دراسة: اللاجئون متعطشون للتعلم والعمل في ألمانيا


نشر معهد أبحاث سوق العمل الألماني نتائج دراسة بحثية حول اللاجئين. وفندت الدراسة مجموعة من الأفكار والتكهنات الكثيرة كدوافع النزوح والمستوى التعليمي للاجئين وحظوظ الاندماج. هذا المقال يشكف أبرز ما توصلت إليه الدراسة.

من هم بالضبط هؤلاء اللاجئون الذين وفدوا إلى ألمانيا؟ وما هي المؤهلات يحملونها لإنجاح عملية الاندماج؟ أسئلة دار حولها في الأشهر الأخيرة الكثير من النقاشات والتكهنات التي لا أساس لها من الصحة في أحيان كثيرة.

والآن يسعى المشرفون على دراسة برعاية معهد أبحاث سوق العمل (IAB) إلى إضفاء بعض الشفافية على النقاش. ومن أجل ذلك استجوب المعهد أكثر من 2300 لاجئ تتجاوز أعمارهم 18 عاماً. وتعد الرسالة الجوهرية التي يريد المعهد إيصالها هي: وجود مجموعة كبيرة من اللاجئين التي لديها مؤهلات عالية، ومجموعة كبيرة أخرى بمؤهلات ضعيفة لكن لديها استعداد كبير للتعلم والتدريب.

مؤهلات تعليمية عالية

وحسب الدراسة فإن 37 بالمئة من اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع كانوا في الثانوية العامة، 32 بالمئة منهم يتمتعون بشهادة جامعية أو شهادة من إحدى المدارس العليا. نسبة 10 بالمئة فقط من المستجوبين أفادوا أنهم حاصلون على شهادة المدرسة الابتدائية.

أما الذين لم يستفيدوا من التعليم فتصل نسبتهم إلى 9 بالمئة.. وعلى العموم قال 55 بالمئة من النازحين إنهم قضوا عقداً أو أكثر في المدارس العامة. وبالمقارنة مع الوضع في ألمانيا فنسبة الألمان الذين قضوا نفس المدة في المدارس العامة يصل إلى حوالي 88 بالمئة.

ورغم أن ظروف التعليم مختلفة جداً بين ألمانيا ودول اللاجئين إلا أن الباحثين يتحدثون عن وجود استعداد كبير للتعلم في صفوف اللاجئين. وعبر 46 بالمئة من المشاركين في الدراسة عن رغبتهم في الحصول على شهادة الدراسة المتوسطة الألمانية. أما 66 بالمئة فيخططون للاستفادة من تدريب مهني، فيما يطمح حوالي 23 بالمئة للحصول على شهادة جامعية.

تفاؤل باندماج اللاجئين في سوق العمل

وفيما يتعلق بسؤال متى وكيف سيُترجم اهتمام اللاجئين بالتدريب المهني والدراسة إلى فرص عمل في المستقبل، لا يستطيع الباحثون سوى إعطاء تكهنات تقريبية للمستقبل بناء على الاستطلاع الحالي. ويستخلص مدير المعهد هربرت بروكر بعض المعطيات من السنوات الأخيرة قائلاً: “بعد مرور ثلاث سنوات على وصولهم حصل حوالي 30 بالمئة من اللاجئين على عمل. وبعد مرور نحو خمس سنوات، ارتفع العدد إلى حوالي النصف”.  ومن جانبه يرى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) أن هذه الأرقام واقعية.

وتطرقت الدراسة أيضاً إلى الظروف المعيشية للاجئين، والنزوح، إضافة إلى القوانين الخاصة باللاجئين. وكشفت الدراسة أن نصفهم يعيشون في مساكن جماعية ما يثير انزعاج العديد منهم ويخلق حالات توتر في صفوفهم.

لكن الباحثين يرون ن ذلك ليس مقياساً لمعرفة نسبة الرضا عن الحياة العامة داخل المجتمع الألماني. وخلص الباحثون أن نسب رضا اللاجئين عن الحياة في ألمانيا لا تختلف كثيراً عن السكان الأصليين.

من جانب آخر كشف “الصندوق الأسود الخاص باللجوء”عن مجموعة من المعطيات الجديدة. ووفق هذه المعطيات فقد أنفقاللاجئون في المتوسط 7000 يورو على المهربين والمواصلات للوصول إلى ألمانيا. واستغرقت الرحلة في المتوسط 49يوماً.

وحسب صحيفة  دي تسايت” الألمانية فالمبالغ التي دفعها اللاجئون للوصول إلى ألمانيا تختلف من بلد إلى آخر”. أعلىالمبالغ دفعها النازحون القادمون من أفغانستان وباكستان بحوالي 12.040 يورو.  وتليها دول إيران والعراق ولبنانوفلسطين وسوريا.

أما القادمون من دول غرب البلقان وإفريقيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة ودول شمال إفريقيا فدفعوا في المتوسطحوالي 1.398 يورو.

أما عن اختيار ألمانيا كملاذ أجاب اثنان من أصل ثلاثة من اللاجئين أن الدافع هو رغبتهم في العيش في بلد يحترم حقوقالإنسان.

وتفاجأ الباحثون بشكل كبير بالتصورات التي جاء بها اللاجئون إلى ألمانيا. وتفيد آراء اللاجئين بوجود الكثير من نقاط التشابه بينهم وبين الألمان. ويؤكد 96 بالمئة من المستطلعة آراؤهم ضرورة “وجود نظام ديمقراطي”، وهو ما يراه 95 بالمئة من الألمان.

ويرى 92 بالمئة من اللاجئين كما هو حال نفس النسبة من الألمان أن “تحقيق المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء” يعد جزءاً من الثقافة الديمقراطية. وتفسر نينا روثر من معهد الأبحاث التابع للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، هذه النسبة بأن من يختار النزوح إلى ألمانيا “يقوم بقبول القيم الألمانية عن وعي”.

 

36410115_401

 

القانون فوق رجال الدين

وفيما يتعلق بالمسألة الدينية كشفت الدراسة على أن 25 بالمئة من المستطلعة آراؤهم من أتباع الطوائف المسيحية، فيما حوالي 75 بالمئة من مختلف المذاهب الإسلامية. ولم يسجل الباحثون وجود اختلافات كبيرة بين هذه المجموعات خاصة فيما يتعلق بدور الرجل والمرأة.

وحسب الدراسة فان المشاركين فيها لا يرون أن القيادات الدينية لها شأن أعلى من القانون. عكس الدول الأصلية التي يعتبر فيها حوالي نصف المواطنين أن رجال الدين لهم أولوية على القانون، فإن 13 بالمئة فقط من اللاجئين يرون ذلك. ويستخلص الباحثون من هذه المعطيات التي توصوا إليها إلى أن انتشار المخاوف في بعض الدوائر من أسلمة وتطرف المهاجرين لا أساس لها من الصحة إلى حد ما.



صدى الشام