أصداء فوز ترامب في أوروبا الشرقية


الاتحاد

أريق كثير من الحبر، ونشر عدد كبير من المقاطع المصورة واسعة الانتشار على الإنترنت، تجادل بأن دونالد ترامب فاز بالانتخابات لأن الليبراليين، ومن بينهم طلاب الجامعات ووسائل الإعلام وجماعات الصفوة، منعزلون عن المجتمع الأميركي. ومضى الجدل ليؤكد هذه الحجة بالإشارة إلى جزع الليبراليين الشديد من هواجس السلطوية التي تتسلل إلى المجتمع بسبب فوز ترامب المفاجئ. ولكن ماذا عن الشعوب التي مرت بتجربة الزلازل السياسية وميراث السلطوية لديها ثقيل؟ وكيف يرى الليبراليون الشباب فيما كان يطلق عليه «الكتلة الشرقية» صعود ترامب؟

والإجابة المختصرة هي أن الصفوة الليبرالية في براغ ووارسو وتبليسي وصوفيا أصابتها هي أيضًا دهشة وخيبة أمل، كما حدث لكثيرين من الصفوة الليبرالية في الولايات المتحدة نفسها. وفي مقابلة مع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية قال نينو فارديشفيلي من العاصمة الجورجية تبليسي «لقد كانت هذه ضربة كبيرة لمن يؤمنون بأميركا الليبرالية الديمقراطية»! وبدوره يعتقد مارسين بوزانسكي، مدير برنامج استراتيجيات السلام والاستقرار في مؤسسة بولاسكي البحثية في العاصمة البولندية وارسو، أنه لا أحد يعرف كيف سيتحول خطاب حملة ترامب إلى طريقة في الحكم، وأن الانتخابات الأميركية كانت مثيرة للقلق للغاية. وأضاف: «شعرنا بالفعل بما يعنيه الحكم السلطوي من قبل، ولذا إذا رأينا ما قد يشير إلى أننا نتجه نحوه، فإننا نتصدى له وبسرعة»!

وفي جمهورية التشيك، التي أصاب فيها فوز ترامب المواطنين بالدهشة مثل أماكن أخرى كثيرة، أكدت «جيسي هرونسوفا» وهي تدرس في إنجلترا للحصول على درجة الدكتوراه أن «كثيرًا من الناس يشعرون بالرعب… ويمكنني أن أنقل لكم وجهة نظر والديّ. لقد عاشا بين عامي 1968 و1989 وتعرضا لسياسة الواقع والحب لفاكلاف هافيل، ثم التباس السياسة التدريجي على يد فاكلاف كلاوس وميلوس تسيمان… والآن يشاهدان السلام الليبرالي يتقوض عبر أوروبا ثم في الولايات المتحدة أيضًا». ولكن كثيرين أشاروا أيضًا إلى أن انتخابات واحدة لا تصنع نظامًا سلطويًا، وخاصة أن الولايات المتحدة تتمتع بمؤسسات مدنية وسياسية قوية.

وفي هذا السياق تعتقد «جوهانا سيدلاكوفا فامبيرسكا»، وهي سيدة أعمال مقيمة في براغ، «أننا لسنا أمام خطر السلطوية بل أمام أربع سنوات غير لطيفة فحسب… ومن صوتوا لترامب لن يربحوا أي مزايا خاصة أثناء رئاسته، وبمجرد أن يدركوا هذا سيضعف دعمهم أو يتلاشى». وتتفق معها في الرأي «سيمونا فالينتوفا» التي تعمل في قطاع الأعمال أيضًا في براغ. وترى «فالينتوفا» أنه يتعين على الشعب الأميركي ألا يشعر بالفزع لأنه سيجتاز هذا. وأشارت إلى الرئيس التشيكي المؤيد لروسيا، وهو واحد من عدد قليل من السياسيين التشيك الذين أيدوا ترامب.

ولكن آخرين يكنون احترامًا وثقة كبيرين في المؤسسات الأميركية وقدرتها على تقييد السلطوية. وتقول «تاتيا تشيكلادزه»، وهي من تبليسي وتدرس في ألمانيا للحصول على درجة الدكتوراه، إنها حين كانت تقرأ تعليقات أصدقائها الأميركيين «كنت أفكر فيما بيني وبين نفسي أن المؤسسات في الولايات المتحدة قوية، فهل تسمح لترامب بأن يطبع مؤسسة الرئاسة بطابعه الشخصي؟ أنا أشك في حدوث هذا بشدة»، وتتفق معها في الرأي جورجية أخرى تدعى «إلينا ليكا سيخنياشفيلي»، وهي مسؤولة بارزة في المركز القومي للملكية الفكرية في جورجيا، حيث قالت: «هذا ليس نهاية العالم… صدقوني لقد مررنا بهذا، وفعلنا هذا، وأنا متأكدة أن الشعب الأميركي والديمقراطية الأميركية لديهما القدرة على التصدي له».




المصدر