“درع الفرات” تتقدم نحو الباب لتدقّ أبواب حلب المدينة


مع استمرار فصائل “الجيش السوري الحر” المنضوية ضمن عملية “درع الفرات”، في تقدّمها أمس السبت ضمن معاركها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، فإن السباق على قضم القرى والبلدات التي باتت سيطرة التنظيم فيها رخوة في ريف حلب الشرقي، يبدو متواصلاً وعلى أشده كذلك، بين فصائل “الجيش الحر” و”قوات سورية الديمقراطية”، والتي أخضعت لسيطرتها قرى جديدة، في المنطقة نفسها الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة الباب، وهي أهم معاقل “داعش” حالياً شرقي حلب، وإليها تتجه الأنظار، كأهم تركات التنظيم في المحافظة. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كان وصول فصائل الجيش الحر إلى مدينة الباب، سيترك أثراً على يوميات مدينة حلب، لكون الباب هي أقرب المناطق إلى شمال حلب، بالتالي يرى البعض أن هناك فرصة أمام المعارضة السورية المسلحة، التي تدعمها تركيا، لفرض خط أحمر جديد في حلب المدينة، انطلاقاً من الوصول إلى الباب، علماً أن المناطق المحيطة بالباب تتقاسمها أربعة أطراف: داعش والمليشيات الكردية، وفصائل الجيش الحر وقوات النظام السوري. من هنا، أصبح السباق بين المقاتلين الأكراد والفصائل العربية في الجيش الحر، يكتسب قيمة إستراتيجية تتعلق بمصير حلب المدينة لقربها من الباب. انطلاقاً من ذلك، يرى كثيرون أن تسليم داعش مناطق محاذية للباب، إلى المليشيات الكردية، خطوة تهدف إلى إعاقة وصول “الجيش الحرّ” إلى المدينة، وهو ما يستفيد منه بالدرجة الأولى النظام السوري، نظراً إلى عدم تشكيل المقاتلين الأكراد في صفوف “سورية الديمقراطية” خطراً عليه.

ومنذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت ملامح التسابق على تركات تنظيم “داعش” تتضح في ريف حلب الشرقي، إذ إنه عقب بدء عملية “درع الفرات” المدعومة تركياً، وتهاوي قوة التنظيم تباعاً في تلك المناطق، بدا كأن “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، تسابق فصائل “درع الفرات” لوضع اليد على ما أمكن من القرى والبلدات التي تتهاوى فيها قوة “داعش”. ويبلغ هذا السباق أشده هذه الأيام، مع مواصلة “الجيش الحر” زحفه في ريف حلب الشرقي، وتزايد الحديث عن اقتراب بدء معركة طرد التنظيم من مدينة الباب.

وأحرزت فصائل “درع الفرات”، أمس السبت، تقدّماً جديداً في المواجهات التي تهيئ لها الوصول لمدينة الباب، إذ سيطرت على ثماني قرى جديدة، كانت تخضع لتنظيم “داعش”، وتقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الباب، وهي: بصلجة، الشعيب، حليصة، أكداش، وحج كوسا، والعون، وبليسة، وسلوى. وجاء تقدّم مقاتلي “درع الفرات” بعد اشتباكاتٍ مع مسلحي “داعش”، إذ أكد القيادي في “فرقة السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الحر” أبو الوليد العزي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “السيطرة على المواقع الجديدة، جاءت بعد تكبّد التنظيم خسائر كبيرة، إثر توسيع الهجوم على مواقعه من عدة محاور في شمالي مدينة الباب، حيث تحتدم المعارك بشكل عنيف”.

