تجاوزت 25 ألفاً… أسعار صفيحة الزيت تحلّق في درعا


daraa-oil-1

مضر الزعبي: المصدر

سجّلت أسعار زيت الزيتون لهذا الموسم أرقاماً قياسيةً في الارتفاع في درعا التي اشتهرت بتصدير زيت الزيتون لغيرها من المحافظات ولخارج البلاد أيضاً، لكنّ الكثير من أهلها هذا العام يعجزون عن تأمين الزيت ولو حتى لأسرهم.

قبل العام 2011، كان موسم قطاف الزيتون هو أحد أهم المواسم الزراعية في محافظة درعا، فمعظم الأسر في المحافظة لديها اكتفاء ذاتي في محصول الزيتون، وبعضها كان يبيع الفائض عن حاجتها، وكان للموسم طقوس مختلفة عن باقي المواسم في المحافظة.

ومع بداية الثورة وحرب النظام ضد السوريين، بدأ موسم الزيتون يتراجع نتيجة لعوامل كثيرة أبرزها فقر الفلاحين، وعدم قدرتهم على تأمين المال اللازم للعناية الخاصة بشجرة الزيتون، وتحوّل الكثير من الأشجار إلى حطب للتدفئة، بعدما باتت الخيار الوحيد.

وفي حديث لـ “المصدر”، قال “فارس الرفاعي” أحد مزارعي الزيتون في محافظة درعا، إن الفلاحيين خلال الأعوام الستة الماضية واجهوا مجموعة من المصاعب والعقبات، كان من أهمها غياب المستلزمات الزراعية (أسمدة – مبيدات)، نتيجة منع قوات النظام إدخالها، بالإضافة لصعوبة في ري الأشجار بسبب الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المحروقات المخصصة لتشغيل المولدات.

وأضاف بأنه منذ مطلع العام 2013 بدأت موجة واسعة من تحطيب الأشجار، وذلك نظراً لارتفاع أسعار المحروقات وكون العائد من محصول الزيتون يغطي بأحسن الأحوال نصف تكلفة الإنتاج، لذلك ذهب قسم كبير من الأهالي والمزارعين لتحطيب الأشجار.

وأشار إلى أن قسماً من المزارعين قرروا مقاومة المصاعب والاستمرار بالعمل، لكن محاولتهم لم تكن مجدية، فنسبة الانتاج انخفضت لديهم بمقدار النصف، نظراً لعدم توفر المستلزمات الضرورية لنجاح الموسم.

25 ألف ليرة للصفيحة

انخفاض الإنتاج وعمليات التحطيب لم تكن جديدة في الموسم الحالي، لكن الجديد كان الارتفاع الجنوني بأسعار الزيت والزيتون، حيث سجلت أرقام قياسية في أسواق محافظة درعا.

وقال “سمير الزعبي”، أحد سكان ريف درعا الشرقي، لـ “المصدر”، إن سعر تنكة الزيت في الأسواق المحلية يبدأ بـ (25 ألف) ليرة سورية في الموسم الحالي، في حين كان سعر صفيحة الزيت (16 كيلوغراماً) في العام 2011، لا يتجاوز 2500 ليرة سورية في أفضل الأحوال، أي أن نسبة الزيادة وصلت إلى عشرة أضعاف خلال السنوات الست الماضية.

وأضاف بأن سعر الصفيحة الواحدة يساوي تقريباً متوسط الدخل الشهر للأسر والذي يتراوح بين (25 ألف) و(30 ألف) ليرة سورية، بينما في العام 2011، عندما كان متوسط الدخل (12 ألف) ليرة سورية، وكان المبلغ يكفي لشراء خمس صفيحات من زيت الزيتون، مشيراً إلى أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار، فإن مادة زيت الزيتون غير متوفرة بالأسواق بكميات كبيرة في الموسم الحالي.

“أم خالد” سيدة من مدينة درعا، قالت لـ “المصدر” إن سعر الكيلو من الزيتون يصل إلى 500 ليرة سورية، بعد أن كان في عام 2010 حوالي 30 ليرة سورية، مشيرة إلى أنها تحول التخفيف من الأعباء المالية، وذلك من خلال شراء كمية من الزيتون أقل مما كامت تشتريه في الأعوام الماضية، فبدل أن تشتري 40 كيلوغراماً، اشترت 20 فقط.

