حرب سوريا؛ الانحدار إلى الرعب


تدهورت الانتفاضة الشعبية ضد الحكم المديد للأسدين الى حرب أهلية طويلة.
هنا نلقي نظرة على العناصر التي عمقت مأساة سوريا

مضى خمس سنوات على اندلاع المظاهرات في سوريا، وهي الأولى بعد أربعة عقود من حكم عائلة الأسد، قُتل خلالها مئات الآلاف من السوريين في عنف غير مسبوق، وهُجر حوالي ۱۲مليون من السكان داخليا – أكثر من نصف سكان البلاد قبل الحرب- وانجرفت البلاد الى حرب أهلية أكثر تعقيداً وتدهوراً تقوت فيها الثيوقراطية الجهادية السنية على حساب قوى المعارضة التي تناضل من أجل سوريا ديمقراطية.
دعمت القوى الإقليمية القوى المحلية المختلفة بهدف تحسين مصالحها الجيوسياسية على الميدان السوري .وكانت الولايات المتحدة في صدارة التحالف الذي اعتمد شن الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية المزعومة. وأيضا نفذت روسيا ضربات جوية في سوريا؛ عبر زعمها انها تستهدف اولاً الدولة الإسلامية، وعلى أرض الواقع تبين أنها تستهدف الميليشيات التي تشكل خطرا جديا على النظام.
تأتي الذكرى السنوية، وسط توقف للأعمال العدائية وتوسط أمريكي- روسي، الذي قلص العنف بشكل حاد في سوريا، مما سمح لفرق الاغاثة الانسانية بالدخول إلى بعض المناطق التي كانت محاصرة من قبل القوات الداعمة للحكومة ومجموعات المتمردين. لكن ظلت جهود الأمم المتحدة للتفاوض من أجل التوصل إلى تسوية لإنهاء الصراع غير مثمرة، وكذلك وصلت الى طريق مسدود المفاوضات بين الحكومة ومجموعات المعارضة، وداعميهم الدوليين الفاعلين، حول القضية الأساسية فيما اذا كان الرئيس الأسد يمكن أن يلعب دوراً في مستقبل سوريا.

حكم الأسد يُولد السخط

استولى حافظ الأسد على السلطة عن طريق مجلس عسكري بعثي في عام ۱۹۷۰، مركزاً السلطة بالرئاسة، جاء الأسد من الأقلية العلوية، طائفة شيعية عرفانية، عاشت في سوريا منذ وقت طويل، وشغلت مواقع هامة تحت الأنتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى. في شباط 1981 ، أمر حافظ الأسد القوات العسكرية بالقضاء على انتفاضة الاخوان المسلمين في مدينة حماه بوحشية، قتلت القوات السورية أكثر من 25000 من أبناء حماه. بالنسبة لخصوم النظام سيدعون للاحتشاد بقوة في 2011. أما بالنسبة للنظام، قُدم ابن حافظ بقالب مناسب للرد على المعارضة. ترأس الأسد على النظام، لم يكن نظاما أوتوقراطيا فحسب بل فاسداً، أثرا العديد من السنة الحضريين، وكذلك المسيحيين إضافة الى العلويين.عندما انعطفت الانتفاضة 2011 الى حرب أهلية، فإن الكثيرمن اعضاء جماعات الأقليات ظلوا موالين للنظام، و لم يفعل بعض السنة خوفا من الانتقام اذا تمكنت قوات المعارضة من الاستيلاء على دمشق.

صدى الانتفاضات العربية عبر منطقة مكبوتة

بدأ الربيع العربي في شهر كانون الأول من عام 2010 ، عندما أقدم بائع فواكه تونسي على حرق نفسه شاجبا الفساد. ألهم بعمله هذا الاحتجاجات في تونس وعبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأجبرت رؤساء أقوياء في كل تونس ومصر واليمن للتنحي. وأيضا أستلهمت هذه الاحتجاجات الأحداث العفوية التي ترافقت مع اعتقال 15من تلاميذ المدارس في مدينة درعا جنوب سوريا، الذين كتبوا على جدار المدرسة : ” الشعب يريد اسقاط النظام” وتم اعتقالهم وتعذيبهم، بعدها احتشد المتظاهرون وراءهم ووقعت صدامات مع الشرطة وانتشرت الاحتجاجات. الكثير من المظاهرات كانت تدعو لشيء ما متواضع بعيدا عن مطلب تغيير النظام: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإنهاء حالة الطوارئ التي مضى عليها نصف قرن، وحريات أوسع، وإنهاء الفساد. وعلى العكس من الرئيس التونسي العابدين بن علي ورئيس مصر حسني مبارك، رد الأسد على المتظاهرين بسرعة وبقوة في محاولة لإيقاف التمرد.

