هل ستثمر التصريحات بين ترامب وأردوغان عن انفراج في العلاقة؟

19 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
6 minutes

فراس محمد

شهدت العلاقات الأميركية – التركية خلال فترة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلافات كبيرة حول ملفات رئيسة عدة في المنطقة، وخاصة في ظل تباين المواقف اتجاه ثورات الربيع العربي، والتعاطي مع الملف الكردي، ومكافحة الإرهاب، وتجلى هذا الخلاف بوضوح من خلال اتهام بعض الجهات التركية الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ليلة 15 تموز/ يوليو 2016، والتي اتهمت الحكومة التركية جماعة فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية بتدبير هذا الانقلاب وتنفيذه.

من الناحية التاريخية، تُعدّ العلاقة الأميركية – التركية أحد أهم ثوابت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، فقد شكّلت تركيا قاعدة متقدمة لحلف الناتو، والولايات المتحدة الأميركية ضد الاتحاد السوفياتي، إلا أن هذه العلاقات المميزة بين الطرفين بدأت تشهد بعض الفتور، منذ رفض تركيا السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها وقاعدة انجرليك في غزو العراق، واستمر التوتر بين الطرفين؛ حتى وصلت ذروتها خلال فترة الرئيس باراك أوباما.

مع ظهور نتائج الانتخابات الأميركية التي أوصلت المرشح الجمهوري المثير للجدل، دونالد ترامب، بدأت تظهر ملامح انفراج في العلاقة التركية – الأميركية، وخاصة بعد التصريحات الإيجابية لترامب خلال فترة الحملة الانتخابية، وبعد نجاحه في الانتخابات، حيث أشاد خلال الحملة بدور أردوغان القيادي في ليلة الانقلاب، ووقوف الشعب التركي بصدور عارية، ليلة 15 تموز/ يوليو، أما ما يتعلق بالانتقادات الأميركية لحملة التطهير التي تشنها الحكومة التركية ضد مدبري الانقلاب، فاجأ ترامب الأميركيين بقوله: “ما هذا الحق؟ هل يتعين علينا في الولايات المتحدة انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في مناطق أخرى؟”، ليعود ترامب بعد شهر من الانقلاب، ويكتب في تغريده له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أن لديه شواهد عن دعم ضباط في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) للانقلاب الفاشل في تركيا، ووعد بكشف أسماء هؤلاء الضباط. وفي السياق ذاته، جاء حديث نائب ترامب (مايك بينس) عن ليلة الانقلاب، مشيرًا إلى أن ما جرى ناتج عن محور أوباما- كلنتون، في تلميح واضح حول وقوف إدارة الرئيس باراك أوباما وراء الانقلاب.

أما بعد اعلان نتائج الانتخابات الأميركية، فقد كان تصريح مستشار الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لشؤون الاستخبارات والأمن، الجنرال المتقاعد مايكل فلاين، والذي قال فيه: “لا بد من تغيير السياسة الخارجية الأميركية بحيث نجعل تركيا ضمن أولوياتنا”، أولى ملامح التقارب بين الإدارة المقبلة وتركيا، وذلك ضمن مقال لفلاين بعنوان: حليفتنا تركيا في أزمة، وبحاجة لدعمنا، والذي قال فيه أيضًا: “إن العالم يمر حاليًا بأزمة، وفي مثل هذه الأوقات من الضروري تذكر الأصدقاء الحقيقيين”، في إشارة واضحة لتحسين العلاقات مع تركيا، كما أكد على ضرورة أن تتوقف الولايات المتحدة الأميركية عن إيواء غولن، مشبهًا إياه بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

أما من الجانب التركي، فقد كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من أوائل الذين اتصلوا بترامب لتهنئته بالفوز، وأكد خلال الاتصال على أن تركيا والولايات المتحدة الأميركية حليفتان، بُنيت علاقتهما على الاحترام المتبادل، والمصالح والقيم المشتركة، وأن العلاقات بين البلدين ستتعزز في الفترة المقبلة، في حين كشفت صحيفة يني شفق التركية أن دونالد ترامب عبر عن احترامه لأردوغان، وما قدمه لبلاده خلال مكالمتهم الهاتفية، وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب قال في المكالمة: إن ابنته إيفانكا هي التي أسهمت في تحقيق الاتصال، وهي معجبة بأردوغان وتؤيده وتدعمه دعمًا كبيرًا.

في حين تمنى أردوغان في تعليق له على فوز دونالد ترامب أن يكون الخيار الذي أظهره الشعب الأميركي في الانتخابات وسيلة للإقدام على خطوات تحقق الخير للعالم، سواء في مجال الحقوق، والحريات الأساسية، والديمقراطية، وسواء في مجال المستجدات في المنطقة، أما رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، فقد دعا ترامب لتسليم فتح الله غولن لتركيا؛ بسبب مسؤوليته المباشرة عن الانقلاب، وقال: “في حال تسليم غولن ستُفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين”.

أمام هذه التصريحات الإيجابية من الطرفين تظل هناك ملفات كثيرة عالقة بين الطرفين، قد يكون من الصعب حلها خلال الفترة المقبلة، وخاصة فيما يتعلق بالموضوع السوري، والعلاقة الأميركية مع تنظيم “حزب العمال الكردستاني” من خلال فرعه السوري (حزب الاتحاد الديمقراطي)، إضافة إلى اللغة الإيجابية لدونالد ترامب اتجاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ودعوته لوضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، كل هذه الملفات ستشكل استحقاقات مهمة للعلاقة التركية – الأميركية خلال الفترة المقبلة، وبانتظار خطوات ملموسة من الرئيس الأميركي المنتخب، باتجاه تصحيح المسار في العلاقات التركية – الأميركية، بعد كل هذا الزخم من التصريحات الإيجابية، حيث يؤكد الباحث والكاتب التركي، محمد زاهد غول، في مقال له في موقع “الخليج أونلاين” “أن على الحكومة التركية تفهُّم الموقف الأميركي، وأن تقدم رؤيتها الناجعة، وهذه التفاهمات التركية – الأميركية المقبلة سوف تتمكن من معالجة قضية حلب والرقة والموصل وغيرها، أما إذا واصلت أميركا سياستها السابقة؛ فإن توافق تركيا مع روسيا سوف يزداد، وقد يكون على حساب المصالح الأميركية في المنطقة؛ بسبب العناد الأميركي بتجاهل المصالح التركية، بما فيها تفاهمات فرض منطقة آمنة تحمي الشعب السوري أولًا، وتمنع عن تركيا المخاطر الحدودية ثانيًا، بل تدفع عن أميركا وأوروبا مخاطر الهجرة أيضًا”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]