on
عدوان إيران على سورية ومصنع الصواريخ المدمر
أحمد مظهر سعدو
مع استمرار التدخل العدواني الإيراني في سورية، وبعد أن أصبح الاحتلال الإيراني لبعض أجزاء من الجغرافيا السورية أمرًا مؤكدًا، فإن متابعة الشأن الإيراني وكشف مشروعاته الاستيطانية المنخرطة انخراطًا سافرًا في سورية، وكذلك في العراق، بات أمرًا ضروريًا، ومهمة وطنية يصعب الابتعاد عنها، لكل إعلامي سوري يعيش الهم الوطني، ويهزّه أتون الثورة السورية، وصولًا إلى حالة الاستنفار الداخلي السوري، الذي يلقي بتبعاته على الجميع دون استثناء، وخاصة بعد تصريحات كبار القادة الإيرانيين، السياسيين والعسكريين، الذين يتحدثون عن الشأن السوري وكأنه أصبح شأنًا إيرانيًا بامتياز، ولم يكن تصريح قائد القوى الجوية الايراني (أمير علي حاجي) الذي قال فيه: “إن قوات الولايات المتحدة الأميركية دمرت -بالكامل- مصنع صواريخ أرض – أرض، كانت دشنته ايران في حلب السورية” خارج هذا السياق، بل في صلبه وضمن أدواته، ويعبر عن الاستراتيجية الإيرانية عمومًا.
أثار هذا التصريح الرسمي تساؤلات وردود فعل عديدة، من قابلين بذلك أو مشككين فيه، بواقع أن الايرانيين غالبًا ما تكون تصريحاتهم حول الأوضاع في سورية مُتّسمة بالخداع والمداورة، والابتعاد عن الحقيقة، خاصة عندما يؤكد (حاجي) في مكان آخر أن “مرشد الجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، أمر أن يقتصر حضور القوات العسكرية الإيرانية في سورية والعراق على “إعطاء استشارات”؛ حتى “لا نورط بلادنا في مستنقع”، حيث إن الحرب “حرب استنزاف” كما شاء أن يصفها، بينما يُدرك القاصي والداني مدى التورط العسكري الإيراني الفاضح في سورية، وليس بعيدًا عنه، رعاية عرض عسكري بلهجة لبنانية ودبابات أميركية، أقيم -في الآونة الأخيرة- في القصير، بتنفيذ من عناصر حزب الله المحتل للقصير وماحولها.
ضمن هذا السياق، وحول قصف وتدمير مصنع الصواريخ المدّعى، قال محمود أحمد الأحوازي، أمين عام جبهة الأحواز الديمقراطية (جاد) لـ (جيرون): “لا أرى صحة لهذا الخبر لسببين: أولًا أن الصواريخ الإيرانية كالسورية، لم تُهدد إسرائيل، طبقًا لثمانية وثلاثين عامًا من حكم الخميني في ايران، ومن المؤكد أن التوافق الذي تم بين 5+1 وايران ضمِن لإسرائيل الأمن والأمان، والثاني أنه لو دمّر الأميركيون المصنع؛ من أجل حماية الشعب السوري، فالشعب السوري يُقصف اليوم بأنواع الصواريخ السورية والإيرانية والروسية، وبعضها يحمل ذخائر محرّمة دوليًا، والأميركيون يتفرجون”.
إضافة الى ذلك؛ فقد ذهب الأحوازي إلى ما هو أبعد في تفسيره لطبيعة العلاقة المرتقبة بين إدارة الرئيس دونالد ترامب والإيرانيين، بُعيد استلام الإدارة الجديدة مطلع العام المقبل، مشيرًا إلى أن “السياسة الأميركية (استراتيجيًا) ثابتة، لكنها تتغير تكتيكيًا بحسب الضرورة، واتخاذ سياسة مؤثرة من الدول العربية، وضغط إسرائيل على الغرب، وخصوصًا أميركا، وهو ما سيسبب التغيير التكتيكي، تجاه إيران والمنطقة، وهناك بعض الإشارات الواضحة في هذا المجال، إضافة إلى خروج العلاقة الأميركية مع إيران من السر إلى العلن”.
يرى الأحوازي أن الأوضاع في سورية تُنبئ بالكثير من التغيرات الآنية والمستقبلية، لكنه لا يرى ملامح أي صدام محتمل بين الإيرانيين والأتراك في سورية، استنادًا إلى كثير من المعطيات ويؤكد، قائلًا: “لا أتوقع حدوث صدام بينهما؛ بسبب العلاقات الاقتصادية المتداخلة، وحاجة الطرفين لاستقرار داخلي، خصوصًا في هذه المرحلة، لكن العلاقات السياسية ستزداد توترًا أكثر، نظرًا لأهمية ساحة شمال العراق باتجاه سورية للطرفين، فإيران تحاول الاتفاق مع (ب ك ك) وأميركا لشق طريقها البري المباشر والسريع إلى سورية، وتركيا تريد إبعاد الأكراد عن هذا الجزء من العراق وسورية، الذي بدأ الخلاف منه في ساحة (سنجار) و(تل أعفر)، إضافة إلى دخول القوات التركية إلى سورية”.
لكن المتابع للوضع الداخلي الإيراني، ومن يرصد حالة الفوران والانتفاض الجارية في غير مكان من إيران، وخاصة في أماكن وجود شعوب أخرى، وقوميات متمايزة ومحتلة من الدولة الفارسية، يتبين مدى أهمية الرهان على ضرورة حراك مدني أو عسكري في إيران، من الممكن أن يساعد في لجم الثور الإيراني الهائج، والذي يدمر المنطقة في كثير من الأمكنة والأوطان. حيث شهدت الأحواز المحتلة بعض المظاهرات الاحتجاجية ضد حكومة طهران، بعد أن فُصل عديد من العمال العرب الأحوازيين عن عملهم؛ نتيجة توجهاتهم الوطنية الاستقلالية، كما شهدت مناطق الأذربين والأكراد مثل ذلك.
ومن جهته، يُنبّه الأحوازي دول الخليج والمحيط العربي والإسلامي إلى أن الثورة الأحوازية “تنتظر من يدعمها تنظيميًا وتسليحًا، فالتنظيمات الأحوازية حاليًا غير قادرة؛ بسبب قلة مصادر دعمها المالي واللوجستي، من أي جهة عربية، أيضًا، لابد من اتحاد الأحوازيين وتنسيقهم ميدانيًا مع تنظيمات القوميات غير الفارسية”.
ما يزال الاحتلال الإيراني لبعض سورية، وأخذه سورية ونظامها في جعبته النفعية، وتدخّله فيها، يرتكز على مشروع فارسي، يطال المنطقة برمتها، يحتاج إلى ما يقابله ميدانيًا، كمشروع مواجه على المستوى العربي، وتحركات جدية على المستوى الإقليمي والدولي أيضًا.
المصدر