on
لم يبق مكان المعارضة السورية تلجأ إليه بعد فوز ترامب
أحمد عيشة
من المرجح أن رئيس الولايات المتحدة الرئيس المنتخب يقبل سياسة روسيا بقصف المتمردين لإجبارهم على المفاوضات
جنود موالون للحكومة السورية يلوحون بأيديهم وهم يسيرون على طريق في شرق حلب. صورة: جورج كوارفاليان / أ ف ب / صور غيتي
بينما كان دونالد ترامب يدعي النصر يوم الأربعاء، كان قادة المعارضة السورية يختتمون اجتماعًا في ستوكهولم كان من المفترض أن يرسم خريطة طريقٍ للخروج من المأزق في حلب، ولكن بدلًا من ذلك، تبددت آمالهم في الفوز في الحرب الأهلية المستمرة من خمس سنوات.
لقد وضعت مجموعة من القادة السياسيين ورؤساء الجماعات المسلحة كثيرًا من الأمل في هيلاري كلينتون، التي كانت قد اقترحت عندما كانت وزيرة الخارجية، أنَّ دعمًا قويًا للمعارضة يمكن أن يخدم المصالح الأميركية.
ترامب، من ناحية أخرى، كان قد تحدث عن دعم بشار الأسد، والأهم من ذلك، كان قد أعرب عن إعجابه بـ: فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، حيث إن دعمه للرئيس السوري قد غيَّر بالفعل الصراع لمصلحته.
“كانت ردة الفعل بسيطة”، فقد قال أحد المشاركين في الاجتماع، بينما كنا نتحدث عن خطاب النصر لترامب، “هزَّ أحدُ القادة كتفيه وقال “نحن مثل الصراصير، لا شيء يمكن أن يقتلنا، وبعد ذلك يمكنهم مواصلة عملهم.”
بعيدًا من التبجح، كان هناك اعترافٌ واضحٌ بين الحاضرين بأن ترامب سيؤيد سياسة بوتين بقصف المعارضة وإجبارها على التفاوض، بينما يتم تجويع المجتمعات التي تدعمهم حتى يستسلموا.
ويتوقع قادة المعارضة السياسية، بأن يصوغ الرئيس المنتخب للولايات المتحدة سياسته في سورية على أنها معركة ضد الدولة الإسلامية في آخر معاقلها في شمال شرق البلاد. لا يختلف موقفه تمامًا عن موقف الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، على الرغم من أنَّ إدارة أوباما، قد أمضت أيضًا عدة سنوات في محاولة لتنظيم قوة معارضة متماسكة –حيث وفرَّت التدريب والأسلحة المحدودة، المقتصرة على 70 وحدة من وحدات المعارضة- وباستمرار كانت تطالب الأسد بالرحيل والتخلي عن السلطة إلى حكومةٍ انتقالية. الفريق الانتقالي الخاص بترامب قد أبدى تشككًا في الاستثمار أكثر لدى المعارضة.
أحد المحللين الروس المؤثرين في الشؤون الخارجية، فلاديمير فرولوف، أعلن يوم الخميس بثقة، أنَّ ترامب من غير المرجح أن يقف في طريق بوتين، وسيقبل في كانون الثاني/ يناير كأمرٍ واقعٍ ما تقدمه روسيا له.
“قد لا يكون هذا بعيدًا جدًا من الحقيقة”، قال مسؤول أوروبي بارز شارك في المناقشات بشأن سورية. “نحن نتوقع أنه سيتنازل إلى بوتين عن أشياء كثيرة. هذا التنازل هو في الواقع أكثر بساطةً بالنسبة إليه. وقال إنه سيتعاقد مع مصادر خارجية لذلك يركز على داعش.”
المقاتلون المتمردون في حلب يتابعون أخبار انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. صورة: عبد الرحمن اسماعيل / رويترز
حتى الآن لم تنفذ روسيا تهديداتها باستخدام حاملة طائراتها المتمركزة قرب قبرص في سحق ما تبقى من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرق حلب، المصير الذي سيكون حاسمًا لمن يفوز في الحرب. وقد شهدت الفترة التي سبقت تصويت يوم الثلاثاء في الولايات المتحدة باعتبارها نافذةً مغريةً لبوتين لإنهاء المهمة التي بدأها قبل أكثر من عام وزاد من حدتها خلال الصيف مع بدءِ الهجوم العنيف على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، الهجوم الذي جعل كثيرًا من مناطق شرق حلب غير صالحةٍ للسكن.
لقد أشار ترامب بالفعل انه سيسحب دعم الولايات المتحدة المتبقي للمعارضة السورية، التي لا تزال متشبثة في شرق حلب، والريف المجاور للحدود التركية، واقترح أيضًا أنَّ بقاء الأسد يمكن أن يمنع المزيد من التطرف. كان الأسد سريعًا في اغتنام موقف ترامب، حيث أعلنت المتحدثة باسمه بثينة شعبان، في حديثٍ إلى الإذاعة العامة في الولايات المتحدة، NPR، عن “استعدادٍ للتعاون”، مضيفةً أنَّ الانتخابات الرئاسية قد أرسلت “رسالةً مهمةً جدًا إلى العالم”.
