‘صحفيون غربيون: دمشق أسوأ مما عليه قبل عام 2011 وليست كما يروج النظام’
12 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
يروي صحافيون غربيون بعد زيارة دمشق بدعوة من “الجمعية البريطانية – السورية” للمشاركة في ندوة، وجود “فجوة كبيرة” بين ما أراد المسؤولون في نظام الأسد قوله وواقع الحال.
ووفق ما نشرته صحيفة “الحياة” في عددها الصادر اليوم السبت، فقد أكد أحد الصحافيين: “أبلغنا مسؤولون وجود اتجاه للانفتاح الإعلامي والسياسي وطي صفحة الماضي وأنهم مستعدون لتحمل النقد، لكن عندما خرجنا من قاعة المحاضرات إلى الشارع وحاولنا لقاء بعض الشخصيات المعارضة فوجئنا أن العكس هو الصحيح، بل أسوأ مما كان قبل ٢٠١١”. وأضاف أن عدد المثقفين والسياسيين المعارضين تلاشى، إضافة إلى أن “الموجودين على قلتهم وجدنا صعوبة بالتواصل معهم. وعندما التقينا بعضهم كان واضحاً أنهم مراقبون من قرب لضبط ما يمكن قوله”.
وبحسب ديبلوماسيين غربيين يزورون دمشق، ينتشر في العاصمة السورية حوالي ١٤٠ حاجزاً تابعاً للجيش وأجهزة الأمن و”الدفاع الوطني”، ويعتبر بعضها أساسياً في تفتيش السيارات والأشخاص.
الجديد وجود أجهزة كمبيوتر متطورة جداً قادرة على مسح المعطيات من بطاقات الهوية، والتأكد من جميع مراكز المعلومات لدى النظام من معطيات صاحب الهوية وما إذا كان مطلوباً اعتقاله، أو سحبه إلى الخدمة الإلزامية في قوات النظام.
يضاف إلى ذلك، انتشار ظاهر السلاح الفردي والثقيل في أيدي الشباب وعلى خصورهم وفي سيارات فارهة. ولا تخلو سهرات نهاية الأسبوع في دمشق القديمة من “معارك مسلحة” بين الموالين للنظام، قد يُستخدم في بعضها سلاح ثقيل أو أسلحة رادعة موجودة خارج المحلات التي تعج بآلاف الأشخاص ومئات “بائعات الهوى” في نهاية كل أسبوع.
هؤلاء يعيشون ليلاً في عالمهم غير ما يعيشه مئات الآلاف وربما ملايين النازحين والفقراء في دمشق وشوارعها وحدائقها ومدارسها. حيث يركضون وراء لقمة العيش ومواجهة ضيق الحياة المعيشية.
وزاد انقطاع الكهرباء، بما في ذلك في “المنطقة الخضراء” التي تضم الأحياء الراقية ومنازل المسؤولين ومؤسسات رسمية، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الرئيسية جراء انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي (٥٠٠ ليرة للدولار) وفرض إجراءات صارمة في كيفية تصريف وسحب المدخرات من المصارف العامة والخاصة.
وساهم ذلك بانتشار “أمراء الحرب” وحصول انقلاب في الشرائح الاجتماعية، لصالح بروز “حرس جديد” من رجال الأعمال شكلوا ثروة طائلة في السنوات الأخيرة بشكل سريع من دون أن يحمل قيماً أخلاقية للانتقال من طبقة إلى أخرى، ويرى الآن أن مصلحته في استمرار الحرب، إضافة إلى انتشار مستفيدين من تأجيل الشباب عن الذهاب إلى الخدمة العسكرية الإلزامية.
وتحدث زوار لدمشق عن انتشار ظاهرة الرشى على حواجز التفتيش، أحدها يسمى “حاجز المليونين”، والمرور عبره يكلف مبالغ طائلة لأنه يؤدي إلى سوق استهلاكية رئيسية، فيما يسمى آخر بـ”حاجز الألف”، لأنه يؤدي إلى محلات السهر.
كما عادت ظاهرة الخطف وارتفاع نسبة الجريمة في شوارع دمشق ومناطق أخرى، بحيث تحولت إلى نوع من أنواع “التجارة” ومصدر الثروة.
ولوحظ أيضاً تداخل أو تنافر العلاقات بين “القوى” التابعة للنظام ومراكز القوى الإيرانية وغرفة العمليات والإمداد اليومي الآتي إلى مطار دمشق الذي يشرف عليه الجانب الإيراني، إضافة إلى بدء بعض قادة “الدفاع الوطني” في طرطوس واللاذقية بنسج علاقات ومصلحة مع قادة القاعدة العسكرية الروسية في حميميم في اللاذقية.
وتمكن ملاحظة زيادة نفوذ إيران و”حزب الله” في دمشق وريفها من مطار دمشق إلى حدود لبنان، مقابل تعاظم حضور روسيا في طرطوس واللاذقية باتجاه حلب.
ولوحظ في الأسابيع الماضية خروج موالين للنظام إلى بيروت ودول أخرى لـ”بدء حياة جديد من دون القطع مع دمشق”، وخروج مثقفين وسياسيين معروفين بصلابتهم وعنادهم إلى دول غربية.
ونقل صحافي غربي عن أحد الخارجين قوله: “بت أخاف من رؤية تعليقات كتبتها على صفحة فايسبوك قبل سنتين أو ثلاث. وصرت التفت حولي الشارع من الخوف. كنا نعرف قواعد اللعبة مع النظام الذي تشدد، خصوصاً حرسه الجديد. الآن هناك لاعبون كثر ورؤوس عدة ليسوا تحت سيطرة مطلقة للنظام. الأمور تغيرت وارتفعت جدران الخوف إلى حد لا يمكن تعوده أو التعايش معه… والهامش ضاق جداً، إلى حد الانعدام”.
[sociallocker] [/sociallocker]