في موازاة ذلك، كانت مصادر محلية في ريف حلب قد أكدت، أن “قوات سورية الديمقراطية” بسطت نفوذها على قرى قرط كبير وقرط صغير والشيخ ناصر، وتقع إلى الشرق من مناطق تقدّم “درع الفرات” الجديدة. واتهم العزي تنظيم “داعش” بـ”بتسليم قرى قرط صغير وقرط كبير والشيخ ناصر لقوات سورية الديمقراطية، وذلك قبل وصول الجيش السوري الحر إليها”، متوعداً في الوقت ذاته بأن “الجيش الحر سيتخذ الإجراءات الكفيلة باستعادة تلك القرى من المليشيات الانفصالية”. وتقع كل هذه القرى التي فقدها “داعش” خلال الساعات الأخيرة، إلى الشمال الشرقي من مدينة الباب، بنحو 15 كيلومتراً فقط. وتترامى على طول هذه المسافة وعرضها، العشرات من القرى الصغيرة والمتوسطة، الخاضعة للتنظيم حالياً، وتعمل فصائل “درع الفرات” لبسط نفوذها فيها، قبل الشروع في فتح معركة مدينة الباب.

ولكن “قوات سورية الديمقراطية” بدورها، تحاول بالتزامن مع ذلك، بسط نفوذها على ما أمكن من قرى كانت خاضعة لـ”داعش” في ريف حلب الشرقي، وقد سيطرت أمس على ثلاث قرى غربي منبج، وباتت على بعد كيلومترات قليلة من مناطق سيطرة “درع الفرات”، كما بسطت نفوذها قبل ذلك، على قرى أخرى غربي بلدة تل رفعت، شمال غرب مدينة الباب. كما أن قوات النظام السوري استثمرت حالة التشظي التي أصيب بها مسلحو “داعش” في الأسابيع القليلة الماضية، في ريفي حلب الشرقي والشمالي الشرقي، وبسطت نفوذها على نقاطٍ وقرى كانت خاضعة للتنظيم، أبرزها مدرسة المشاة، والتي فقدتها المعارضة السورية قبل نحو سنة إثر معارك مع التنظيم.

وعلى الرغم من أن مناطق النفوذ في ريف حلب الشمالي الشرقي، تبدو معقدة نسبياً، في ظل وجود نفوذٍ هناك لـ”سورية الديمقراطية” و”داعش” و”الجيش السوري الحر”، إضافة لقوات النظام ومليشيات مساندة له، فإن معطيات الأشهر الثلاث الماضية في تلك المناطق، تشير إلى تفوقٍ ملموس لفصائل “درع الفرات”، والتي بسطت نفوذها خلال ثمانية أسابيع، على مسافة تقدر بنحو 90 كيلومتراً على طول الحدود السورية التركية، وبعمقٍ يبلغ وسطياً ما بين 15 و20 كيلومتراً، وتقول إنها ماضية في معاركها إلى حين طرد “داعش” من مدينة الباب، أهم معاقل التنظيم في ريف حلب الشرقي.

في موازاة ذلك، واصل طيران النظام الحربي، أمس السبت، شنّ غاراته في مناطق مختلفة تسيطر عليها المعارضة السورية شمال ووسط وجنوبي البلاد، موقعاً المزيد من الضحايا المدنيين. ففي وسط البلاد، قال المتحدث باسم “مركز حمص الإعلامي”، محمد السباعي، لـ”العربي الجديد”، إن “جرحى مدنيين سقطوا جراء قصف مدفعي من قوات النظام على الأحياء السكنية في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، تزامناً مع استهداف حي الوعر المحاصر في مدينة حمص بمدافع مضادات الطيران الأرضية”.
أما في محافظة إدلب، فقد أعلنت مديرية الدفاع المدني عن مقتل طفل وجرح ستة مدنيين بينهم طفل وثلاث نساء، جراء سبع غارات شنها الطيران الحربي التابع للنظام على مدينة بنش، كما أصيب مدنيون بجراح وحروق جراء قصف جوي على بلدة حزارين، في حين طاول قصف مماثل مدينتي كفرتخاريم وتفتناز في ريف إدلب الشمالي. كما أفاد الدفاع المدني في ريف دمشق، عن سقوط جرحى جميعهم نساء وأطفال، نتيجة قصف بأربع غارات من طيران النظام، على بلدتي أوتايا والنشابية في غوطة دمشق الشرقية، فيما سقط جرحى آخرون بهجماتٍ جوية مماثلة، استهدفت بلدة عربين.



صدى الشام