام، و”حركة بريغدا” في ألمانيا، المعادية لما تطلق عليه “أسلمة الغرب”، من أشهر أحزاب اليمين المتطرف.

تتميز أحزاب اليمين المتطرف عن أحزاب اليمين التقليدي، بأنها تدعو إلى التدخل القسري، والعنف؛ لفرض الأعراف، والتقاليد، والقيم داخل المجتمع، وعلى الرغم من  الاختلافات بين الأحزاب اليمينية من حيث الأسيقة الخاصة لكل منها، إلا أنها تشترك في سمات عامة، ومرتكزات سياسية متشابهة، كالنزعة القومية المفرطة، والرافضة لكل أشكال الاندماج الإقليمي، كالاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف حماية السيادة، والاستقلالية الوطنية، إضافة إلى نفورها من النظام الديمقراطي، والطبقة السياسية التقليدية، كما أنها تشن حملة شعواء ضد ما تطلق عليه الحرية المفرطة، وتفكيك الكيانات الاجتماعية التقليدية.

يرى كثير من المراقبين أن أسباب صعود اليمين المتطرف يعود إلى الأزمات الاقتصادية التي تسببت بانتشار ظاهرة البطالة، والركود الاقتصادي، والتي ترافقت مع ازدياد كبير في أعداد المهاجرين، وخاصة من الدول التي تشهد اضطرابات سياسية وأمنية، وما تسبب ذلك من إرباك أمني لهذه الدول التي تستقبل اللاجئين، إضافة إلى مزاحمة اللاجئين لمواطني البلدان الأصلية في فرص العمل التي تشهد -أصلًا- ارتفاعًا في معدلات البطالة، كما أن التنوع الثقافي الذي تسبب به المهاجرون الجدد، ضاعف مخاوف مواطني هذه الدول على هويتهم الثقافية، وعاداتهم، وتقاليدهم، و الخوف من اختفاء دولة الرفاهية.

وقد شهدت الفترة الأخيرة صعودًا ملحوظًا لليمين المتطرف في العالم، وكان من أبرز ملامحه نجاح دونالد ترامب، المعروف بتوجهه اليميني المتطرف، في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وما شكله من مفاجأة كبيرة لمعظم الأوساط السياسية في العالم، كذلك الأمر بالنسبة لنجاح اليمين البريطاني في استفتاء خروج إنكلترا من الاتحاد الأوروبي، ويتوقع كثير من المراقبين خلال الفترة المقبلة تحقيق الأحزاب اليمينية مفاجئات غير متوقعة في بلدان أوروبية عدة.




المصدر