منع السكان من المغادرة وتعقبهم على الانترنت.. هكذا يعيش السكان في الرقة مع اقتراب المعارك منها

16 نوفمبر، 2016

شدد تنظيم “الدولة الإسلامية” القيود على تنقلات سكان مدينة الرقة، ووضعهم “تحت الإقامة الجبرية” وفرض تعتيماً كاملاً على أخبار المعركة الجارية على بعد كيلومترات عنهم لعزلهم تماماً، وذلك منذ بدء ميليشيا قوات “سوريا الديمقراطية” – التي يشكل المقاتلون الأكراد الجزء الأكبر فيها – هجوماً باتجاه أبرز معاقل التنظيم في سورية.

ومنذ سيطرة التنظيم على الرقة في 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحافيين. وقالت وكالة الأنباء الفرنسية، اليوم الأربعاء، إنها تمكنت التواصل مع مواطنين فضلوا استخدام أسماء مستعارة عبر حملة “الرقة تذبح بصمت” التي تنشط سرا في المدينة منذ نيسان/أبريل 2014 وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.

ويقول موسى (31 عاما) “بحكم الرقابة الشديدة التي يفرضها تنظيم داعش على الإنترنت فضلاً عن منعه لأجهزة الاستقبال الفضائي، فإن متابعة أخبار معركة الرقة” الجارية على بعد عشرات الكيلومترات “أمر صعب جداً”.

ويضيف: “نعتمد على ما ينقله لنا أشخاص تمكنوا من مشاهدة الأخبار عبر الانترنت وإن بشكل صعب جداً وخطر جداً”.

وتقتصر خدمة الانترنت في الرقة على مقاه معدودة بعدما قطع “تنظيم الدولة” خدمة الانترنت عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. كما ينفذ دورياً مداهمات على تلك المقاهي لبث الرعب بين السكان.

ويخاطر أحمد، وهو ناشط معارض (22 عاما)، من أجل الحصول على الأخبار الصحيحة للمعركة. ويقول: “أحاول الدخول إلى الإنترنت بين الحين والآخر، اتصفح صفحات معينة ولكن بحذر شديد بسبب تشديد تنظيم داعش الإرهابي على مقاهي الانترنت”، مشيراً إلى أن التنظيم “أغلق العديد من مقاهي الإنترنت داخل المدينة” منذ بدء الحملة، وكثف حواجزه الأمنية.

ولا تكمن الخطورة فقط في الوصول إلى الأخبار بل في الحديث عن المعركة بحد ذاتها. ويقتصر ما يروجه التنظيم عن المعركة الدائرة في ريف الرقة الشمالي، بحسب أحمد، على “قتل وتفجير عربات مفخخة بالأكراد”.

ويروي موسى أن الحديث المسموح به هو “ما يريده عناصر التنظيم أي الشائعات التي تقول إنهم يتقدمون ويكبدون الخسائر للطرف الآخر الذي لن يتمكن من دخول الرقة على حد قولهم”.

أما وضع المعركة الحقيقي “فلا يمكن الحديث عنه لأنه يؤدي للاعتقال وربما الموت”.

“حلم الخلاص”

وبرغم أن “تنظيم الدولة” حصن على مراحل معقله بالأنفاق وزرع الألغام لإعاقة أي تقدم محتمل نحو المدينة، إلا أنه وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استقدم أخيرا مقاتلين جدد مكلفين زرع الغام إضافية حول المدينة.

ويقول موسى: “نرى وجوها جديدة، وهذا دليل على تبديل العناصر بين مناطق الاشتباكات المختلفة من ريف حلب (الشمالي) وريف الرقة (الشمالي) والموصل” العراقية.

وكانت الرقة أولى المدن الكبرى التي سيطر عليها “تنظيم الدولة” في سورية، وتعد الوجهة الأساسية للمقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف “تنظيم الدولة”.

ويعيش فيها حوالي 300 ألف شخص، فيما ترجح تقديرات غربية وجود أكثر من عشرة آلاف من المقاتلين الجهاديين الأجانب مع أفراد عائلاتهم في المدينة التي تشتبه أجهزة الاستخبارات الغربية بأنها المكان الذي يخطط فيه التنظيم لتنفيذ هجمات خارجية.

ويغذي التنظيم منذ سيطرته على الرقة الشعور بالرعب بين الناس من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف أحكامه أو يعارضه.

ويتحدث كل من موسى وأحمد عن خوف سكان الرقة من تكثيف الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على المدينة في إطار الحملة الحالية.

وقتل في مدينة الرقة عشرات المدنيين جراء غارات التحالف الدولي منذ بدء عملياته ضد الجهاديين في سورية في صيف العام 2014.

ويقول موسى إن سكان الرقة “يخشون استخدامهم كدروع بشرية” من الجهاديين مع اقتراب المعارك خصوصاً أنهم ممنوعون من مغادرة المدينة، وهم “حالياً تحت الإقامة الجبرية”.

ويمنع “تنظيم الدولة” المدنيين من الخروج من الرقة من دون الحصول على إذن مسبق. ويقول الناشط في حملة “الرقة تذبح بصمت” أبو محمد “منذ أشهر عدة، بات الحصول على إذن مستحيلا”.

وتحدث أبو محمد “عن كثيرين يحاولون الفرار، ولكن إذا كشف أمرهم يتم اعتقالهم ومصادرة أموالهم. أما المهرب الذي يساعدهم فمصيره الإعدام”.

ومنذ إطلاق ميليشيا قوات “سوريا الديموقراطية” معركة الرقة، “حاولت عائلتان من 14 فرداً، بينهم أطفال، الفرار من المدينة خوفاً من الغارات التي قد ترافق الحملة وتشدد داعش الأمني”، وفق أبو محمد.

ويضيف أن عناصر “تنظيم الدولة”  “أمسكوا بهم”، بعدما كانوا وصلوا إلى قرية حزيمة (17 كلم شمال المدينة).

وسجن الجهاديون الرجال، وأعادوا النساء والأطفال إلى منازلهم في الرقة بعدما صادروا أموال العائلتين ومستنداتهما الشخصية. ويتخوف أحمد أيضاً مما قد يقوم الجهاديون به في حال وصلت المعركة إلى المدينة، “خصوصاً أننا نشاهد كيف يقوم التنظيم بتفخيخ وتفجير المناطق قبل انسحابه منها”.

ويتوقع محللون أن تكون معركة الرقة طويلة وصعبة مع شراسة مقاتلي التنظيم في الدفاع عن معقلهم. لكن موسى ينتظر بفارغ الصبر التخلص من “احتلال” التنظيم، ويقول “الخلاص هو حلم جميع أهل الرقة الأحرار”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]