on
فليت مون: من يقف وراء هجمات باب المندب؟
هل كان هناك هجوم ثانٍ في باب المندب؟ ومن هم المهاجمون؟
سؤال طرحه الصحفي المتخصص في الشؤون البحرية، ميخائيل فويتينكو، في مستهل تقريرٍ نشره موقع “فليت مون“، المتخصص في تتبع البواخر والسفن.
ورصد التقرير بعض الحوادث البحرية التي أُبلِغ عنها خلال الأيام القليلة الماضية:
– أطلقت مجموعة مسلحة تستخدم قاربًا صغيرًا قذيفة آر بي جي على ناقلة الغاز الطبيعي المسال KGALICIA SPIRIT، أثناء مرورها بجوار جزيرة بريم الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، بين ساحل جيبوتي واليمن.
الحادث الذي وقع صباح يوم 25 أكتوبر 2016، لم يسفر عن إصابات. والأضرار التي لحقت بالسفينة كانت طفيفة. ولم يتمكن المهاجمون من اعتلاء ظهر السفينة خلال الحادث، بحسب مجموعة تيكاي للشحن المالكة للناقلة.
– ناقلة أخرى كانت في طريقها من قطر إلى مصر، تعرضت لهجومٍ صباح يوم 27 أكتوبر 2016 أثناء إبحارها في مياه البحر الأحمر. وهو الحادث الذي أكده موقع teekay.com المتخصص في الشحن البحري.
– في اليوم ذاته (27/10) قالت قناة العربية: إن ناقلة الغاز الطبيعي المسال MELATI SATU تعرضت لهجومٍ في مضيق باب المندب، باستخدام قذيفة آر بي جي.
طاقم الناقلة أرسل نداء استغاثة، استقبلتها سفينة إماراتية، مررتها إلى سفينة Majesty Riyadh التابعة للبحرية السعودية، التي توجهت بدورها فورًا إلى موقع الهجوم واستطاعت إنقاذ ناقلة MELATI SATU، ثم رافقتها حتى عبرت باب المدنب بأمان.
كانت الناقلة في طريقها من أوكرانيا إلى الهند، ولم يتضح بعد موقع الهجوم ولا توقيته بدقة. وأشارت العربية بأصابع الاتهام إلى من وصفتهم بالقراصنة والمتمردين الحوثيين.
موقع “فليت مون” قال: إن وصف قناة العربية MELATI SATU بأنها ناقلة غاز يثير سؤالا: هل أخطأ التقرير، أم كان هناك هجوم آخر؟
الحوثيون أم القراصنة الصوماليون؟
هناك روايتان رئيسيتان حول هوية المهاجمين؛ تشير إحداهما بأصابع الاتهام إلى المقاتلين الحوثيين، وتقول الأخرى إن القراصنة الصوماليون هم المسؤولون عن هذه الحوادث.
لكن ” فويتينكو” استبعد كلتا الروايتين:
– أولا: أعلن المتمردون الحوثيون مسؤوليتهم عن تدمير سفينة إمدادا إماراتية (SWIFT 1) مطلع أكتوبر، لكنهم نفوا بشدة استهداف هجمات سفن البحرية الأمريكية بهجمات صاروخية. وبرروا الهجوم على SWIFT 1 بالطابع العسكري للسفينة الإماراتية، معتبرين أنها تستهدفهم مباشرة.
البحرية الأمريكية قالت في وقت لاحق إن لديها بعض الشكوك حول المهاجمين الذين أطلقوا الصواريخ على سفنها، وأنها غير متأكده ما إذا كانو هم الحوثيون أم جهة أخرى.
الآن دعونا نتأمل المكاسب المحتمل أن يجنيها الحوثيون من مهاجمة سفن الشحن في باب المندب والبحر الأحمر:
يخوض الحوثيون حربًا أهلية في اليمن، ويقاتلون من أجل السيطرة على البلاد. وهم، من الناحية المنطقية، لا يرغبون في تعطيل الشحن في أحد أهم الممرات البحرية في العالم. كما أن لديهم ما يكفي من الأعداء بالفعل، ولا يحتاجون إلى استعداء المزيد من الأطراف ضدهم، خاصة إذا كانت دول قوية. وسبق أن نفوا أي نية أو محاولة في هذا الصدد.
– ثانيًا: أما هجوم القراصنة الصوماليين فيتناقض مع الحجم الكبير لناقلة الغاز الطبيعي المسال، ولم يحدث من قبل في التاريخ الحديث أن هاجم هؤلاء القراصنة هذا الطراز من الناقلات، وهو ما يرجع لعدة أسباب واضحة:
هذه الناقلات عبارة عن حصون منيعة تقريبًا؛ بفضل سرعتها العالية وارتفاعها الشاهق. كما أنه من المستحيل وقوعها في الأسر ولو بحصارها لأسابيع، أو حتى أشهر.
