on
تجارة التبغ في الجزيرة السورية.. المخاطرة لسدّ الرمق
جيرون
على الرغم من خطورة التدخين، إلّا أنّ تجارة التبغ تعدّ من أكثر التجارات المربحة في عموم سورية، ولكن في مناطق حدودية مثل الجزيرة السورية تغدو هذه التجارة سببًا لغنى كثيرين بشكل مريب، لا بل يصل الأمر بهم إلى توسيع تجارتهم هذه بشكل أكثر تنظيمًا؛ بالاتفاق مع تجّار يعدون شيوخ المهنة، وعلى الرغم من الخطر المحدق بهذا النوع من التجارة، إلّا أنه يشكّل مصدر رزق لعديد من المواطنين.
تجارة لسدّ رمق العيش على الرغم من الخطورة
يقول رضوان بيزي، أحد باعة الدخان في سوق القامشلي لـ (جيرون): “تجارتي في الدخان تعد تجارة محددّة، أعني أتعامل مع كميات صغيرة أبيعها في كشكي الصغير ضمن السوق، وقد امتهنت هذه المهنة منذ أكثر من عشر سنوات؛ كوني لا أجيد عمل أي شيء آخر في الأوضاع الحاليَّة”، وعن مخاطر هذه التجارة، يقول: “خلال سنوات ما قبل الثورة، كانت هذه التجارة خطرة؛ وخاصة النوع المهرّب من التبغ عبر الحدود التركية أو العراقية، وما كان يتضمّن من مخاطر مع جهازَي أمن الدولة والأمن العسكري، التابعَين للنظام السوري، وقد قتل عدد من المواطنين في أثناء قيامهم بتهريب التبغ، سواء على يد أفراد الجيش التركي، أو عناصر الأمن السوري على الحدود، ولكن الأوضاع الآن أشدّ خطورة”، وعن طريقة التهريب الحاليَّة يتابع: “يتمّ التهريب في الوقت الراهن عن طريق معبر (سيمالكا) الحدودي مع إقليم كردستان العراق، وأحيانًا يتم الأمر عن طريق الحدود التركية، ولكن بخطورة شديدة، وقد فقد كثير من المهرّبين حياتهم من جرّاء إطلاق النيران عليهم”.
وعلى الرغم من خطورة وتعقيد هذه التجارة، إلّا أن لها مخارجها ومداخلها المجهولة إلى البلد، وعن هذا الموضوع، يقول أحد المهرّبين، رافضًا الكشف عن اسمه، لـ (جيرون): “هناك طرق متعددة لتهريب التبغ، إلّا أن الطريق الأكثر عملًا به في الأوقات الراهنة هو طريق معبر سيمالكا الذي يوصل إقليم كردستان العراق بالأراضي السورية، ولكن بطرق غير شرعيَّة، بينما طريق تركيا مغلق منذ فترة طويلة نسبيًا، على خلفية التشديد الأمني الحاصل من الجانب التركي”، ويتابع: “ثمة ارتباط مع مجموعة من التجّار داخل المنطقة، وتكون الآلية كالتالي: نقوم بإدخال كميات كبيرة من الدخّان إلى المنطقة، ثم توزَّع توزيعًا فرديًا على تجّار صغار؛ ليوزعوها على تجّار الجملة بأسعار متفق عليها مع التجّار الكبار في هذه المهنة”، وعن الأسعار يتابع: “في الحقيقة الأسعار مرتفعة، حيث نشتري الكميات الكبيرة من التبغ بالعملة الأجنبيَّة، عن طريق وسطاء” وأشار أيضًا إلى أنّ ما يسمى بـ “الإدارة الذاتية الكردية” تفرض رسومًا جمركية على أنواع الدخان المختلفة التي تُدخَل؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ارتفاعًا آليًّا، سواء الجملة منها، أو المفرق، الأمر الذي يؤثر في عملية الشراء والبيع”.
مواد غير خاضعة للرقابة
في ظلّ فوضى التجارة، تغدو عملية الرقابة صعبة، وفي حالة تجارة مثل تجارة التبغ المهرّب، تغدو عملية الرقابة أكثر تعقيدًا، هذا الأمر يؤدي إلى إدخال أنواع مختلفة من الدخّان، غير مأمونة الجانب من الناحية الصحيَّة، كما أنّ الأنواع المختلفة تكون رديئة الصنع، والمواد الداخلة في تركيبها منتهية الصلاحية، وأحيانًا غير قابلة للاستخدام البشريّ، وبهذا الصدد، يقول الطبيب المختص بأمراض الجهاز التنفسي، محمد سعدون، لـ (جيرون): “لا شكّ في أن التدخين سبب رئيس لعديد من الأمراض المختلفة، ولكن كمّ الأمراض التنفسية ازداد في السنوات الأخيرة”، ويعزو سعدون الأمر إلى أسباب عديدة من بينها: “الجو غير الصحي بعد ازدياد نسبة تلوّث الهواء؛ بسبب مولّدات الكهرباء، ونوعية الوقود المستعمل، إضافة إلى أنواع الدخان غير معروفة المنشأ، والتي تدخل إلى المنطقة بطريقة غير منتظمة، وغير خاضعة للرقابة كليًّا”، وتابع: “الأمر خطر جدًا، فهنالك أنواع من التبغ قد تؤدّي إلى أمراض مزمنة، أو تتسبّب في الموت المباشر، وفي ظلّ ندرة طرق المعالجة، وانعدام الرقابة، تكون العملية معقدة وشديدة الخطورة”.
المصدر