on
طبيب ناج من قصف المستشفيات بحلب لـ"السورية نت": لم يعد بالأحياء المحاصرة أماكن لإجراء العمليات الجراحية
براء الحسن - خاص السورية نت
تمر مدينة حلب شمال سوريا بفترات صعبة لم تشهدها منطقة خرجت عن سيطرة نظام الأسد من قبل، فالطيران الروسي والآخر التابع لقوات النظام بأنواعه يلقي يومياً كافة أنواع الأسلحة الحارقة والخانقة على أماكن يقطن فيها قرابة 300 ألف مدني محاصر، ويستهدف ما يساعدهم على العيش كالمشافي، ومحطات المياه، والأفران، وغيرها من المراكز التي لاغنىً لهم عنها يومياً.
ويذكر الدكتور "أبو أحمد" أحد أطباء مشفى عمر بن عبد العزيز الواقع في حي المعادي بمدينة حلب، والذي تعرض لقصف عنيف يوم الجمعة الفائتة أخرجه عن الخدمة، أنّ روسيا ونظام الأسد يتبعان سياسة الأرض المحروقة في كل حيّ محرر من أحياء مدينة حلب المحاصرة من خلال تكثيف القصف بالبراميل سواء أكانت متفجرة أو محملة بغاز الكلور السامّ.
ويضيف في تصريح خاص لـ"السورية نت" أن المناطق المحاصرة في حلب تتعرض لقصف بالقنابل والصواريخ الارتجاجية والفراغية، ناهيك عن آلاف الصواريخ والقذائف من الثكنات العسكرية المحيطة بمناطق سكن المدنيين.
ويشير أن مئات الغارات الجوية اليومية على الأحياء المحاصرة ورؤية المجازر اليومية بحق أطفال ونساء وشيوخ الأحياء المحاصرة، أصبح أمراً اعتيادياً على مرأى العالم أجمع.
"وضع كارثي جداً"
ويصف الطبيب الذي نجا من قصف تعرضت له المشفى التي يعمل بها، الوضع الإنساني في الأحياء المحاصرة بحلب بـ الكارثي جداً والذي لا يمكن وصفه بكلمات.
ويقول: "لا يمكن التنقل بين حيّ وآخر دون أن يصيب المتنقّل قذيفة أو شظاياها، حيث يتركز القصف على المرافق الخدمية الحيوية والطرق المؤدية إليها، أبرزها المشافي التي تعدّ أهم مرفق في ظل هذه الهجمة الشرسة".
وشرح الطبيب لـ"السورية نت" الوضع الطبي الحاليّ في الأحياء المحاصرة قائلاً: "جميع المشافي استُهدفت خلال القصف؛ ما تسبب بخروجها عن الخدمة، حيث ظهر جلياً تركيز نظام الأسد وروسيا على استهداف المشافي لزرع اليأس في صفوف من يتعرض للإصابات بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى لإخضاع الشعب المحاصر".
قصف المرضى
ولفت إلى أنه خلال اليومين الماضي تعرضت 5 مستشفيات للقصف وخرجت جميعها عن الخدمة. وعما حصل في مشفى عمر بن عبد العزيز قال الطبيب: "استُهدفت الطوابق الثاني والرابع والخامس خلال تواجد عشرات المرضى ومرافقيهم، ما تسبب باستشهاد وجرح عدة أشخاص، أعقبه قصف مكثف لمحيط المشفى بهدف منع عملية الإخلاء، حيث أنّ ضراوة القصف تصعّب إحصاء دقيق لعدد الشهداء بشكل يوميّ، وكذلك تعيق عمل ما تبقى من سيارات إسعاف فهي الهدف المفضل للطيران والمدفعية".
ويضيف: "أحياء حلب المحاصرة فقدت جميع الأماكن التي تجرى فيها العمليات الجراحية، وسط وصول المزيد من الجرحى ممن يحتاجون العمليات ولاحول لنا ولاقوة تجاههم، فالكوادر الطبية في حالة يرثى لها بسبب عجزها عن تقديم العلاج وإجراء العمليات للمصابين".
