يستعد المتمردون السوري لوقف الإمدادات من ترامب، ويبحثون عن بديل أفضل


أحمد عيشة

1

يشارك أعضاء من الجيش السوري الحر في معركة في شمال سورية الشهر الماضي ضد مقاتلي الدولة الإسلامية. نذير الخطيب / وكالة فرانس برس – صور غيتي

بيروت، لبنان – تقترب الساعات وصولًا إلى ما تقول الحكومة السورية وحليفتها الرئيسة، روسيا، إنه يمكن أن يكون الهجوم الجوي الأكثر تدميرًا حتى الآن على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون المحاصرون في مدينة حلب السورية.

لم تقدم إدارة أوباما شريانًا للحياة العسكرية، حتى إلى الجماعات المتمردة التي دربتها وكانت تدعمها، لكن دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المنتخب، قد ذهب إلى أبعد من ذلك، على الأقل في تصريحاته، مشيرًا إلى أنه سينهي كل الدعم للمتمردين، وربما يمكن أن يتعامل مع الحكومتين السورية والروسية كحلفاءٍ في المعركة ضد الدولة الإسلامية.

يقول بعض “الثوار” والأنصار المدنيين، لن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى الكثير من الفرق العملي، وستعري على الأقل الموقف الأميركي، بدلًا من إخفائه وراء إدانات بشار الأسد، الرئيس السوري.

في السعي للحصول على بديلٍ أفضل، يعبر بعض المتمردين عن أمله في أنَّ حلفاء الولايات المتحدة، مثل السعودية وتركيا ستحمل العبء وحدها وتتحدى أوامر الولايات المتحدة الأميركية بعدم توفير أسلحةٍ أكثر تطورًا للمتمردين -لكن في المدى القصير، فإن مثل هذا التوقف في الإمدادات قد يعني فقدان التزويد بالصواريخ الموجهة الأميركية المضادة للدبابات.

“على الأقل اليوم، يمكننا التخلص من عبء ما يسمى بـ الصديق المؤذي” قال هشام سكيف، وهو عضو في المجلس المحلي لـ “الثوار” والمدنيين في الجزء الذي يمسكه المتمردون من حلب، حيث تقول الأمم المتحدة، إنَّ 250،000 شخص محاصرون، وأضاف في إشارةٍ إلى الولايات المتحدة، “اليوم، نعرف أنها لا تدعمنا حقًا وعمليًا، في حين كنا نعتبرها من قبل صديقتنا، في الوقت الذي كانت تنفذ فيه أجندة خصومنا.”

لكن زعماءً آخرين من المتمردين، وكذلك محللين سياسيين في الشرق الأوسط وفي واشنطن، يحذرون من أنَّ الوقت ما زال مبكرًا لأوانه، ومن عدد قليل من التصريحات، لتحديد كيف سيقارب السيد ترامب الحرب المعقدة، والتي تحتوي على عديد من الصراعات المتشابكة.

في ما يوحي بأنه سيتخلى عن دعم الجماعات المتمردة المدعومة من الولايات المتحدة في سورية، ظهر السيد ترامب في إشارة إلى البرامج السرية لـلمخابرات المركزية الأميركية (C.I.A).  لم يتجاوز برنامج تنسيق المساعدة من الولايات المتحدة وحلفائها -في ذروته، المليار دولار تقريبًا بشكلٍ سنوي- للجماعات المتمردة التي تقاتل الأسد التي اُعتبرت معتدلة نسبيًا لدى مسؤولي الولايات المتحدة، بما في ذلك عديد من المجموعات الرئيسية في وحول حلب.

ولكن بعض هذه الجماعات، وبهجومٍ منفصل بمساعدة تركيا، قد طردت الدولة الإسلامية ثانيةً من الحدود التركية، ويبدو أنها على وشك أن تستعيد السيطرة على مدينة الباب من الجماعة المتطرفة، التي تعهد السيد ترامب أن يهزمها، بينما يدعم برنامج البنتاغون جماعاتٍ متمردة أخرى تعمل مع الميليشيات الكردية لمحاربة الدولة الإسلامية.

“نحن لا نعتبر تصريحاته تمثل موقف الإدارة الأميركية الجديدة” قال بسام حاج مصطفى، المتحدث السياسي باسم فصيل نور الدين زنكي، الذي خسر دعمه الأميركي بعد أن أُعتبر قريبًا جدًا من الجماعات التابعة للقاعدة.

ودعا السيد مصطفى تصريحات السيد ترامب إنها “عرض” يشوبه “عنصريةً مبكرة وتعليقاتٍ إشكالية”، ومضيفًا “نحن لا نأخذ تصريحاته على محمل الجد، وسيتخلى عنها في وقتٍ لاحق.”

وقال فريدريك سي. وولف، وهو مسؤولٌ سابق في إدارة أوباما، كان مدافعًا صاخبًا عن أكثر التدخلات قسوة ضد الرئيس الأسد، إنَّه من السابق لأوانه التنبؤ بسياسة السيد ترامب حول سورية – ولا سيما أنه عليه معرفة المزيد حول الصراع.

