on
“الخطوط الحمراء” التي لا يستطيع “ترامب” تجاوزها في علاقته مع الرئيس الروسي؟
مع نفي حملة ترامب لقاء مسئولين روس، إلا أن ذلك النفي يثير علامات استفهام كثيرة، وسط مؤشرات تقطع بأن هناك تقارب كبير بين دونالد ترامب والرئيس الروسي فلايديمير بوتين، ويعد الفزع الأوروبي بذاته أحد أبرز دلائل النمط الجديد في العلاقات بين روسيا وأمريكا بشكل تراه أوروبا يمثل تهديد لأمنها، كذلك الشرق الأوسط ونظرة ترامب للأزمة السورية وموقفه تجاه بوتين فيها يثبت مدى وجود علاقة وثيقة بين الطرفين وتنسيق للمواقف والتصريحات.
تصريحات حملة ترامب، ربما تأتي ردا على مؤشرات متنامية تؤكد تبني ترامب لمقاربة جديدة للعلاقات مع روسيا الخصم التقليدي لواشنطن حيث تدور منافسة وصراع شرس بين الطرفين على مناطق النفوذ في عدة مناطق استراتيجية منها الشرق الأوسط وسوريا بعهد إدارة أوباما أما بعد ترامب تتشكل خارطة جديدة للنفوذ لن يغير منها نفي حملة ترامب.
وبرغم مؤشرات التقارب الروسية الأمريكية بعهد ترامب يؤكد مراقبون أن الكونجرس ووزارة الدفاع والبنتاجون سيبقى لديهم الثقل الكبير في صناعة القرار والتأثير على البيت الأبيض، وبالتالي نغمة التقارب الظاهرية هذه قد تخفت وتظهر مناطق الصدام مجددا مع وجود خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها فيما يخص الأمن القومي الأمريكي ومجالات النفوذ العسكري.
الحملة تنفي .. وروسيا تؤكد؟
نفى عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني، علمه بتواصل فريق حملة دونالد ترامب الانتخابية مع مسئولين روس قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقال جولياني، لـCNN، تعليقا على تصريحات مسئولين روس عن لقاءات مع فريق حملة ترامب في السفارة الروسية في واشنطن، “أعرف أنه لم تحدث أي اتصالات من هذا النوع مع الحكومة الروسية”.
وأضاف: “لقد كنت منغمسا في تفاصيل الحملة، وكنت مع دونالد ترامب نهارا وليلا لحوالي 100 يوم، لذلك إذا كان شيء مثل هذا قد حدث، فقد حدث في مكان ما بعيدا عني”.
وأكد جولياني أن ترامب يرغب أولا في تعزيز القوة العسكرية الأمريكية، وقال: “سوف يتفاوض على السلام ولكن من موقف قوة وليس في ظل جيش تتراجع قوته”.
كانت قد نفت هوب هيكس المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الخميس، لقاء أعضاء بحملة ترامب الانتخابية مع مسئولين بالسفارة الروسية في واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت الثلاثاء الماضي.
وكان مصدر حكومي روسي قال، لـCNN، وزارة الخارجية الروسية أرسلت عرضا للتواصل مع فريقي حملة دونالد ترامب وحملة منافسته هيلاري كلينتون، واصفا ذلك بأنه “إجراء دبلوماسي عادي”.
وأضاف المصدر أن فريق هيلاري رفض التواصل بشكل رسمي ولكن زار أعضاء منه روسيا وعقدوا اجتماعات رفيعة المستوى مع مسئولين روسي، وتابع أن فريق ترامب رد بإيجابية على العرض الرسمي، ولكنه لم يسافر إلى روسيا بل التقى أعضاء من حملة ترامب بمسئولين روس في سفارة موسكو في واشنطن.
في المقابل قالت هيكس، لـCNN، ردا على سؤال حول ما إذا كان أعضاء بحملة ترامب التقوا مسؤولين بالسفارة الروسية، إن “هذا الكلام غير صحيح”.
احتفال بوتين بفوز “ترامب”
هناك العديد من المؤشرات التي ترجح صحة تسريبات لقاء جمع بين روس وحملة ترامب، برغم نفي حملة ترامب، منها فرحة موسكو بفوز ترامب، ففي الوقت الذي يعيش فيه الأوروبيون من حلفاء الولايات المتحدة على وقع الصدمة جراء فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية يبدو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ذروة سعادته ويتبادل الأنخاب مع من حوله، بحسب “سي إن إن”.