يمكن وصف القراصنة الصوماليون بأي شيء إلا الغباء، وهم يتمتعون بخبرة واسعة في اختيار الأهداف ومهاجمتها واختطافها، وهناك أهداف أخرى أكثر ربحية وسهولة بكثير.
هناك مسألة أخرى تتعلق بالغرض من الهجوم.
هل هو هجوم تدريبيّ؟ أم أنهم يبعثون برسائل إنذار وتحذير لكافة السفن في المنطقة مفادها أن القراصنة عادوا إلى مسار الحرب مرة أخرى، مثلما كان فرسان العصور الغابرة يُحَذِّرون أعدائهم قبل الهجوم؟ أليس ذلك مهين نوعًا للقراصنة؛ لأنه يظهرهم كما لو كانوا مجموعة من الحمقى؟
ما هي حقيقة ما حدث إذا (سواء كان الهجوم واحدًا، أم أكثر)؟
الصحفي المتخصص في الشؤون البحرية لديه رواية مختلفة، يعتقد أنها مقبولة بالقدر ذاته على الأقل إذا قورنت بالروايتين السابقتين:
أي توتر يخيم على هذه الممرات البحرية الحيوية، سواء كان باب المندب أو مضيق هرمز، يؤدي مباشرة إلى رفع أسعار النفط. صحيحٌ أن هذا التأثير قد لا يكون ضخمًا، وقد لا يمتد لفترة طويلة، لكنه واقع برغم ذلك.
هل الحوادث التي تقع في مضيق هرمز، وتتعلق بالجيش الإيراني والبحرية الأمريكية، لها أي دلالة من الناحية العسكرية؟
لا. ويدرك الجميع أن الجيش الإيراني لا يمكنه على الإطلاق مباراة البحرية الأمريكية (مثلما لا يُقارن الجيش الروسي بالقوات البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي).
تهديد مفتعل تحت السيطرة.. ذلك أفضل!
كل الدول المنتجة للنفط تمر بوضع صعب، خاصة البلدان التي تعتمد على البترول كمصدر رئيس للدخل، نتيجة تدهور أسعار النفط بشكل عام.
وإذا تحدثنا عن الشحن، فإن الأطراف الأكثر اهتماما بمستوى الأسعار، مثل منتجي الشرق الأوسط، لا يرغبون في إغلاق الممرات البحرية الرئيسية، لكنهم مهتمون بإيجاد تهديد مستمر يخيم على هذه الطرق، سواء كان حقيقيًا أم مختلقًا.
والأفضل أن تكون هذه التهديدات مفتعلة، لأنها حينئذ تكون تحت السيطرة.
في انتظار المعجزة
دعونا الآن ننظر إلى الدول المنتجة للنفط الأكثر شعورًا باليأس، والتي أهدرت ثروتها النفطية ودمرت إلى جانب ذلك اقتصاداتها.
أحد هذه الدول، هي: روسيا.
يمر الاقتصاد الروسي بحالة مزرية. ويجب على السيد بوتين وأتباعه إلى التمسك بالسلطة، لأنهم إذا فقدوا مناصبهم، سيفقدون حريتهم تبعا، وعلى الأرجح حياتهم.
كما لا يمكنهم إجراء أي إصلاحات حقيقية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، لأن القطار فات بالفعل. وكل ما يأملونه الآن هو: حدوث معجزة، وارتفاع أسعار النفط والغاز.
تكتيكات تهدف إلى النجاة
لطالما كانت روسيا- ولا تزال- تسكب المزيد من الوقود على نيران الفوضى التي يموج بها الشرق الأوسط، وتستفرغ في ذلك وُسعها.
وروسيا الحديثة ليست لديها أي أخلاق على الإطلاق، ولا تحترم أي قوانين، ولا يوجد ما يردعها عن القيام بما يلزم- أيًا كان- لنشر المزيد من الفوضى، على أمل أن هذا الوضع سيفضي في النهاية إلى رفع أسعار النفط، وبالتالي إنقاذ الاقتصاد الروسي.
ليست هناك استراتيجية يسير الكرملين وفقا لها، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية، بل هي تكتيكات فقط.، تهدف إلى: النجاة.
عمليات سرية تحت ستار الإرهاب أو القرصنة
وتمتلك روسيا وإيران أكثر مما يكفي من الموارد في الشرق الأوسط لشن أي نوع من العمليات السرية، تحت ستار “هجوم إرهابي” أو “هجوم قراصنة”؛ بهدف خلق شعور من عدم الاستقرار.
بينما الهدف الرئيس هو: (1) إما رفع أسعار النفط (2) أو على الأقل عدم السماح بمزيد من الانخفاض.
ميخائيل فويتينكو- فليت مون