حلب المحاصرة بلا مستشفيات والأمم المتحدة شاهد لا يرى


حافظ قرقوط

في زحمة التصريحات والبيانات والتحذيرات التي أُطلقت من جهات دولية عدة، عن الوضع الإنساني وما يرافقه في محافظة حلب، وخاصة الأحياء المُحاصرة، مترافقة مع النداءات الداخلية من المدنيين والناشطين وغيرهم، للفت النظر إلى هذه المدينة الصابرة والصامدة، كان أول من استمر في الاستجابة إلى هذه النداءات هو الطيران الروسي وطيران النظام، فلباها على طريقة كل القتلة، وزاد من وتيرة هجماته؛ ليخلف مزيدًا من القتل والدمار، ويؤكد أن هذا العالم أصبح في حالة غيبوبة، وكلامه ليس إلا هذيانًا.

إلى ذلك، فقد أشار يان إيجلاند، مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى أن “إمدادات الإغاثة لنحو 250 ألف مدني،  نفذت في الأحياء الشرقية المحاصرة من مدينة حلب، والنظام السوري وحلفاؤه لم يسمحوا أو يوافقوا، على توفير أي ممرات آمنة لمرور قافلة إغاثة جديدة”، ونقلت وكالات الأنباء عن إيجلاند قوله: إنه على الرغم من الترحيب الذي أبدته روسيا والفصائل المعارضة “بخطة الأمم المتحدة لتوصيل المواد الإغاثية، وإجلاء المصابين والمرضى من تلك الأحياء، لكن لم يُقدم أي طرف الموافقة النهائية”، وبحسب إيجلاند فإن “جميع المستودعات تقريبًا خاوية، وعشرات الآلاف من الأسر نفذ ما لديها من الغذاء وغيره”، وأضاف المسؤول الأممي “لذلك فإن هذه لحظة قاتمة جدا، ونحن نتحدث عن تسونامي هنا، نتحدث عن كارثة من صنع الإنسان”.

هكذا وصف المسؤول الأممي هول الكارثة، وأوضح كيف أنها من صنع الإنسان على الإنسان، ليؤكد -أيضًا- أن الأمم المتحدة تريد إرسال قوافل إغاثة لنحو مليون سوري في مناطق محاصرة عدة، لكن لم تصل -حتى اللحظة- أي قافلة إلى مقصدها، وأن “قوات النظام أعادت المساعدات المتجهة إلى دوما في الغوطة الشرقية إلى دمشق يوم الخميس الماضي”.

في هذا السياق، استهدف قوات النظام، بالقصف المدفعي وراجمات الصواريخ، حي المعادي الحلبي؛ ما أدى إلى خروج المستشفى الموجود في الحي عن الخدمة، وسقوط عدد من الضحايا، حيث أفادت وكالات الأنباء المختلفة أن القصف طال “مستشفى عمر بن عبد العزيز” في الحي، وأدى إلى دمار كثيف في أقسام المستشفى؛ ما أدى إلى خروجه نهائيًا عن الخدمة.

يُشار أيضًا إلى أن مستشفى الأتارب بالريف الغربي من محافظة حلب، كان قد تعرض -في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري- لغارات عدة من طيران النظام الحربي؛ ما أدى إلى خروجه خروجًا كاملًا عن الخدمة، وكذلك خرج مستشفى كفرناها الميداني عن الخدمة؛ بسبب قصف شديد بالصواريخ الفراغية، فيما قال الدفاع المدني في محافظة حلب: إن القصف الجنوني على أحياء حلب لم يهدأ، وإن عشرات الضحايا من الشهداء والجرحى قد سقطوا، نتيجة لهذا القصف الذي ابتدأ منذ أربعة أيام بعد هدوء نسبي في الأحياء الشرقية لحلب.

يُذكر أن يان إلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة، ذكر أن المحققين التابعين للمنظمة، ما زالوا يحققون في الهجوم الذي استهدف قافلة الإغاثة، في أيلول/ سبتمبر الماضي غرب مدينة حلب، وأضاف بأن المحققون قد “يحيلون نتائج التحقيق إلى مجلس الأمن الدولي إن استطاعوا تحديد الجهة التي نفذت الجريمة”، ويذكر أن ذلك الهجوم -بحسب وكالات الأنباء- أدى إلى مقتل 20 شخصًا من المرافقين للقافلة والسائقين، وتدمير نحو 18 شاحنة تابعة للهلال الأحمر، والصليب الأحمر، والأمم المتحدة، وإتلاف ما تحويه من مواد إغاثة، وأضاف إلياسون حول ذلك أن المنظمة الدولية لديها حاليًا “لجنة تحقيق من ثلاثة أشخاص، تجمع الأدلة”، وتابع: “إنها مهمة صعبة، وممكن التلاعب في الأدلة أو إخفاؤها”، وكأن المسؤول الأممي يعطي -مسبقًا- مبررات لتمييع النتائج، كون المتهم الأساسي بقصف تلك القافلة هي روسيا من خلال طيرانها.

من جانب آخر، وعلى الرغم من تمديد مجلس الأمن للجنة المشتركة المكلفة بالتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في سورية، إلا أن ناشطين من مدينة حلب أكّدوا أن طائرات مروحية تابعة للنظام السوري، قد ألقت براميل متفجرة، تحوي مادة الكلور السام؛ ما أدى إلى وقوع عدة حالات اختناق بين المدنيين، في كل من أرض الحمراء ومساكن هنانو.

يُشار إلى أن مديرية صحة حلب، قد أعلنت -في بيان أصدرته في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أن جميع المستشفيات في المناطق المحاصرة في حلب، قد خرجت نهائيًا عن الخدمة، بسبب القصف العنيف الذي تتعرض له المحافظة، من الطيران الروسي وقوات النظام، وخاصة في الأيام الأخيرة، وأضاف البيان أن “هذا التدمير المتعمد للبنى التحتية الأساسية للحياة، جعل الشعب الصامد، بكل أطفاله وشيوخه ورجاله ونسائه، بدون أي مرفق صحي يُقدم لهم العلاج، وفرص إنقاذ أرواحهم”. والسؤال هنا: هل تبقى الأمم المتحدة شاهدًا بلا عيون ترى.




المصدر