تكاليف إنتاج

ارتفاع أسعار الزيت والزيتون كان نتيجة طبيعية للارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج، فتكلفة إنتاج صفيحةٍ واحدةٍ من زيت الزيتون تقدّر بحوالي 10 آلاف ليرة سورية.

وقال “خالد العمر”، أحد تجار ريف درعا، لـ “المصدر”، إن العمالة تتقاضى مبلغ 30 ليرة سورية عن كل كيلوغرام من الزيتون، والكمية الوسطية لإنتاج صفيحة الزيت هي 100 كغ من الزيتون، أي أن تكاليف قطاف صفيحة الزيت تقدر بحوالي ثلاثة آلاف ليرة سورية، يضاف إليها مصاريف نقل من المزرعة إلى المعاصر، وأجرة العصر، فالمصرة تأخذ مبلغ 20 ليرة سورية عن كل كيلوغرام من الزيتون، أي ما يقدر بحوالي ألفي ليرة سورية للصفيحة، يضاف لها ثمن الصفيحة الفارغة وعمولة الوسيط خلال عملية البيع.

كل ذلك يصل مجموعه إلى حوالي 15 ألف ليرة سورية يدفعها الفلاح للحصول على صفيحة زيتٍ من إنتاج أرضه.

بدوره، قال “إبراهيم الأحمد”، مسؤول إحدى ورش قطاف الزيتون، لـ “المصدر”، إن المظلوم الأكبر هو العامل بالمقارنة مع أسعار السوق، فسعر مادة الزيت ارتفع 10 أضعاف، وسعر الزيتون المخصص للمادة ارتفع قرابة 17 ضعفا، كما أن المعاصر رفعت من أجورها 12 ضعفاً عما كان عليه في العام 2010، وكذلك الحال بالنسبة لأجور النقل، بينما ارتفاع أجرة العمالة كان فقط أربعة أضعاف، ففي العام 2010 كان العامل يتقاضى مبلغ 7.5 ليرة سورية عن كل  كيلوغرام زيتون يقطفه، والآن المبلغ هو 30 ليرة سورية، أي أنه من المستحيل أن يتمكن أي عامل من شراء ولو صفيحة زيت لأسرته.

مخاطر أمنية

وكان لاستهداف قوات النظام تجمعات المزارعين أثر وأضح في إحجام عدد منهم عن متابعة أعمالهم، وخصوصاً عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام بتاريخ 19 تشرين ثاني/نوفمبر من العام الماضي، عندما استهدفت معصرة على طريق الشيخ مسكين – نوى، غرب درعا، والتي راح ضحيتها 25 مدنياً من المزارعين، قضوا نتيجة استهداف قوات النظام للمعصرة.

وقال عضو الهيئة السورية للإعلام، “عمار الزايد”، لـ “المصدر”، إن استهداف قوات النظام العام المنصرم لمجموعة من المعاصر، ومنها معصرة مدينة الشيخ مسكين ومعصرة في مدينة الحراك شرق درعا، ألقى بظلاله على معظم الفلاحين خلال الموسم الجاري، وكان له دور في ارتفاع الأسعار، فالمسالة لم تعد فقط خسارة مالية بالنسبة للفلاح، بل تحولت لمجازفة بالروح.

حلول

وأشار “الزايد” إلى أن الجهات المعنية في محافظة درعا باتت تشعر بالقلق نتيجة الارتفاع الغير مسبوق في أسعار زيت الزيتون، وقد باشرت بالبحث عن حلول تضمن إعادة التوازن للأسواق المحلية، وذلك من خلال تشجيع الفلاحين على زرع أشجار الزيتون من جديد، مشيراً إلى ان سعر شتلة الزيتون مبلغ رمزي يقدر بحوالي 200 ليرة سورية.

وأضاف بأنه بدأ العمل على الحد من عمليات التحطيب، بالإضافة إلى تشجيع الفلاحين على العودة لمتابعة أعمالهم، وأكد أنه من طرح مجموعة من الحلول وبدأ العمل بها، إلا أن ذلك لا يعني تجاوز الأزمة، مشيراً إلى أنه إذا استمر الحال على وضعة سيصل سعر تنكة الزيت العام المقبل إلى 50 ألف ليرة سورية.





المصدر