هل قرض صندوق النقد لمصر مقابل المهاجرين غير الشرعيين؟

محمد الشبراوي 

في 23 سبتمبر الماضي، وقبل توقيع مصر اتفاقية صندوق النقد الدولي، ذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إنّ رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، دعا الكتلة الأوروبية للضغط على مصر، لتوقيع “صفقة مهاجرين”، مثل التي وقعها الاتّحاد الأوروبي مع تركيا.

وتابع شولتز: “يجب على الاتحاد الأوروبي أنّ يعقد صفقة مع مصر ليكبح تدفق المهاجرين مقترحًا أنّ ورقة القرض الذي تنتظره مصر من صندوق النقد الدولي بشدة من الممكن أن تستخدم لإقناع مصر بقبول مثل تلك الصفقة، وهذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه”.

وأضاف شولتز “يجب أن يكون الاتفاق مع مصر «شاملًا»، مقترحًا أنّ لا يتم السماح لمصر باستلام قروض صندوق النقد الدولي إذا رفضت التعاون مع الاتّحاد الأوروبي للحد من تدفقات المهاجرين.

موافقة ألمانيه مقابل ترحيل المهاجرين

لاحقا، كشفت صحيفتي The Times البريطانية وThe Australian الأسترالية عن المساومات التي تجريها المانيا على مصر لإجبارها على ان تكون محطه وفود المهاجرين غير الشرعيين ممن يحاولون اللجوء لدول أوروبا بواسطه البحر المتوسط.

وأكدتا أن “موافقة ألمانيا على قرص صندوق النقد لمصر كان مقابل ترحيل المهاجرين غير الشرعيين القادمين لأوروبا إلى مصر”، ومساومات ألمانيا لمصر في مقابل التدخل لتخفيف شروط الشرائح المتبقية من قرض صندوق النقد الدولي.

وقالت الصحيفتان أن حصول مصر على الشريحة الاولي من القرض سريعا “جاءت بعد الانتهاء من مفاوضات اجراها الألمان في مواجهه أزمة الهجرة غير الشرعية لبلادهم”.

وكشفت مصادر دبلوماسية لجريدة “التايمز” زيارة أحد مستشاري المستشارة انجيلا ميركل البارزين لمصر مطلع أكتوبر، لبحث طرق زيادة وتوطيد التعاون بمجال الهجرة.

ونوهت لعقد “مستشار السياسة الخارجية لميركل ومنسق سياسات اللاجئين الخاص بها”، محادثات حول الخطط المحتملة لنقل المهاجرين من أوروبا لمصر مقابل مساعدات ألمانية للقاهرة بالتفاوض على شروط أفضل من المطلوبة من مصر لإنهاء قرض صندوق النقد الدولي.

وفي 6 نوفمبر الجاري ذكرت فضائية “سكاي نيوز” العربية أن ألمانيا تدرس إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى مصر وتونس، وأن وزارة الداخلية الألمانية تدرس منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا واعتراضهم في البحر، وإعادتهم إلى الدول التي جاؤوا منها مثل مصر وليبيا وتونس.

وبرر المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية الخطوة، التي لاتزال قيد التفكير، بأن “استبعاد احتمال الوصول إلى الساحل الأوروبي قد يقنع المهاجرين بتجنب القيام بتلك الرحلة التي تنطوي على تهديد للحياة، بالإضافة إلى تكلفتها”.

وشدد بيان الداخلية الألماني إلى أن الهدف من تلك الخطوة “إزالة الأساس الذي تقوم عليه منظمات تهريب البشر، وإنقاذ المهاجرين من تلك الرحلة التي تنطوي على خطر على الحياة”.

وما تفكر به وزارة الداخلية الألمانية هو الأسلوب الاسترالي في التعامل مع المهاجرين، حيث تتم معالجتهم في دولة أخرى من دول العالم الثالث، ثم نقلهم إلى بلادهم التي جاؤوا منها.

ولقيت هذه الخطوة اعتراضا واسعا من المعارضة الألمانية، ووصفها بريند رسكستفه زعيم حزب اليسار المعارض أنها “فضيحة إنسانية وخطوة أخرى نحو إلغاء حق اللجوء”، ووصف طريقة معاملة استراليا للاجئين بأنها “غير مقبولة تماما”.

ماذا قالت الخارجية المصرية؟

وفي 14 نوفمبر 2016 تحدثت الخارجية المصرية عن أن مسؤول أوروبي دعا للتعاون مع مصر في قضية الهجرة غير الشرعية، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية سامح شكري بديمتريس افراموبولوس مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون الهجرة.

وقالت إن ديمتريس افراموبولوس مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة، دعا خلال لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري بالقاهرة، إلى ترسيخ آليات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجالات الهجرة والأمن، دون توضيح طبيعة هذا التعاون.

وقال المتحدث باسم الخارجية إن المسؤول الأوروبي أشار، خلال اللقاء، إلى أن التعاون في هذين المجالين سيسهم في التغلب على التحديات المتصاعدة في المنطقة، وفى مقدمتها انتشار التطرف والجريمة المنظمة، فضلاً عن تزايد ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين وتداعياتها على أمن الشرق الأوسط وأوروبا.

ولكن المتحدث باسم الخارجية قال إن “افراموبولوس أكد حرص الاتحاد الأوروبي على تقديم الدعم اللازم لمصر في هذا المجال (الهجرة غير الشرعية)”، في إشارة لهذه الصفقة على ما يبدو.

وتزايدت في الآونة الأخيرة محاولات الهجرة غير الشرعية لمصريين وأجانب عبر السواحل المصرية -خاصة تلك التي تطل على البحر المتوسط، بسبب الاضطرابات السياسية وارتفاع معدلات البطالة في المنطقة، وأحبط الجيش المصري محاولات عديدة للهجرة غير الشرعية.

وصدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، على قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

قروض اوروبية 800 مليون دولار

وقد ذكرت وكالة “رويترز” لاحقا أن مصر تجري مباحثات مع دول أوروبية للحصول على قروض ثنائية بقيمة 800 مليون دولار، ونقلت عن وزيرة التعاون الدولي سحر نصر، أن القروض تهدف إلى التوسع في جهود محاربة الفقر وتخفيف الضغوط الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية.

وأوضحت نصر لجريدة البورصة على هامش مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي أن جزءا من التمويل سيكون منحة لا ترد، والجزء المتبقي قروض بفائدة ميسرة. وقالت نصر إن البنك الدولي وافق على تمويل جديد بقيمة 400 مليون جنيه، ستخصص لبرنامج الأعمال العامة، الذي يركز على خلق وظائف ومبادرات للتمويل متناهي الصغر، من المنتظر إطلاقها في أوائل 2017.

فهل تسهيل الاوروبيين القرض الدولي لمصر جاء بضغوط بالمقابل على مصر للقبول بفتح اراضيها لاستقبال كل اللاجئين الفارين لأوروبا، بعد ضبطهم وإعادتهم، على غرار التجربة الاسترالية بتجميعها في دولة من دول العالم الثالث، هي مصر في هذه الحالة، ثم ترحيلهم لبلادهم؟