on
مواهب سورية : استثمار الأزمة للتسويق
تغلبت الأزمة السورية خلال سنواتها الستّ، على البرامج الاجتماعية والفنيّة التي تقدم عبر الفضائيات العربية. لم تكن صدفة أن يستثمر بعض المعدّين، أو صنّاع هذه البرامج، أزمة اللاجئين السوريين المنتشرين في معظم العواصم العربية والأوروبية. على العكس، يبدو أن الطريق يسير في اتجاه تصاعدي لمزيد من الاستثمار في قضايا اللاجئ السوري تحديداً، ما قد يُسهم برأي المتابعين بنسبة مشاهدة، وعاطفة تزيد من نجاح البرنامج.
قبل عامين، بدأت بعض البرامج الفنية الخاصة في المواهب تستقبل في تركيا تحديداً مجموعة من المشتركين السوريين. هذه المشاركة لم تحمل إدارة هذه البرامج على الاستثمار في حال وأحوال اللاجئ السوري الذي أصبح مقيماً في تركيا، ويريد فقط أن يُفجّر موهبته على الهواء أمام الناس.
عبد الرحمن سعيد، سوري هاجر إلى إسطنبول مع بداية الأحداث في سورية، أواخر عام 2011، وشارك في برنامج “آراب غوت تالنت” بالنسخة التركية. ولم تُسجل إدارة البرنامج أو فريق الإعداد تقريراً عن سعيد، يخبرنا عن معاناته جراء الهجرة، والإيحاء للمشاهد التركي أنه سوري، أو إجبار المشاهد على التعاطف من وراء الشاشة. ولولا سؤال عضو لجنة تحكيم “غوت تالنت تركيا” سعيد عن اسمه، فيجيبه بأنه سوري، لما عرف المتابعون أن سعيد من سورية، ويعمل في مطاعم وملاهي إسطنبول بألعاب الخفّة والسحر، وذلك ما ساهم في انتقاله إلى المراحل المقبلة من برنامج المواهب.
وقبل أسابيع قليلة، تقدّم الشاب السوري، غارو كرابيت، إلى برنامج “ذا فويس” بالنسخة التركية. ولم تعرف لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة فنانين أن الشاب المشارك هو من سورية، على الرغم من غنائه باللهجة اللبنانية، بداية الاختبار الأول الذي يشمل مرحلة الصوت فقط. غارو، السوري الأرمني، حظي بتعاطف كبير من قبل عضوين في لجنة التحكيم، وانتقل إلى المرحلة الثانية، وقد ذكر أنه من أصول سورية فقط.
في “فويس كيدز” العام الماضي، كان واضحاً، قبول عدد من الأطفال السوريين في المسابقة الغنائية، على الرغم من المحاذير الواجب اتخاذها لمن هم في سن الطفولة. لكن ذلك، لم يثن إدارة البرنامج عن الاتجاه لتسليط الضوء على حياة السوريين النازحين، دون أي هدف أو نتيجة من وراء هذا الاستثمار الاعلامي.
افتتح برنامج “أرب أيدول” في نسخته الرابعة، أول من أمس، الحلقة، في زيارة قام فريق العمل إلى تركيا قبل عام ونصف العام. لكن اللافت، كان غياب أي من المواهب التركية عن “كاستنغ” البرنامج هذا الموسم، خصوصاً وأنها المرة الأولى التي يدخل فيها البرنامج إلى تركيا بحسب العرض.
المعروف أن عدداً من المغنين الأتراك، أعجبوا بالألحان العربية، وقاموا باستنساخ هذه الألحان بعد أن نظموا لها كلمات باللغة التركية، ونذكر منهم مصطفى صندل الذي عمد الفنان اللبناني، مروان خوري، إلى رفع دعوى قضائية بعد أن استنسخ ألحان أغنيات لخوري، وقدمها بكلمات تركية. وكذلك عمد بعض الفنانين الأتراك، إلى الاستعانة بألحان للفنانة أصالة، والفنان المعتزل فضل شاكر في عدد من الأغاني، وكذلك حال بعض من استخدم ألحاناً لأغاني نانسي عجرم.
على أن الاستنساخ لم يقتصر على الطرف التركي، فأبرز الفنانين في لبنان قاموا أيضاً بتعريب ألحان تركية وتقديمها باللهجة اللبنانية، ومنهم إليسا المعروفة في تركيا، والتي قدمت مجموعة من الأغنيات كان آخرها عنوان ألبومها السابق “حالة حب”، المصنوع موسيقيًا من لحن تركي، على كلمات مصرية.
هذا التبادل، كان لزاماً أن يقود أسرة برنامج “آرب أيدول” إلى البحث عن مواهب تركية، وهو لا يعفي، بالضرورة، البرنامج من الاستعانة أو استغلال المواهب السورية المهاجرة قسراً إلى إسطنبول، بعد اندلاع الثورة في سورية، والتركيز الواضح على حلم هؤلاء الشباب والمستقبل الذي كُتب لهم، بعيداً عن موطنهم الأم. خصوصاً أن المتابع العربي ما زال يذكر مشاركة الفنان السوري، عبد الكريم حمدان، في البرنامج العام 2013. حمدان من مدينة حلب السورية، استطاع أن يستثمر نفسه في البرنامج بموال حلب الذي قدمه في الحلقة الأولى من السهرات المباشرة، ويحظى بدعم استثنائي، بعد تعرض حلب لأشرس المعارك في ذلك الوقت. لكن الترويج، واستغلال الأوضاع الأمنية أحياناً والإنسانية، لم يدفع عبد الكريم حمدان، ولا زميله حازم شريفالفائز بالموسم الثالث من البرنامج ذاته، إلى التقدّم وتحقيق الأهداف التي بنى عليها حمدان وشريف آمالهما عند عرض البرنامج. على العكس تماماً، تراجع حضورهما، لأسباب كثيرة منها قلة الإنتاج والعروض التي قدمت لهما، وكذلك البحث عن صانع أو مكمّل لهذا النجاح، بعد أن استثمرا أنفسهما غناءً، وقدّما أجمل ما عندهما من موهبة واحتراف، تضاءل مع الوقت، بعد أن استهلك البرنامج مجموعة أخرى من الهواة السوريين مروا هم أيضاً مرور الكرام، ونسيهم الجمهور والمتابعون.
ليس بعيداً عن “أيدول”، فإنّ برنامجه الشقيق، “أرب غوت تالنت”، عمل على الاستثمار الواضح في القضية السورية عام 2013، أفضى إلى فوز فرقة “سيما” للرقص التعبيري الاستعراضي. ففتح الباب يومها على هذا الخطّ في البحث عن كل ما له علاقة بالنزوح والهجرة، من النافذة الفنيّة غناء وتمثيلاً ورقصاً. للقول إن هذا النوع من البرامج، ينمّي أو يُساعد هذه المواهب في عز الأزمة.
صدى الشام