د. خليفة علي السويدي يكتب: العالم من دون تسامح


د. خليفة علي السويدي

احتفل العالم الأسبوع الماضي بيوم التسامح العالمي، فلماذا تطلبت هذه القيمة الحضارية تخصيص يوم في العام لتذكير العالم بها. العرب تقول «وبضدها تعرف الأشياء». فهل نستطيع تصور حال العالم دون إعلاء لقيمة التسامح. لقد أرهقت العدوانية شعوب الأرض وأدخلتهم في حروب طاحنة عبر تاريخهم القديم والمعاصر. ومن يسترجع تاريخ العالم يجد ملخصاً لأحداث كان الدافع من ورائها التطرف العرقي أو الديني عندما ساد تيار ما يُعرف اليوم باليمين المتطرف كان معه الحروب والدمار وقلة فرص الاستثمار. سالت الدماء لا لغاية شريفة لكن لنزوة فكرية طائشة حصدت الأرواح وخربت الديار. من يدرس تاريخ أودلف هتلر القصير في عمره حيث مات وعمره 56 عاماً، لكن حزبه النازي، الذي حكم كان وراء الحرب العالمية الثانية. وقد مات منتحراً عام 1945، وموسوليني حكم إيطاليا من عام 1922 الكل يذكره بأنه مؤسس الحركة الفاشية الإيطالية، التي قادت البلاد إلى حرب ضروس، وقد مات مقتولاً عام 1945. ولن تكتمل الصورة المرعبة دون التطرق إلى اليابان، تلك الإمبراطورية التي سعت عام 1937 إلى السيطرة على آسيا والمحيط الهادي. ما سبق من توجهات غير سلمية قادت العالم إلى حروب عالمية، لكن العقل البشري أجرى مراجعات فكرية. ودار الزمان وكان قرار إنشاء الأمم المتحدة، وبدأنا عالم التحالفات الجانبية والحروب الخفية، وعندها بدأت الدول في إعداد مواطنيها للسلم العالمي بما فيها اليابان التي تحولت إلى دولة أدهشت العالم بنهضتها الاقتصادية والأمر ينطبق على ألمانيا وإيطاليا.

فهل انتهت فعلاً عقلية التكبر والعنجهة والعنصرية أم أن الرماد تحته نار خافتة تنتظر من يشعلها؟

التقرير الأخير الذي صدر عن جرائم الكراهية في الولايات المتحدة الأميركية يدق أجراس الخطر، فكما نشرت CNN: أظهر التقرير السنوي عن جرائم الكراهية الصادر عن «FBI» ارتفاعاً حاداً في عدد الجرائم في أميركا، وبين أن المسلمين هم الأكثر استهدافاً، حيث ارتفعت جرائم الكراهية ضدهم بنسبة 67% في عام، بحيث بلغ عددها 154 جريمة في عام 2014 بينما ارتفعت إلى 257 في 2015، وأشار التقرير إلى أن الجرائم المرتكبة بدافع العرق بلغت نسبتها 59.2%، و19.7% منها سببها التحيز الديني«، وأترك لكم حرية قراءة النتائج المرتبطة بهذا التقرير وإسقاطاته المستقبلية في ظل الحكومة الجديدة في البيت الأبيض.
العالم العربي ليس بعيداً عن تلك الصراعات، وقد لعبنا ردحاً من الزمن دور الضحية في الحروب الكونية، بيد أننا انتقلنا إلى مرحلة جديدة ليس في الإسهام الحضاري للمنظومة الدولية، لكن فرض أنفسنا كلاعبين دوليين في الصراعات الإرهابية، حتى ارتبط اسم العربي المسلم اليوم بالعنف والإرهاب، وقد أجاد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عندما نشر مقالاً في«الشرق الأوسط»تحت عنوان«تعزيز روح التسامح للتغلب على الاضطرابات في المنطقة»ذكر فيه:«أصبح لزاماً علينا جميعا أن نعمل يداً بيد في هذه الأوقات العصيبة تحديداً، لتعزيز روح التسامح وترسيخها بين الشعوب بغض النظر عن الدين والجنس والتراث والثقافة، وتعزيز قدرة التصدي لنزعات التطرف والحقد والكراهية والانقسام».

الباحث في مجال التسامح يجد أن الدول التي تسعى له تربي أجيالها على قيم التعايش والسلام واحترام التعددية الثقافية والقبول بالآخر فكرياً وثقافياً ودينياً وطائفياً في المجتمع، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب والكراهية والعصبية والتمييز والإقصاء، كلمات من السهل سردها لكن كيف نغرسها في أجيال المستقبل؟ سؤال اتركه لعقولكم الذكية، للتحاور حوله.. وأفكاركم مرحب بها في وزارة التسامح، التي نفخر بها في الإمارات، لأننا لا نتصنع التسامح بل نعيشه.

المصدر: الاتحاد

د. خليفة علي السويدي يكتب: العالم من دون تسامح على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -


أخبار سوريا 
ميكرو سيريا