تقارب ليس في مصلحة أوروبا
فقد أعرب ترامب عن تشكيكه بفاعلية حلف شمال الأطلسي “ناتو”. وفي كتابه الصادر عام 2000 تحت عنوان “أمريكا التي نستحقها” كتب ترامب قائلا إن على دول شرق أوروبا أن تحل مشاكلها الإقليمية القديمة وحدها دون تدخل أمريكي.فالسيد ترامب لا يبدو أن لديه مخاوف مماثلة لأوروبا، حتى أنه عبّر خلال حملته الانتخابية عن موقفه من حلف الناتو قائلا إن أمريكا عليها ألا تُدافع إلا عن الدول التي تدفعها حصتها المالية بالكامل.
بما يؤشر على تقارب روسي أمريكي وتباعد أوروبي أمريكي بعهد ترامب، المقرب منه نيوت غينغريتش، المرشح لمنصب وزير الخارجية، فقد تجاوز موقف ترامب بالقول بأنه يشك في قدرة واشنطن على الدفاع عن أستونيا بحال تعرضها لغزو روسي، مضيفا أن الدولة الصغيرة الواقعة في شرق أوروبا تبدو فعليا “واحدة من ضواحي” مدينة سان بطرسبورغ الروسية، رغم أن تلك الدولة هي واحدة من بين حفنة محدودة العدد من الدول ضمن حلف الناتو تقوم فعليا بتسديد المتطلبات المالية الواجبة عليها.
حقبة جديدة
التحليل الذي نشرته “سي إن أن” يشير إلى أن حقبة وجود ترامب في السلطة ستزعزع الأسس التي تقوم عليها الالتزامات الأمنية الأمريكية تجاه أوروبا منذ عام 1941. أوروبا ما تزال تعتمد بشكل كبير على القدرات العسكرية الأمريكية، وخاصة في مجالات الردع النووي والقوة الجوية والمدرعات والخدمات اللوجستية وكذلك المعلومات الاستخباراتية، أما اليوم، فستسارع دول القارة للبحث عن طرق لحماية نفسها، وسيندم البعض منها على التأخر في فعل ذلك بعد التحذيرات الأمريكية العديدة لها من مغبة عدم الإنفاق على الدفاع.
قواعد جديدة للعبة
أما السيد بوتين بالمقابل، فقد حصل على أكبر دعم ممكن له في السلطة منذ توليه لها قبل 17 عاما. فهدفه الرئيسي كان على الدوام إعادة كتابة أسس الأمن الأوروبي، حيث تبحث روسيا عن طرق لتبديل اللعبة وقد اختبرت مدى صبر الغرب عام 2007 عندما شنت هجوما الكترونيا على أستونيا، وكذلك خلال حربها مع جورجيا عام 2008 وبعد ذلك ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وما تبع ذلك من تشققات وشروخ في الثقة تسببت بها موسكو في التحالف الأطلسي عبر استضافتها لإدوارد سنودن، المنشق عن وكالة الأمن القومي الأمريكية.فروسيا لم تواجه عقوبات كبيرة بسبب كل تلك التصرفات، وهي الآن أمام رئيس أمريكي جديد لا يؤمن بضرورة معاقبتها أصلا. اللعبة برمتها باتت بيد بوتين والفوز في المباراة بمتناول يده.
“روسيا -بشار- ترامب”
يعد موقف ترامب من الأزمة السورية بحد ذاته مؤشرا على نمط العلاقات القادمة بين ترامب وبوتين ومدى التفاهم والتناغم بينهما، الأمر الذي يقلق الأوروبيون ودول الشرق الأوسط، فإطلاق يد بوتين بالمنطقة، سيولد مزيد من الحرائق وتكريس الاحتلال ونزيف الدماء لأنه يعني بقاء بشار الأسد لفترة أطول وتمكين بوتين من التغلغل بمناطق نفوذ أخرى بدول المنطقة.
القلق الأوروبي صار مؤشر على عمق التقارب الأمريكي الروسي القادم، فقد ذكرت The Telegraph نقلا عن مصدر في الخارجية البريطانية أن الدبلوماسيين البريطانيين سوف يبذلون قصارى جهدهم لإقناع ترامب وفريقه بمواصلة نهج أوباما المتمسك بإزاحة الأسد.