من الحركة الاحتجاجية إلى الحرب الأهلية

انتشرت الاحتجاجات المعادية للنظام بسرعة من درعا الى المدن الرئيسية مثل دمشق حمص وحماه. قدمت الأحداث في درعا معاينة للقادم أيضاً : أطلق الجيش السوري النار على المحتجين العزل وباشر باعتقالات جماعية طالت المنشقين والرجال والشبان، وذكر مراقبوا حقوق الإنسان أن عمليات التعذيب والإعدام من دون محاكمة تُرتكب باستمرار في مراكز الاحتجاز. بعد ذلك، في أواخر نيسان، استقدم الجيش السوري دباباته فارضا حصاراً شديدا على درعا. حيث ارتفع عدد المدنيين الذين لاقوا حتفهم إلى حد كبير، تم قطع الماء والكهرباء والتلفون، ومنُع إدخال الأدوية والطعام لمدة إحدى عشرة يوما وسط إدانة دولية عارمة، ومن جهته عرض النظام بعض التنازلات، لكن أيضا عاد نموذج درعا في كل مكان اندلعت فيه الاحتجاجات وكانت أطول وأكثر تكلفة.( استمر حصار حمص لمدة ثلاث سنوات وانتهى بصفقة والتي من خلالها غادر المقاتلون مع أسرهم المدينة. ) وبدأ خصوم النظام بتنظيم أنفسهم وحمل السلاح.

معارضة غير منظمة ومتشظية

 

في حزيران عام 2011 أعلن منشقون عن جيش الأسد تشكيل الجيش السوري الحر، وبعد ذلك ، بدؤوا بتلقي الحماية من تركيا. حتى تلك الفترة ، كان الجيش السوري الحر يتسلح من أسلحة النظام التي كان يتم الاستيلاء عليها، بقي التحالف سائباً وفضفاضاً، حيث تشكل من معظم الميليشيات المحلية، التي لم تنسق دائما مع بعضها لبعض في عملياتها العسكرية أو المشاركة في الصالح العام. أُسس أيضا النظير المدني في صيف عام 2011 ، في استنبول. دعى التحالف الوطني السوري لتشكيل حكومة في الخارج، وعلى الفور سارعت كل من الولايات المتحدة وتركيا وبلدان مجلس التعاون الخليجي وبلدان أخرى للاعتراف به كـ ” ممثل شرعي للشعب السوري.” لكن العديد من معارضي النظام داخل سوريا اعترفوا بأنه لم يحظَ بشرعية ليكون ممثلا للمعارضة. ومن هنا بدأت التحالفات بالتنافس والتكاثر.

انبثاق القاعدة والدولة الإسلامية

استغلت ميليشيات القاعدة أعمال القتل والتعذيب التي يرتكبها النظام وهي التواقة للفوضى في سوريا. في ٢٠١۲ أعلنت مجموعة تُدعى جبهة النصرة عن نفسها كفرع للقاعدة السوري، وبعد شهر دعى مسؤول القاعدة اﻷول أيمن الظواهري أبناء السنة من المنطقة باﻻنضمام الى الجهاد ضد النظام وضمت النصرة الكثير من المقاتلين السوريين واﻷجانب، كما أنها حققت نجاحات فعلية في ميدان المعارك مقارنة بقوى المعارضة اﻷخرى. وتشكلت في نيسان ٢٠١٣ مجموعة من بقايا القاعدة في العراق سمت نفسها الدولة اﻻسلامية انبثقت وتجاوزت حتى النصرة بوحشيتها. خلال بضع أشهر، تمكنت قواتها المشكلة حديثا من السيطرة على مناطق واسعة شرقي سوريا وغربي العراق. صعود الدولة اﻻسلامية والمجموعات المتطرفة الأخرى غذى الصراع الطائفي على نحو متزايد . وكان السبب في صعود المجموعات المتطرفة في سوريا ، جزئيا، من مسؤولية النظام، أراد النظام ان يقول للعالم، بأن عليكم اﻻختيار بين حكمه العلماني والبديل الجهادي. أطلق النظام المئات من المتشددين اﻻسلاميين من سجونه لتشويه التمرد. وسيشكلون مجموعات مثل أحرار الشام، التي اعتنقت أجندة طائفية.

