ليس مستبدًا ومتسلطًا بل مجرم حرب أيضًا


عبد الرحمن شرف

لم يعد النظام السوري نظامًا استبداديًا شموليًا فحسب، جرّدنا وحرمنا من حقوقنا وحريتنا وكرامتنا خلال نصف قرن، في عهدي الأب والابن الوريث، بل أصبح نظام مجرم حرب، وأفضل طريقة للتعامل مع المجرم معاقبته وفضح جرائمه وعنفه، دون توقف.

إنها مسؤولية تقع على عاتق أفراد المجتمع كافة، بتعدديتهم الدينية والفكرية، إن أرادوا العيش بكرامة وبناء أوطانهم، بقيام نظام يكفل حقوقهم ويحترم سيادة الشعب ويحافظ
على ثرواتهم وتوزيعها توزيعًا عادلًا.

سواء أكانت هذه النظرة والمسؤولية من الناحية الشعبية أم الدينية أم الفكرية والسياسية، محلية أم دولية، فالتعامل مع الجرم -في إطار أفراد- يختلف في التعامل والتعاطي معه في إطار الأنظمة، التي تملك أسلحة وجيوشًا وقوى عتيدة، تنهب ثروات الشعوب وتتحكم بها، بالأخص في النظام المؤسَّس على ذهنية طائفية، أقلية وأكثرية.

ليس من العدل -هنا- أن نُقارن أخطاء ارتكبها أفراد في الحراك الثوري السوري مع جريمة نظام يملك كل القوة والقوى في الدولة والمؤسسات المسيطر والمتسلط
عليها. فالأخطاء التي حصلت، أو الجرائم الفردية، كانت نتيجة اختيار النظام السوري الحل العسكري، قبل وبعد الحراك الثوري ضد السوريين السلميين المُطالبين بإسقاطه، وحشد في صفوفهم أشخاصًا “شبيحة” إرهابيين ومُخرّبين؛ يعملون على قمع مطالبة السوريون بحقهم في الحياة والكرامة والحرية، ونتيجة استلاب السلطة خارج إرادتهم وتغيبها عن الوعي، والمشاركة والمواطنة خلال نصف قرن.

هذا الرفض للجريمة ومحاسبة مرتكبيها والمخططين لها والساكتين عنها، يُعد من ضمن واجبنا الإنساني والأخلاقي؛ كي لا تتكرر الجريمة، ولأجل مستقبل بلدنا والشرق ومستقبل العالم، لأن العالم مازال رازحًا تحت أنظمة استبدادية مجرمة، سيُنتِج لدينا أزمات وكوارث عديدة، تؤثر في مستقبل منطقتنا الشرقية أو العالم؛ لأننا أصبحنا قرية واحدة على هذا الكوكب، والتأثير متبادل من مختلف الجوانب بين الدول والقارات، ونحن نشاهد ونلمس كيف أن مشكلة اللجوء السوري أحدثت خللًا في العالم أجمع، لعدم تحمّله المسؤولية الكافية تجاه جرائم هذا النظام.

كل شخص أو كاتب أو ناشط أو ومفكر أو رجل دين أو وسياسي، مازال ينظر إلى النظام السوري على أنه مستبد فحسب، ينظر بنظرة قاصرة، والآن يُحاول النظام السوري تحسين صورته على أنه يريد محاربة الإرهاب، والذي هو -بالأساس- مُتّهم به ومُصنّع له، كونه ارتكب جرائم حرب، ولأجهزة استخباراته علاقات وثيقة وموثقة بالجماعات الجهادية والتكفيرية التي أخلى سبيلها من السجون.

إن ارتكاب النظام السوري لجرائم الحرب، بالتحالف مع الروس والإيرانيين، الذين سيطروا على البلد، وهجّروا المدنيين، كما لم يحصل في التاريخ، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة، وكل من لا يرى هذه الحقيقة، ولا يُطالب بها؛ عليه أن يُراجع ضميره وولاءه وانتماءه، إلا إذا كان شريكًا في التستّر على الجريمة.




المصدر