هل يتحوَّل ترامب كابوسًا لبوتين؟


النهار

بدا الفوز المفاجئ لدونالد ترامب بالرئاسة الأميركية هدية من السماء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. طوال حملته الانتخابية، حمل المرشح الجمهوري لواء تحسين العلاقات مع روسيا. أغرق رجلها القوي بالصفات التي يطيب له سماعها: زعيم قوي، أقوى بكثير من زعامة رئيسنا، والرجل الممسك ببلاده بقوة. لمّح إلى إمكان اعترافه بالقرم وأبلغ حلفاءه الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي أنهم قد يضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم. وفي هذا كله، بدا كأنه يقرأ في لائحة تمنيات الرئيس الروسي. ولم يكن تصريحه أخيرًا عن عزمه على وقف الدعم للمعارضة السورية إلا الطلب الذي بُحّ وزير الخارجية سيرغي لافروف وهو يحاول إقناع نظيره الأميركي جون كيري به.

أما موسكو، فلم تبخل بالثناء على المرشح الجمهوري، وإن يكن على نحو أكثر خبثًا. حرص بوتين على الإشادة به باستخدام كلمة صعبة رأى محللون روس أنه يمكن فهمها بأنها إطراء، إلا أنها تعني أيضًا الإنسان الملون أو المبهرج على نسق الألوان التي تتسلل من سرادق كازينوات الملياردير الأميركي.  وسائل الإعلام الروسية خصصت له تغطية سخية مصوّرة إياه بأنه البطل الثائر الذي ينتفض على النظام الأميركي.

أما الآن، فانتهى وقت التملق والألاعيب الانتخابية. بعد الشمبانيا التي احتفل بها النائب القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي بفوز ترامب، صحت موسكو على واقع جديد ربما لم تكن هي نفسها تتوقعه. ولعل أقصى ما كانت تصبو إليه هو إيصال هيلاري كلينتون ضعيفة إلى الرئاسة.

في النهاية، ليس النزيل الجديد للبيت الأبيض حمامة. هو رجل لا يمكن التنبؤ بما سيفعله. مثله مثل بوتين أظهر كثيرًا من الازدراء للقانون والاعلام والتقاليد السياسية. ومع أن سياسته المعلنة حيال روسيا هي تحسين العلاقات بين الجانبين، لا شيء يضمن أنه سيلتزمها، خصوصًا أن مرشحين كثرًا لفريقه الحاكم يخالفونه الرأي في شأن موسكو ويميلون إلى سياسة حازمة حيالها.

بنى الرئيس الروسي كثيرًا من شعبيته في الداخل على عروضه الخارجية، بما فيها إجراء محاكاة لهجمات نووية على أسوج وإرسال مقاتلات للتحليق على علو منخفض فوق سفن أميركية وتنفيذ هجمات سيبيرية على مواقع أميركية رسمية وغير رسمية، مراهنًا دائمًا على تردد باراك أوباما وميله إلى سياسة ضبط النفس مع موسكو. يصعب التنبؤ بردود فعل ترامب على أي استفزاز. فعندما سئل في أيار الماضي عن تحليق مقاتلة “سوخوي” فوق سفن أميركية في البلطيق، حمّل أوباما مسؤولية ما حصل، وقال إن على أميركا إسقاط الطائرة إذا فشلت الديبلوماسية. الواضح أن بوتين سيكون أمام خيار صعب في السنوات الأربع المقبلة، فإما أن يلقي العصا التي يرفعها في وجوه خصومه، وإما أن يستعد لمواجهة ندّ لا يقل عنه تهورًا.

(*) كاتبة لبنانية




المصدر