المدنيون كأهداف
يمكننا القول أن كل من نظام اﻷسد والمجموعات المتمردة استهدفت المدنيين بشكل مستمر وراء المناطق التي يسيطرون عليها. فنظام اﻷسد استخدم اﻷسلحة الكيمياوي، في غوطة دمشق، أدت لمقتل أكثر من ١٤٠٠ شخص في صيف ٢٠١٣ وتحركت القوى العالمية لتفكيك ترسانة النظام الكيمياوية، لكن في سنوات تالية نشرت الحكومة السورية أسلحة تقليدية مدمرة التي سببت بالكثير من اﻻصابات في صفوف المدنيين.
واظب النظام استخدامه الدائم للحصار والقصف الجوي. هذه التكتيكات في العقاب الجماعي خدمت كأهداف مزدوجة، يقول المحللون: لقد رفع تكاليف المقاومة بالنسبة للمدنيين بهدف الضغط على المتمردين كي يذعنوا، وأيضا لمنع قوات المعارضة من تقديم بديل عملي لحكم النظام. في شباط ٢٠١٤ ، سمى مجلس حقوق اﻻنسان التابع لﻷمم المتحدة هجمات النظام المتواصلة على المدنيين ب ” جرائم ضد اﻻنسانية” و أشار الى أن بعض مجموعات الميليشيات ارتكبت جرائم حرب.
في أيار ٢٠١٤ ، أعلن اﻷمين العام لﻷمم المتحدة بان كيمون أن ما يقارب من ٣.٥ مليون سوري يقيمون في مناطق صعبة أو مستحيل الوصول إليها من أجل ايصال المساعدة اﻻنسانية، وكان هناك ٢٤٠ ألف من السكان تحت الحصار. وقد ارتفعت التكلفة بالرغم من قرار مجلس اﻷمن التابع لﻷمم المتحدة في بداية العام الذي هدف الى ضرورة تأمين الممرات للمساعدة اﻻنسانية، والهدن التي أجرها النظام مع بعض المناطق لم تقدم اﻻ القليل على مستوى المساعدات اﻻنسانية للسكان المحاصرين، ولكن يقول المهتمين بالشأن الإنساني هذا ما يجعل الطعام والدواء ورقة مساومة سياسية، وهذا ما قوض القواعد الفعلية ولحد بعيد.

من تمرد محلي إلى تدويل الحرب اﻷهلية
قاد تعميق الحرب اﻷهلية في سورية كل من القوى المعادية للنظام والموالية لتعتمد أكثرعلى الداعميين الخارجيين. كما أن القوى الرئيسية انخرطت أكثر فأكثر، وأصبحت سوريا ميدان معركة تخاض عليها الصراعات الجيوسياسية.
كلما ضعف جيش اﻷسد، كلما زاد النظام من اعتماده على كل من إيران وروسيا. إيران حليف النظام منذ عقود مصلحتها ببقاء الممر البري الحيوي لوكيله اللبناني حزب الله، استثمرت البلايين من أجل بقاء النظام. ومستشارو الحرس الثوري اﻻيراني متواجدون بكثرة لمساعدة جيش اﻷسد، واﻷعداد المتزايدة من اﻻصابات في صفوفه تشير الى مدى انخراطه في المعارك. كذلك هي حال اﻻصابات المتزايدة باطراد من قوى الباسيج ومقاتلي حزب الله.
تسعى روسيا فعليا من أجل بقاء النظام، وقدمت للأسد دعما دبلوماسيا قويا. وتردد موسكو باستمر بأن التدخل في ليبيا لم يكن شرعيا، والفوضى التي حدثت فيها مرتبطة بالقرار الذي اتخذه مجلس اﻷمن لمعاقبة النظام. دخلت روسيا الصراع مباشرة في أيلول ٢٠١٥ بنشر قواتها الجوية. بالرغم من ادعاء روسيا بأن ضرباتها الجوية ستستهدف أوﻻ الدولة اﻻسلامية، أحد المحللين قال إنها تستهدف بالغالب المجموعات المتطرف اﻷخرى، والكثير منها كان مختلطا مع متمردين أخرين. خاصة المتواجد منها بالقرب من خطوط الجبهة مع النظام. هذا ساعد النظام على تقوية سيطرته على المراكز السكانية على طول الخط الغربي من البلاد. وقد أعلنت روسيا عن انسحابها الجزئي من سوريا في آذار ٢٠١٦ .
قوات المعارضة، أيضا تعتمد على الدعم الخارجي. التقارب الذي حصل بين العربية السعودية وتركيا وقطر عزز عملية تشكيل جيش الفتح آذار ٢٠١٥ ، خُطط له، أن يتغلب على انعدام التنسيق بين مجموعات التمرد في الشمال، التي تضم مجموعة من المعارضة والمجموعات المتطرفة. وأيضا كما يشاع قدمت السي أي ايه تدريبات سرية وأسلحة لقوات المعارضة.