ويشير إلى أنّ نظام الأسد من المتوقع أن يلجأ في الفترة القادمة إلى تكثيف القصف على فرق الدفاع المدنيّ ومستودعات الطعام وكذلك الأفران التي تعاني شحاً في مادة الطحين، بعد إيقافه كافة المشافي الرئيسية عن الخدمة
"لا نستطيع المساعدة"
ويتحدث الطبيب "أبو أحمد" لـ"السورية نت" عن جانب من الوضع المأساوي للمصابين المحاصرين بالقول: "نسمع الكثير من نداءات الاستغاثة والمصابين الذين لا يمكن لفرق الإسعاف الوصول لهم وإيصالهم إلى النقطة الطبية، نظراً لقلة عدد السيارات المتبقية وكثافة القصف وهو ما يزيد من مأساتنا كأطباء، فخلال ست ساعات وثق الدفاع المدنيّ سقوط نحو 2000 قذيفة وصاروخ".
ومن جانبه يذكر "علي أ" أحد أبناء المدينة الوضع المتردّي للمحاصرين: "وصلنا إلى حالة كارثية في ظل وصول الحصار الثاني للشهر الرابع إضافة شهرين خلال الحصار الأول، حيث لم تتمكن القوافل الإغاثية من إدخال المساعدات عقب الحصار الأول بسبب القصف المكثف الذي تعرض له طريق الراموسة حيث استهدفت القوافل بكافة أنواعها".
ويضيف: "المسؤولون أفادوا بأنّ المواد الغذائية شارفت على النفاذ، حيث لم يعد متواجداً سوى كميات قليلة من الحبوب القابلة للتخزين، ولا يوجد أغذية ذات قيمة غذائية كبيرة وهو ما أثر سلباً على الأطباء خلال إجرائهم العمليات الجراحية بسبب سوء التغذية".
وبيّن أنّ الوضع يزداد سوءاً حيث يضطر الأهالي لتكسير الأبواب الخشبية لطهي الطعام لعدم توفر الغاز، تزامناً مع اشتداد وتيرة البرد وهو ما ينذر بكارثة أسوأ، مطالباً بضرورة "دخول قوافل المساعدات بأنواعها للأحياء المحاصرة وإيقاف القصف لأنّ استمرار الوضع على ماهو عليه سيجعل الأحياء المحاصرة وسكانها أثراً بعد عين خلال فترة قصيرة".
ويرى الطبيب "أبو أحمد" بأنّ فشل العمل العسكري الأخير الذي هدف لفك الحصار أثر سلباً على وضع الأحياء المحاصرة، ومع صعوبة فك الحصار عسكرياً ينبغي إخراج المدنيين كأولوية حيث لا تستطيع الطواقم الطبية القيام حالياً بعمليات جراحية سوى لنحو شخصين يومياً من أصل مئة عملية يُفترض عليها القيام بها، وقال: "كل ثانية نعيشها تعني أنّ روحاً قد تزهق بسبب قذيفة أو برميل".
وأضاف: "أيّ حل محتمل للوضع في الأحياء المحاصرة ينبغي أن يضع أرواح المدنيين كأولوية، وعلى الجميع إيجاد حل عاجل لحقن دماء أهالي حلب وحفظ أرواحهم فالثوار خرجوا من البداية للذود عن المدنيين الذين كان لهم الدور البارز في إشعال شرارة الثورة السورية، والحفاظ على أرواحهم أقل ما يقدم اتجاههم".
وكانت أحياء حلب المحاصرة شهدت استشهاد نحو ثلاثمائة مدنيّ وألف جريح ومفقود خلال الخمسة أيام الماضية حسب فرق الدفاع المدنيّ، وسط استمرار الهجمة الشرسة دون بروز أي بوادر جديدة لإيقاف المجازر، تزامناً مع محاولات يومية لقوات الأسد والميليشيات الأجنبية الموالية له التقدم على الجبهات داخل المدينة.