on
“أبو عزرائيل”
الرأي
ما يجري في العراق وفي سورية أيضاً بالإمكان وصفه بأنه «مسرحية اللامعقول» إذْ أن هذا الزمن الرديء حقاً قد جعل مجموعات من «الأوباش» يظهرون على خشبة مسرح المنطقة ليس كممثلين رديئين وفقط بل «وكصانعي» هذه اللحظة التاريخية المريضة حقاًّ وحيث تم استهداف العرب، السنة والشيعة والمسيحيين أيضاً، بأسلوب ثأري للرد على ذي قار وعلى قادسية سعد بن أبي وقاص وكأن هذه الأمة، الأمة العربية، من خلال رسالة الإسلام العظيم لم تخرج الإيرانيين عندما كانوا «فُرساً» من الظلمات إلى النور ومن عبادة أهورا مزدا و«أميشا سبنتاس» إلى عبادة العلي القدير.. الواحد الأحد القهار.
الكل رأى وعلى شاشات فضائيات العالم كله «أبطال» هذا الزمن الرديء من مقاتلي الحشد الشعبي، الذي لم يُقاتل ولم يَقْتِل إلا أبناء الشعب العراقي وعلى «الهوية» الطائفية والمذهبية، وهم يعلقون في رقابهم قنابل يدوية ويطلقون لحاهم ويتسربلون بألبسة عسكرية مزركشة جاءتهم من المصانع الإيرانية كهدايا تحمل توقيع الجنرال قاسم سليماني الذي بات يُعتبر من قبل «الأتباع» طرزان هذه المرحلة التاريخية التي انقبلت فيها الموازين وأصبح الجبناء أبطالاً واختفى الأبطال ولعل ما يعطي الوصف الدقيق لهذا كله الشاعر البدوي الذي كان قال في إحدى قصائده المعبرة:
أبو الحصين اشرف على راس عالٍ
والنِّمـر وكَّـر وِلْبـدْ السبـع والـذيبْ
أحد هؤلاء الذين طفوا على سطح الأحداث في هذا الزمن البائس أعطى لنفسه إسماً حركياًّ هو: «أبو عزرائيل» والعياذ بالله وقد هدد «أبو عزرائيل» هذا، بعد الانتقال من أحد أطراف الموصل البعيدة والآمنة إلى ديالى، بأنه ومعه الحثالات التي يقودها قادرون على إحضار من يُطلب منهم إحضارُه حتى ولو كان وراء الشمس.. وبالطبع فإن هذا الـ: «أبو عزرائيل» قد ظهر وهو يدثر أكتافه برايات خضراء وهو يطوق عنقه بقطع من القماش الذي تعطيه ألوانه الطابع الطائفي والذي لو جرى التدقيق فيه لوُجد أنه يحمل على حواشيه: «مصنوع في إيران»!!.
الآن هناك استهداف للعرب كعرب وهناك تسديد حسابات تاريخية قديمة مع الأمة العربية كأمة وإلاّ ما معنى أن تتم إزالة بيوت إحدى وعشرين قرية من قرى كركوك ونينوى ونثْر سكانها ليلتحقوا بملايين اللاجئين العرب الذين أخرجوا من ديارهم لأنهم ينتمون إلى هذه الأمة التي وصفت في كتاب الله الكريم: «كنتم خير أمة أُخُرجت للناس» .
إنَّ هذا كله يجب أن يعرفه ويدركه الذين يعتقدون أن مواقفهم «الرَّمادية» قد تحميهم من كل ما حلَّ بأشقائهم العرب إنْ في العراق وإن في سورية وذلك مع أنهم يعرفون أن الذين استقبلوا الغزو المغولي لبلاد الرافدين والذين ساروا أمام الجيوش البربرية الغازية حتى أوصلوها إلى بغداد وعلى رأسهم الوزير ابن العلقمي كانوا أول ضحايا هذا الغزو.. والحكمة المعروفة تقول: «أُكلْتُ يوم أُكُل الثور الأبيض»!!.
لكل أمة كـ «الجواد الأصيل» كبوة ولهذا وإذا كانت هذه الأمة قد دخلت القرن العشرين وقد أصبحت ممزقة بسكين مؤامرة «سايكس – بيكو» وقد دخلت هذا القرن الحادي والعشرين وهي مثخنة بالجراح فإنها لا بد وأن تنهض فحالها كحال طائر العنقاء في الأساطير اليونانية الذي كلما ألقي بين ألسنة نارٍ ملتهبة لا يلبث أن ينهض من بين الرَّماد ويحلق في السماء مرة ثانية وثالثة وعاشرة وألف.
(*) كاتب أردني
المصدر