وقالت The Telegraph أن مسألة إقناع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بضرورة استمرار سياسة إداراة باراك أوباما على الساحة السورية، سوف “تمثل الأولوية رقم واحد” بالنسبة إلى الدبلوماسيين البريطانيين في غضون الأشهر المقبلة.
لندن تعارض التحالف
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن لندن باتت على عتبة “أزمة دبلوماسية” مع واشنطن على خلفية خطط ترامب الرامية إلى التحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دعم “النظام السوري”، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين البريطانيين سوف يطلقون “مفاوضات معقدة للغاية، وصعبة إلى حد اللامعقول” مع ترامب في الفترة المقبلة حول موقفه تجاه روسيا، وأن لندن لا تعتزم تغيير نهجها على هذا الصعيد.
وختمت The Telegraph تعليقها بجملة نقلتها عن مصدرها في وزارة الخارجية البريطانية، قال فيها: “نحن على يقين تام بأنه لا محل في مستقبل سوريا للأسد الملطخة يداه بدماء 400 ألف شخص”.
كان دونالد ترامب قد قال في حديث خاص أدلى به لـThe Wall Street Journal السبت 12 نوفمبر/تشرين الثاني: “تصوّري للوضع في سوريا كان منذ البداية مختلفا بشكل كبير عن مواقف الآخرين. أرى أنه إذا ما كنتم تقاتلون سوريا فيما هي تقاتل “داعش”، فهذا يعني أنكم تدعمون “داعش”.
وأضاف: روسيا حليفة لسوريا في الوقت الراهن، فضلا عن أنها حليفة لإيران التي هي حليفة ثانية لسوريا وصارت أقوى من ذي قبل بفضلنا. كفاكم قتالا ضد روسيا وسوريا. قتال الأسد يعني قتال روسيا.
أما بشأن المعارضة السورية، أكد ترامب أنه يفضل وقف دعم ما يسمى بـ”المعارضة السورية المعتدلة”، وأشار إلى أنه لا يعرف هوية هذه المعارضة، ومن هم المنضوون تحت رايتها.
صقور أمريكا والمجال العسكري
لازال بوتين يواجه معارضة قوية داخل أمريكا من الصعب تجاوزها والطريق ليس ممهدا لحلف روسي أمريكي، بهذه البساطة، هذه ملفات مهمة أثارها المحلل العسكري لصحيفة “كومسومولسكايا برافدا” قائلا :”لتجنب الحرب مع روسيا، يجب على رئيس الولايات الجديد مقارعة صقور البنتاغون. فهل ترامب مستعد لذلك؟
وأضاف في تحليل بعنوان “وهل ترامب “حمامة”؟ نشره موقع “روسيا اليوم” :” خلال فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أدلى ترامب بالعديد من التصريحات بشأن العلاقات الأمريكية-الروسية في المجال العسكري.وفي حال تنفيذ وعوده، فإن هذا سوف يحدث تغييرا جذريا في سياسة واشنطن من المواجهة مع موسكو إلى التعاون معها. وهذا بالذات ما شدد عليه فلاديمير بوتين عندما هنأ ترامب بفوزه.ولكن، هنا، بالطبع، من الضروري معرفة “طبيعة” السياسة الأمريكية: فالوعود الانتخابية شيء – وتنفيذها شيء آخر.”
خطوط حمراء
وتابع:”فرئيس الولايات المتحدة، على الرغم من صلاحياته الكبيرة، ليس حرا كثيرا حتى في تحقيق أنبل نياته. إذ يوجد هناك الكونغرس، وزارة الخارجية والبنتاغون، وترامب لا يستطيع تجاهل هذه المؤسسات. كذلك هناك أيضا الصناعة العسكرية والنفط – اللوبيان الجباران، اللذان انتهت مواجهة بعض الرؤساء الأمريكيين معهما برصاصة في الرأس.”
وانتهى إلى أنه:”مهما كانت إيجابية الإشارات، التي أرسلها ترامب إلى الكرملين، لن يسمح له أحد أبدا ببناء علاقات عسكرية مع روسيا تنتقص من المصالح الوطنية للولايات المتحدة “العظمى” (ولا سيما مع روسيا، التي سماها بشكل مهين أوباما ذات يوم “دولة إقليمية”.