on
التعليم في الجزيرة: نقص خبرات وقوانين
جيرون
بعد ازدياد الاختلاط والتداخل بين ما تقوم به مؤسسات ما يسمى بـ “الإدارة الذاتية”، والمؤسسات التابعة للنظام السوري (التي لا تزال تعمل في معظم مدن الجزيرة السوريَّة)، بدأت العملية التربوية تزداد تعقيدًا وسوءًا؛ ما دفع بآباء التلاميذ نقل أطفالهم إلى مدارس خاصّة تعتمد مناهج جديدة تختلف عن مناهج هيئة التربية التابعة لما يسمى بـ “الإدارة الذاتية”، وعن تلك التي تصدر عن مؤسسات النظام السوري، وعلى مدار أربع سنواٍت، بين أخذ وردّ، كانت النتيجة تخلّف نسبة كبيرة من التلاميذ والطلبة عن الحصص الدراسيَّة المقرّرة وهجرانهم للمدارس.
خطورة الوضع
يقول الموجّه في إحدى المدارس التابعة لـما يسمى “الإدارة الذاتية”، محمد حسين، لـ (جيرون) “العملية التعليمية تشهد توتّرًا وضعفًا شديدين في منطقة الجزيرة السوريَّة، وجميعنا يعرف الأسباب، ولكن ما من رادٍّ لهذا التدهور، أو محاولة إيجاد حلول بديلة عن الأنظمة التي تضرّ ولا تنفع″، وتابع قائلًا: “الأمر لدى الإدارة الذاتية لا يخضع لترتيبات مستقبليَّة، وكل القوانين والتغييرات تظهر ظهورًا اعتباطيًا غير مدروس، فمناطقنا -أساسًا- مهملة تربويًا منذ سنوات بعيدة، بحكم سلطة البعث وتفردها بالقوانين”، وعن خطورة أوضاع كهذه، يتابع: “في الحقيقة الوضع التربوي يشهد خطرًا كبيرًا، فتعثر العملية التربوية، على خلفية الصراعات المستمرَّة، أدّى إلى فقدان ثقة المواطنين بالعملية التربوية ضمن المدارس، سواء التابعة للإدارة الذاتية أو تلك التي تتبع النظام السوريّ، كما أنّ نسبة كبيرة من المعلّمين هجروا المنطقة نحو الخارج بعد فقدان الثقة بالقوانين الصادرة”.
كثرة عدد المدارس
أشارت دراسات وإحصاءات -في الآونة الأخيرة إلى أن عدد المدارس الخاصّة، في منطقة الجزيرة، بلغت ما يقارب الـ 20 مدرسة، موزعة ما بين مدارس تابعة للإدارة الذاتية الكردية، ومدارس خاصَّة تابعة للكنائس، وتوزّعت المدارس بالضبط وفق الترتيب التالي: 12 مدرسة في مدينة القامشلي، و5 في الحسكة، إضافة إلى مدرسة واحدة في الدرباسية، ومدرستان في المالكيَّة، كما أنّ مجمل أعداد المدارس التي بنتها الحكومة تراوحت -وفق إحصائية للإدارة الذاتية- ما بين الـ 1800 إلى 2000 مدرسة، وعن هذا الكم الهائل من المدارس، قال الباحث الاجتماعي جيان محمد: “كثرة عدد المدارس لا تشير إلى تطور العملية التعليمية، على النقيض تمامًا، فمن المعروف أن منطقة الجزيرة تتقاسمها سلطتان مختلفتان من حيث البنية الأيديولوجية، الأمر الذي يحدو بهما إلى فرض أسس تعليميَّة مختلفة وبلغات مختلفة تنعكس سلبًا على عملية التعليم”، وتابع “لا أعتقد أن الخبرات الموجودة في المنطقة ستستطيع أن تكمل العملية، وفق قوانين الإدارة الذاتية وتفرّدها بالسطوة ضمن مناطق سيطرتها، وفرض مناهجها التي لاقت استنكارًا بدعوى أدلجة تلك المناهج”.
يُذكر أن “الإدارة الذاتية” كانت قد أعلنت -خلال عامي 2015 و2016- أنّها أتمّت تدريب ما يربو على الـ 2000 معلّم ومعلّمة، على أسس تدريس مناهجها الخاصة بها للمراحل الدراسية الثلاث الأولى، بعد إضافة مادة “اللغة الكردية”، على أن الإحصاءات المعلنة -أيضًا- تشير إلى أنّ أكثر من هاجر هو من فئة المعلّمين والأطباء خلال أعوام 2014 و2015 و2016.
هجرة المدارس
ارتفعت نسبة التهرّب الدراسي على خلفية التخبّط في المناهج، وعدم استقرار العملية التربويَّة ضمن مناطق الجزيرة السورية، إضافًة إلى عدم وجود قوة صارمة لمنع هذا التسرّب من المدارس، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع نسبة العمالة غير القانونية في الوسط الطلّابي، كما أنّ اختلاف المناهج وتعددها ضمن منطقة واحدة تسبّبَت في شرخ كبير ضمن المجتمع بذاته، ويرى متابعون أن هذه الأوضاع ستتسبَّب في تأخّر العملية التربوية في المنطقة؛ ما يفرغ العملية التعليمية والتربوية من فحواها وأهميتها مستقبلًا، مع إهمال الأسس الضرورية لرفع سويَّة التعليم، فضلًا عن فقدان الثقة -عامة- بالقوانين التعليمية، مع إصرار الإدارة الذاتية على فرض نفسها كسياسة أمر واقع، وصياغة قوانين تفتقر إلى أسس علمية وتساهم في بطء العمل التعليمي التربوي.
المصدر