المحاولة الكردية في الحكم الذاتي

 

قاتل الأكراد لتوطيد واقع مناطق الحكم الذاتي في شمال سوريا، التي جعلتهم يستبدلون أصدقائهم وخصومهم من جماعات المعارضة العربية. وكان حصار الدولة اﻻسلامية لكوباني 2014 نقطة تحول. ومعركة طرد المجموعة المقاتلة، عززت من تأثير ونفوذ وحدات حماية الشعب الكردية (بي واي دي ) ضد الدولة الإسلامية. وقد ساعدت قوات الولايات المتحدة في طرد مقاتلي الدولة الاسلامية من كوباني، وواصلت تزويد قوات سورية الديمقراطية بقيادة كردية بالسلاح والدعم الجوي. لكن أولوية الـ بي واي دي انعطفت لتعزز الكانتون الكردي للحكم الذاتي في شمال سوريا. وتشير منطقة الأكراد الى كردستان الغربية. واهتم مقاتلو الـ بي واي دي في حماية أصدقاء الأكراد، ولم يقاتلوا المناطق التي تقع خارج ادعاءاتهم الكردية، والمناطق المختلطة بين العرب – والأكراد. وأحيانا تم اتهامهم بالتطهير العرقي في بعض المناطق. وتعتبر تركيا الـ بي واي دي امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي ينشط في تركيا، والتي تصنفها واشنطن منظمة إرهابية. وبدورها تعتبر الولايات المتحدة تركيا شريكا حيويا في الحرب ضد الدولة الإسلامية، وتواجه الولايات المتحدة معضلة عدم التفريط بالشريك التركي.

 

غابة دبلوماسية

 

لعل المحاولات المدعومة من اﻷمم المتحدة للتوسط من أجل الانتقال السياسي لإنهاء الصراع في سوريا، باءت بالفشل بسبب الخلافات بين اﻷعضاء الدائمي العضوية في مجلس اﻷمن التابع ، وقوى أخرى : العربية السعودية وقطر وتركيا والتي انحازت مع الوﻻيات المتحدة ضد نظام اﻷسد، بينما انضمت إيران الى روسيا في دعمها له. واستعملت كل من روسيا والصين مرات حق النقض ضد قرارات مجلس اﻷمن المتعلقة بسوريا، وهددت بفيتو رادع لوقف إجراءات حقوق اﻻنسان والعمل اﻻنساني، هذه المواقف تؤكد على اضمحلال دور الهيئة على اعتبار أنها جسم غير فاعل، رغم ذلك، تبقى اﻷمم المتحدة في مركز الجهود والمحاولات في التوسط لإحلال اتفاقية سلام. في حزيران٢٠١٢ أصبحت الوثيقة المتعددة اﻷطراف، التي عُرفت بوثيقة جنيف القاعدة في المفاوضات. وتدعو الى ” عملية سياسية بقيادة سورية” والبدء بتأسيس هيئة حكم انتقالي ” تشكلت على أساس التوافق المتبادل.” لكن الجولات المتعددة لمحادثات السلام لإنجاز هذه المبادئ كان حصيلتها لاشيء. فالقضية الجوهرية هي اﻷسد نفسه: ليس للأسد أي مصلحة في مفاوضات تؤدي إلى إنهائه سياسيا والمحافظة على دعم روسيا وإيران له، في حين أن احتمال بقاء اﻷسد في سياق المرحلة اﻻنتقالية هو لعنة للمعارضة وللكثير من داعميها- تركيا والعربية السعودية وبينهم الولايات المتحدة. في غضون ذلك، يفكر دبلوماسيون في مجلس اﻷمن كما يقال أن التقسيم الفيدرالي لسوريا هو المخرج، رغم أن الطرفين نظام اﻷسد والمعارضة الرئيسية اللذان يشكلان جبهة التفاوضية رفضا هذا المشروع. وقد أخذ وقف إطلاق النار الجزئي مفعوله في أوائل آذار 2016 .

