on
إصلاحات قانونية في الإعلام التونسي
تعرف الساحة الإعلامية في تونس في الفترة الأخيرة تحركات من أجل إصلاح القوانين المنظمة للقطاع. ففي حين شرَعت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في عقد جلسات عمل لتغيير القانون المنظم لعملها وجعله أكثر تجاوباً مع المتغيرات التي عرفتها تونس ما بعد الثورة، تقوم الحكومة التونسية ممثلة في وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بإعداد نص قانوني ينظم القطاع الإعلامي.
في مقابل ذلك، وفي حركة استباقيّة، نشرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهايكا) وهي هيئة دستورية تعنى بالمشهد الإعلامي السمعي والبصري وتنظيمه، كما تسعى إلى نشر ثقافة تعديليّة لإرساء استقلاليّة وسائل الإعلام تؤدّي ضرورة إلى طريقة جديدة في حوكمة الإعلام وتعزيز حرية التعبير، مشروع القانون المنظم لعملها في موقعها الإلكتروني حتى يطلع عليه الإعلاميون ويبدوا رأيهم فيه، لتعرضه بعد ذلك على الحكومة التونسية التي ستعرضه بدورها على مجلس نواب الشعب التونسي.
اعتبر البعض أنّ الهايكا أرادت من الخطوة إحراج الحكومة ووضعها أمام سياسة الأمر الواقع. لكنّ رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، النوري اللجمي قال لـ”العربي الجديد” إنّه “لم يكن إحراج الحكومة من الأمور التي فكرنا فيها، لكننا أردنا من خلال عملنا إعداد قانون بشكل تشاركي يبدي فيه الإعلاميون رأيهم وهو شكل من أشكال الديمقراطية”، مضيفًا “العلاقة مع الحكومة التونسية الحالية عادية وتوصيفها بالجيدة والسيئة ليس من مشمولاتنا فنحن هيئة مستقلة من دورنا عدم الاصطفاف وراء أي طرف والدفاع عن حرية الصحافة وتوفير كل الممهدات القانونية لضمان هذا الحق”.
وأوضح أنّ “الهيئة قد أعدت هذا المشروع في إطار مهامها الاستشارية من خلال اقتراح النصوص القانونية لتطوير المنظومة التشريعية للاتصال السمعي والبصري. وهو حصيلة جملة من الاستشارات والورشات والجلسات تم تنظيمها مع الخبراء والمختصين والمهنيين والهياكل وممثلين عن منظمات المجتمع المدني على المستويين الوطني والجهوي (الأقاليم)”.
ومشروع القانون الذي ورد في 183 فصلاً سيعوض المرسوم 116 الذي ينظم القطاع الإعلامي في تونس. وحول جدوى هذا التغيير بيّن اللجمي أن “المرسوم 116 ورغم المجهود الواضح في صياغته، تعتريه بعض النقائص التي سنحاول من خلال مشروع القانون الجديد تلافيها خدمة لغاية أساسية هي حرية الصحافة في المجال السمعي البصري وتوفير كل الضمانات القانونية للتأسيس لإعلام ذي جودة ونوعية يراعي طبيعة المرحلة التي تعيشها تونس”.
وأشار إلى أنّ “الباب يبقى مفتوحًا لكل تعديل لمشروع القانون يكون متناسقاً مع الفلسفة التي انبنى عليها وهي الطبيعة التعديلية للهايكا، وإيجاد آليات عمل تضمن الشفافية والنزاهة والحياد في المؤسسات المرئية والمسموعة التونسية العمومية (الرسمية) والخاصة”.
لكنّ الإصلاح القانوني لن ينقذ الصحف بشكلٍ كامل، إذ أعلن المدير العام لـ”دار البناء للنشر والصحافة” التي تصدر صحيفة “الضمير” اليومية وتمتلك وكالة أنباء “البناء نيوز”، يوم الأربعاء أنه سيتم غلق الصحيفة في الفترة القريبة المقبلة، نتيجة ما تعيشه من أزمة مالية خانقة.
ولا يعتبر غلق صحيفة “الضمير” الحالة الأولى في تونس، فقد سبق غلق صحيفة “التونسية” اليومية والتي لم يتمكن العاملون فيها، حتى الآن، من الحصول على حقوقهم المادية.
هذا الإشعار دفع صحافيي “الضمير” إلى الاعتصام والمطالبة بحقوقهم، الأمر الذي دفع بدوره النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ممثلة في مديرها التنفيذي، الفاهم بوكدوس، وعضوي هيئتها المديرة، زياد دبّار وكريم اللطيفي، إلى الالتحاق بمقر الصحيفة لمساندة المعتصمين والاجتماع بهم بحضور المدير العام للمؤسسة للبحث في السبل التي تضمن حقوق الصحافيين وجلّهم من الشباب.
وعن سؤال “العربي الجديد” حول إمضاء هيئة الحقيقة والكرامة مع تلفزيونات أجنبية (الجزيرة وفرانس 24) اتفاقيات لنقل وقائع جلسات الاستماع التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة لضحايا الانتهاكات قبل الثورة وللمنتهكين لهذه الحقوق، يوم الخميس الماضي، قال: “لقد فؤجئنا بإمضاء هذه الاتفاقيات، ورغم أننا عقدنا جلسات عمل مع هيئة الحقيقة والكرامة فيما يتعلق بنقل الجلسات، لم يطرح موضوع القنوات الأجنبية وهو ما أثار استغرابنا عندما تمّ إمضاء هذه الاتفاقيات”.
صدى الشام