المراهقون السوريون… واقعٌ مربكٌ ومستقبلٌ غائمٌ


image

وضحة العثمان: المصدر

خمس سنوات كانت كافية ليصبح القسم الأكبر من أطفال سورية، ممن خرجوا مع ذويهم إلى بلاد النزوح، في شريحة الفتوة والشباب ليدخلوا بالتالي في مرحلة المراهقة؛ هذه المرحلة الحرجة والخاصة من عمر الشباب والتي تحدد بشكل أو بآخر مستقبلهم ومشاريعهم ونمط حياتهم.

وإن كانت تحكم مرحلة المراهقة جملة من المشكلات المتعلقة بها، فإنها في الحالة السورية في بلدان اللجوء لها خصوصيتها في واقع مربك ومستقبل لما تتحدد ملامحه بعد.

يعيش الشباب السوري في عمر المراهقة بخصوصية أحلام وطموحات في واقع لا يمكن وصفه إلا بالاستثنائي، فأغلب الأسر تعيش في مخيمات أو منازل مشتركة مع أقاربهم حتى يتقاسمون أعباء الحياة الاقتصادية معا، والمراهق كما يعلم الجميع لديه نزعة للاستقلالية وتحقيق الذات والتمسك بالقرارات.

هذه المرحلة العمرية الحرجة تحتاج من الأهل إلى متابعة مستمرة ودؤوبة متسلحين بنمط علاقة شفافة متفهمة معهم ليصل هؤلاء المراهقين إلى مرحلة الشباب بملامح واضحة وشخصيات قوية ومتزنة.

ولا يجد السوريون اليوم في ظل ظروفهم الحالية الفرصة لإعطاء أبنائهم الاهتمام والمتابعة ولا حتى أبسط الحقوق كوجود غرفة مستقلة لذلك المراهق أو إعطائه جزءا من وقتهم لسماع ما يجول في خاطره من تساؤلات، ناهيك عما يعيشه المراهق والأهل معا من إرباكات حياتية بسبب وجودهم جميعا في غرفة واحدة “في كثير من الأحيان”.

في ظل هذا الواقع تحول القسم الأكبر من المراهقين السوريين إلى أشخاص عدوانيين ناقمين على كل شيء في هذا العالم، والقسم الأخر يعاني من اضطرابات نفسية وهشاشة في الشخصية وضعف في القدرة على التصرف وتحمل المسؤولية. إنها كارثة حقيقة يعيشها المراهقون في ظل تلك الأزمة التي طالت عليهم لتقتل كل ما هو جميل وكل أمل في المستقبل.

“عمر” بائع الخضار صاحب النظرات الحادة، يقول لـ”المصدر”: “كنت أحلم بغرفة مستقلة وأشياء خاصة وتناول القهوة على شرفة غرفتي كما كان يفعل إخوتي وأنا صغير، وأن أصطحب أصدقائي للسهر في بيتنا ويعلو صراخنا ونحن نخطط لمستقبلنا كما كان يفعل كل من هم في عمري، ولكني كل يوم أصحو من هذا الحلم على صراخ أمي على إخوتي لينهضوا حتى تقوم بترتيب الخيمة التي لا تسعنا قبل عودة أبي من إحضار الخبز”.

أما ريم هي الأخرى فتقول لـ “المصدر”: “كنت أحلم بأن أصبح مهندسة ديكور وأن يصبح لي مكتب مستقل وأن أفعل الكثير في حياتي، ولكني الآن لا أستطيع الحصول على متر مربع مستقل أضع فيه أشيائي الخاصة أو خزانة أرتب فيها ملابسي”.

عمر وريم وخالد وعمرو وأمثالهم الكثير، هم بحاجة إلى من يرعى أحلامهم ومستقبلهم مهما كانت ضغوطاتنا كبيرة وظروفنا صعبة كأهل علينا استحقاق أخلاقي أمام هؤلاء الشباب حتى يصلوا إلى بر الأمان. ولا تزال عبارة عمر تدوي حين قالها بصوته القوي:”عندما كان لنا بيوت ووطن كان لنا أحلام ومستقبل. أكره الحرب وأكره النزوح، أبحث عن ذاتي فأين أجدها؟!”.





المصدر