أزمة اللجوء تضع الاتحاد اﻷوربي في نقطة الانهيار

 

لعل المحاولات المدعومة من اﻷمم المتحدة للتوسط من أجل الانتقال السياسي لإنهاء الصراع في سوريا باءت بالفشل، بسبب الخلافات بين اﻷعضاء الدائمين في مجلس اﻷمن ، وقوى أخرى : العربية السعودية وقطر وتركيا، التي انحازت مع الوﻻيات المتحدة ضد نظام اﻷسد، بينما انضمت إيران إلى روسيا في دعمها له. واستخدمت كل من روسيا والصين مرات حق الفيتو ضد قرارات مجلس اﻷمن المتعلقة بسوريا، وهددت بفيتو رادع لوقف إجراءات حقوق اﻻنسان والعمل اﻻنساني، هذه المواقف تؤكد على ضعف الهيئة باعتبارها جسماً غير فاعل، رغم ذلك، تبقى اﻷمم المتحدة في مركز الجهود والمحاولات في التوسط لإحلال اتفاقية سلام. في حزيران ٢٠١٢ أصبحت الوثيقة المتعددة اﻷطراف، التي عرفت بوثيقة جنيف القاعدة في المفاوضات. وتدعو الى ” عملية سياسية بقيادة سورية” والبدء بتأسيس هيئة حكم انتقالي ” تشكلت على أساس التوافق المتبادل.” لكن الجولات المتعددة لمحادثات السلام لإنجاز هذه المبادئ كان حصيلتها لا شيء. فالقضية الجوهرية هي اﻷسد نفسه : ليس للأسد أي مصلحة في مفاوضات تؤدي إلى إنهائه سياسيا، في ظل اعتماده الكبيرعلى دعم روسيا وايران ، في حين أن احتمال بقاء اﻷسد في سياق المرحلة اﻻنتقالية هو لعنة للمعارضة ولداعميها. أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب البالغ ٢٢ مليون تركوا بيوتهم بسبب العنف، قدر العدد ب ٧ مليون نزحوا الى مناطق داخلية وحوالي ٥ مليون هربوا للخارج. وعانت بلدان الجوار من العبء الثقيل الذي فرض عليها : لبنان، عدد سكانه ٤.٥ مليون يستضيف أكثر من واحد مليون من السوريين، واﻷردن، بأكثر من نصف مليون سوري، التي بدأت تعترض طريق اللاجئين وتمنعهم من اجتياز الحدود. تركيا هي بلد مضيف لما يقارب من ٣ مليون سوري، يجهدون طاقات ومصادر الحكومة. العمل المحدود وكذلك الفرص الثقافية المحدودة، وأمل ضعيف بأنه سيكون بمقدورهم حالا العودة الى وطنهم اﻵمن، حوالي واحد مليون لاجيء رحلوا إلى أوروبا، وساهموا بما دعته اﻷمم المتحدة بأزمة هجرة ولجوء اﻷكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وكان للنزاعات على كيفية توطين اللاجئين عبر اﻻتحاد اﻷوربي، قد وضعت اللاجئين في مهب من الفوضى، مهددة باقتراب نهاية نظام شنغن في الحدود المفتوحة في القارة والبدء بتحسين علاقته بتركيا حتى لو أخذت نهجا سلطوياً.

رابط المادة الأصلي : هنا.



صدى الشام