on
خبير اقتصادي: تدني الليرة ناجم عن أسباب خارجية وليست داخلية
تشهد الليرة التركية هبوطاً ملحوظاً في قيمتها منذ اليوم الأول للانتخابات الأمريكية ، على الرغم من تأكيد بورصة إسطنبول أن مؤشرات الفائدة وميزان المدفوعات تسير على ما يرام.
ووفقاً للخبير الاقتصادي “جنيد باشاران”، فإن السبب الرئيس وراء تدني الليرة هي الانتخابات الأمريكية وما يتوازى معها من حالة قلق تدفع المستثمر في المصارف الأمريكية إلى سحب أسهمه وودائعه ووضعها في مصارف الدول الأخرى، فيضطر البنك المركزي الأمريكي للتدخل رافعاً قيمة الفائدة لاستقطاب الاستثمارات من جديد، الأمر الذي يُعيد للدولار قيمته وبالتالي يعود المستثمر لسحب أسهمه من مصارف الدول الأخرى، بما فيها تركيا فتسقط الليرة، ويحدث ذلك بشكل متموج وليس ثابتا، بمعنى يمنح الليرة للحفاظ على قيمتها لفترة وفقدانها لفترة أخرى.
وأضاف باشاران أن الانتخابات الأمريكية تسببت في تدني قيمة الليرة بنسبة 8% منذ بدء حملاتها الأولى وحتى يومنا هذا، مشيراً إلى أن البنك المركزي الأمريكي رفع مؤشره للفائدة بنسبة 4% منذ سبتمبر / أيلول، وتؤكّد الادعاءات أن البنك المركزي الأمريكي سيعمل على رفع الفائدة بشكل أكبر في ديسمبر / كانون الأول القادم، وهذا ما أثر على عملات الدول الموازنة لعملتها بالدولار، حيث تدنت العملة الماليزية بنسبة 4% وعملة جنوب أفريقيا بنسبة 3% خلال الربع الأخير من العام الجاري.
وأوضح باشاران أن المستثمر باع جميع ما هو خارج الدولار، رغبةً في رفع استثماراته بالدولار عقب تداول وسائل الإعلام الأنباء خبر رفع المركزي قيمة الفائدة، منوّهاً إلى أنه على الرغم من أن كافة العملات تدنت بسبب رفع الفائدة إلا أن الليرة التركية كانت الأكثر تدنياً.
وأرجع باشاران ذلك إلى محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تاريخ 15 تموز/ يوليو، والتي عادت على تركيا بالنتائج الاقتصادية السلبية أهمها: تخفيض شركة موديز للتصنيف الائتماني الخاص بها، متمماً أن انخفاض الطلب على الليرة التركية أدى إلى تهاويها، وأثر في النمو الاقتصادي بشكل سلبي.
وأردف أن انخفاض الطلب الداخلي والاستثمار الخارجي في تركيا أديا إلى انخفاض النمو الاقتصادي إلى ما دون 3%، ودفعا صندوق النقد الدولي ودويتشه لتوقع النمو الاقتصادي في تركيا لعام 2017 إلى 2.9%، موضحاً أن الحساب الجاري “الفارق بين الصادرات والواردات المالية والمادية” في تركيا إيجابي والسياسة الاقتصادية العامة جيدة، ولكن تلاعب المركزي الأمريكي المستمر بقيمة الفائدة الخاصة بالدولار يؤثر سلباً في الليرة التركية وما يتصل بها من مؤشرات للنمو والاستثمار.
وفي ختام مقاله “حساسية الليرة التركية” المنشور عبر صحيفة خبر ترك، أكّد باشاران أن الشعب التركي يعمل على تطهير نظامه الداخلي من براثين تغلغل جماعة غولن، بالإضافة إلى إرساء النظام الرئاسي، وتروج وسائل الإعلام الغربية لذلك على أنه “توجه نحو السلطوية” ولذلك، للأسف، تأثير كبير في توقع المستثمر.
وفي إطار التعليق على ذلك، رأى الباحث الاقتصادي “راتب القديسي” أن تدني الليرة نتيجة ارتباطها بالدور أمراً عادياً، موضحاً أن تهاوي الليرة ليس بالضخم بل هو في مستوى عادي يمكن السيطرة عليه من خلال نقطتين أساسيتين:
1ـ فك ارتباط الليرة بالدولار وربطها بحزمة موسعة من العملات الأخرى، للتحرر من سعر الفائدة الأمريكية وتوسيع الطلب على الليرة التركية.
2ـ تطوير منافذ استثمارية متعددة لتحريك الودائع لدى الشعب والمستثمر الأجنبي، الأمر الذي يزد الطلب على الليرة التركية.
3ـ خفض المركزي التركي عرض الليرة التركية من خلال رفع الفائدة وبالتالي جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية غير المباشر بشكل خاص، مما يرجع لليرة التركية قيمتها، وبالتالي يعيد للنمو الاقتصادي وتيرته السابقة من التقدم.
ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي “أسفندر كوركماز” أن تركيا بحاجة إلى دفع عجلة انفتاحها الاقتصادي الذي تعمل على تحقيقه منذ فترة، مبيناً أن الحساب الجاري يؤثر سلباً على الليرة التركية، فكلما ارتفعت قيمة الحساب الجاري السلبية انخفضت قيمة العملة التركية.
وفي مقاله “كيف يمكن إيقاف الارتفاع السلبي للحساب الجاري” أشار كوركماز إلى أن تعجيل العمل في مركز إسطنبول التمويلي سيكفل لتركيا تدفق أحجام ضخمة من العملة التي ستزيد الطلب على العملة التركية من خلال اضطرار المستثمر الأجنبي صرفها لليرة التركية لاستخدامها في عملية الاستثمار، لذا لا بد من تعجيل العمل في المركز وإرفاقه بزخم إعلامي دعائي واسع.
صدى الشام