لقد رفضت بشدة شخصيات من المتمردين مواقف ترامب قبل الانتخابات على مدى عدة سنوات من الاجتماعات، حيث طالبوا خلالها مرارًا بالأسلحة التي يمكن أن تبعد عنهم الأسلحة الروسية التي تغيّر ميزان المعركة، وأصروا على ألا -يكونوا ضحيةً للإرهاب- وكان الأسد قد عزّز صعود المتطرفين، من أجل أن يشتت أهداف التمرد.
ويقول مسؤولو المعارضة باستمرار إنهم ضحوا كثيرًا في معارك طرد داعش في كثير من مناطق شمال سورية، لافتًا إلى وجود أكثر من 1500 إصابة، فضلًا عن فقدان الأرض لمصلحة القوات السورية في الوقت الذي يقاتلون فيه داعش.
الثنائية “الأسد أو الإرهابيون” خطٌ قد تمت تسويته باستمرار من نقاد المعارضة، الذين يقولون إنهم لا يمكن لهم أن يبقوا مع المتمردين في المكان نفسه بينما هناك جماعةٍ جهاديةٍ أخرى، جبهة فتح الشام، هي من بينهم، وتقود هجومًا حاليًا ومستمرًا على حلب الغربية الموالية.
إن كان على الولايات المتحدة أن تسحب دعمها، فإن هذا يعني أن وكالة المخابرات المركزية ستلعب دورًا أقل بكثير، أو لا تلعب أي دور على الإطلاق، في فحص الأسلحة التي يتم إرسالها إلى سورية من تركيا. وثمة وظيفة جوهرية لوكالة المخابرات المركزية هي ضمان عدم إعطاء الأسلحة المضادة للطائرات، والتي يمكن أن تكون مؤذية ضد الطائرات المدنية، إلى الجماعات المتمردة.
الجبهة الجنوبية، والتي كانت منطقة نشطة لعمليات وكالة المخابرات المركزية والمسؤولين الأردنيين، كانت متوقفة عن المعركة، غير أنهم أعادوا الإمدادات إليها خلال الأشهر الستة الماضية. لا تزال الحدود التركية هي خط التزويد الوحيد المعقول للمتمردين الذين تنفد بسرعة خياراتهم – ويتلاشى الدعم عنهم من كل الأمكنة الأخرى.
المملكة العربية السعودية، التي زودت وحدات المتمردين الذين تثق بهم وكالة المخابرات المركزية، بالصواريخ المضادة للدبابات التي أهلكت مدرعات الأسد المهترئة، قد انسحبت بشكل متزايد من سورية، وقال مسؤولٌ سعودي كبير إلى جريدة الغارديان في أيلول/ سبتمبر إنَّ سورية لم تعد من الأولويات الإقليمية الخمس في المملكة. لقد اعتمدت تركيا أيضًا مواقف مختلفة في الأشهر الأخيرة، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان –وهو الذي كان المؤيد الأكثر صلابةً للمعارضة السورية- فقد بقي صامتًا عندما بدأ الهجوم الروسي في شرق حلب والذي لاقى انتقاداتٍ دولية واسعةَ النطاق.
على أرض الواقع، على الرغم من ذلك، اتخذت تركيا دورًا أكثر مباشرة داخل سورية، فأرسلت مدرعاتها لدعم “القوات العربية السورية” التي وصلت إلى مسافة تبعد 11 ميلًا من بلدة الباب السورية، ومعظم معاقل داعش في الغرب منها.
وفي الوقت نفسه، أصرت على الولايات المتحدة، التي تعاونت مع القوات الكردية السورية للمضي قدمًا إلى معقل داعش، الرقة، بعدم دخول هذه القوات إلى المدينة نفسها. ويقول مسؤولون أتراك أنهم تلقوا تأكيداتٍ من الجيش الأميركي أن وكلاءهم الأكراد سيقومون بعزل الرقة فقط، وأنه لم يتم اتخاذ أي قرارٍ بدخول المدينة قبل تنصيب ترامب.
وقال أحد قادة المتمردين الكبار، الذي لا يزال يتلقى أسلحة عبر تركيا لا خيار لنا سوى القتال، حتى ولو تراجع التأييد. “على الأقل هو لا يدعي”، وقال المسؤول نفسه عن ترامب. “شاهدت التلفزيون ويقال إنه كنا نحصل على كل هذه الأسلحة من أوباما. أين كانت؟ لم أكن أراها!”
اسم المقالة الأصلي | Syrian opposition left with nowhere to turn after Trump’s victory |
الكاتب | مارتن شولوفMatin Chulov – |
مكان النشر وتاريخه | الغارديان، The guardian، 11/11/2016 |
رابط المقالة | https://www.theguardian.com/world/2016/nov/11/syrian-opposition-left-with-nowhere-to-turn-after-trumps-victory |
المترجم | أحمد عيشة |
المصدر