“لا شك في أن السيد ترامب سيتعلم خلال إفادات من تقارير استخباراته”، كتب السيد هوف في مقال نشره المجلس الأطلسي، وهو معهد سياسة واشنطن، إنَّ “سياسة العقاب الجماعية” للأسد و”القتل الجماعي” للمعارضين، تؤدي إلى التجنيد مع الدولة الإسلامية والقاعدة، وأنَّ إنهاء دعم الولايات المتحدة للمتمردين سيدفعهم فقط إلى الاقتراب من الجماعات المرتبطة بالقاعدة، يقول السيد هوف ومحللون آخرون.

لاحظ السيد هوف أن تصريحات السيد ترامب حول سورية حتى الآن، تندرج في إطار الحملة السياسية الداخلية، التي أكد فيها على تهديد الدولة الإسلامية، ولعب على مخاوف المسلمين بين قاعدته، حيث لا مجال للفروق الدقيقة وتناقضات الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تعهد السيد ترامب أنْ يكون أكثرَ صرامةً مع إيران – التي توفر، جنبًا إلى جنب مع روسيا، دعمًا حاسمًا للسيد الأسد.

كان السوريون يراقبون فوز السيد ترامب عن كثب، مثل بقية الناس في جميع أنحاء العالم، وكانت ردة فعلهم على الفور، هي مزيج من الدهشة والحماس واليأس والارتباك.

رحب المسؤولون السوريون عمومًا بالنتيجة، حيث قالت مستشارة الأسد، بثينة شعبان، إنَّ الحكومة مستعدةٌ للعمل مع السيد ترامب.

المسؤولون السوريون وحلفاؤهم الرئيسيون، روسيا وإيران وحزب الله، وضعوا خططًا عسكريةً من أجل التوصل في أقرب وقتٍ ممكن إلى استعادة كلِ حلب بحلول كانون الثاني/ يناير، خوفًا من أنه إذا فازت هيلاري كلينتون في الانتخابات، لربما تزيد الدعم للثوار أو تبدأ العمل من أجل منطقة حظر الطيران.

نزار الصباح (50 عامًا) يقدم القهوة في فندق بدمشق، وصف السيد ترامب بأنه “أكثر جديةً ووضوحًا من كلينتون”، قائلًا إنه “يريد أن يتحالف مع روسيا والأسد.”

ولكن بعض مؤيدي الأسد أعربوا عن الخوف من السيد ترامب لأسباب كثيرة بينتها المعارضة: تصريحاته التي تشوِّه سمعة المسلمين، ووعوده للحد من تدفق اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة.

وقال حارس عند مدخل منطقة يسيطر عليها حزب الله حول ضريح السيدة زينب إن السيد ترامب سيكون مختلفًا قليلًا من الناحية العملية عن السيد أوباما. وقال ” كلب وخلَّف جرو.”

وافق بعض المعارضين السوريين للرئيس الأسد، قائلين إنهم يتوقعون مساعدة حقيقية قليلة من الولايات المتحدة في الحرب التي أودت بحياة 400،000 شخص، وشردت نصف سكان سورية.

الآخرون، على الرغم من حالة الإحباط، ينظرون إلى السيد ترامب كشبيهٍ لشخصياتٍ استبدادية مثل الأسد وحلفائه، فلاديمير بوتين في روسيا وعبد الفتاح السيسي في مصر.

وقال مالك طربوش، وهو مصور في شرق حلب، في تغريدة له “الأسد في سورية وبوتين في روسيا، والسيسي في مصر،”. أي شيءٍ يمكن أن يكون أسوأ من ذلك؟ “ترامب”.

ليلة الأحد، بدا القتال في حلب يزداد سوءًا. حيث ذكر الأطباء أنَّ ستة أشخاصٍ على الأقل قتلوا في مناطق المتمردين، بمن فيهم الأطفال، عندما ضربت قذيفة مدفعية حكومية سيارة.

أُلقيت منشوراتٌ جديدة على معاقل للمتمردين، وعدت بسلامة أي شخصٍ على استعداد للمغادرة. عرضٌ قوبل حتى الآن بالشك في صفوف المتمردين، بينما قالت الحكومة إنَّ المتمردين يرفضون السماح للناس بالخروج.

“نقدم لكم 24 ساعة فقط لاتخاذ قرار الرحيل” هذا ما يقوله أحد المنشورات. “قيادتكم البالية والفاسدة في الخارج غير قادرة على أن تؤمن لكم الخروج.”

اسم المقالة الأصليSyrian Rebels Brace for a Trump Cutoff, and Look for a Silver Lining
الكاتبANNE BARNARD، آن برنارد
مكان النشر وتاريخهنيويورك تايمز، The New York Times، 13/11/2016
رابط المقالةhttp://www.nytimes.com/2016/11/14/world/middleeast/syrian-rebels-brace-for-a-trump-cutoff-and-look-for-a-silver-lining.html?_r=0
المترجمأحمد عيشة



المصدر