تحتاج الولايات المتحدة إلى تحميل روسيا المسؤولية عن عدوانها


أحمد عيشة

00

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم  19تشرين الأول/ أكتوبر (آدم بيري /صور جيتي)

المهمة الكبرى لأيّ إدارةٍ رئاسية هي حمايةُ مصالح الأمن القومي الأميركي، والآن أكثر من أيّ وقتٍ مضى، يجب أن يبدأ المسعى المهم في التعامل مع روسيا المتمردة.

على مدار الساعة، يقضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقته في مكتبه، لقد أصبحت روسيا متعهدًا للأجندة المعادية للديمقراطية، بشكلٍ يتناقض تمامًا مع القيم التي نحن، كأميركيين، نعتز بها -العملية الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان وسيادة وحكم القانون.

لقد تدخلت روسيا في انتخاباتنا، وتهدد الحياة بالانقراض في كلٍ من أوكرانيا وسورية، وتسعى لتفكيك النظام الدولي القائم على القواعد التي وفرت الاستقرار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

تلك هي حقائقٌ لا تقبل الجدل، ولكنك لن تعرفها من تعليقات دونالد ترامب المثيرة للقلق في الحملة الانتخابية، أنا لا أعرف كيف سيتعامل مع روسيا، حالما يشغل مسؤولية المكتب البيضاوي، ولكن إذا كان الماضي هو المقدمة والفاتحة، فإنني لست متفائلًا على الرغم من حبي لهذا البلد، وما تمثله بالنسبة إلى كثير من البشر حول العالم.

لذلك، أطالبُ ترامب أن يأخذ على محملِ الجد تقييّمات استخباراتنا، والمتخصصين في مجال الأمن بشأن تصرفات روسيا، كما أناشد إدارة ترامب أن تنظر إلى روسيا على ما هي عليه –بوصفها بلطجيًا وخصمًا عالميًّا، وأنا أشجع قيادة الأمن القومي المقبلة على فهم من هم أصدقاؤنا الحقيقيون وحلفاؤنا الحقيقيون، وأن يعتمدوا علينا لتأمين القيادة ضد عدوان موسكو.

التعزيز المحلي للسيطرة من قبل بوتين هو منهجيٌّ، ويستذكر أيام قتامةَ روسيا. هناك مقياسٌ جيد لكيفية تصرف حكومة ما دوليًا، وهو كيفية تعاملها مع شعبها، وروسيا اليوم فشلت وفق هذا المقياس، كما يتضح من انتخابات مجلس الدوما الأخيرة، التي قيدت مساحة أحزاب المعارضة، وتستمر في احتجاز نشطاء المجتمع المدني.

تُواصلُ روسيا الأنشطة المزعزعة للاستقرار في الخارج، بالهجمات على القوات الأوكرانية عبر منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا، واحتلالها غير الشرعي لشبه جزيرة القرم، وانتهاكها للسيادة الأوكرانية، التي لا يمكن ولن تكون أبدًا مشروعة، وإعلان بوتين، يوم الأربعاء، أنَّ روسيا ستنسحب من المحكمة الجنائية الدولية بسبب تحقيق تجريه الأمم المتحدة حول نشاطاتها في أوكرانيا.

في سورية، القصف واسع النطاق على حلب، من القوات الروسية، هو جريمةٌ أخلاقيةٌ وغير معقولةٍ ضد الإنسانية. لقد قلنا مراتٍ عديدة كمجتمع دولي، “أبدًا لن تتكرر”. ولكن ذلك يحدث، وتتكرر اليوم، وتمامًا الآن، وبقيادة الرئيس السوري بشار الأسد وبوتين.

لاقى عمل مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مؤخرًا، لتجريد روسيا من عضويته، استجابةً واسعة، وكان موضع ترحيب من المجتمع الدولي، لكننا يجب ألا نتهاون في جهدنا لفضح هذه الأعمال غير الشرعية، ومحاسبة الجناة عن تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وكما نعلم جميعًا، وصلت مخالب الكرملين إلى شواطئنا الخاصة خلال انتخابات 2016، ولم تكن محاولة روسيا لعرقلةِ مثل هذا الحدث البارز، كونه الانتخاب الديمقراطي للرئيس الأميركي خالية من الإدهاش، لذا تحتاج الولايات المتحدة إلى صوغ ردٍّ دولي فوري وشامل على العدوان الروسي.

أولًا، نحن في حاجةٍ الى إرسال رسالة حازمة، بأن استبداد روسيا المحلي وعدوانيتها تجاه الدول، لهما عواقب، ويجب علينا أن نوضح تمامًا أنَّ هناك تكلفةً لمهاجمة الولايات المتحدة، سواء قامت بها طائرة الميغ أو الماوس/الفأرة، وينبغي لنا أن نبحث في عقوباتٍ قطاعية موسعة، وعقوباتٍ محددة على الأفراد الذين يعرف عن شراكتهم في الجرائم والفظائع، عبر مجموعة من الخيارات، تشمل قطاع الطاقة الروسي، ومنع مشاركة الولايات المتحدة في شراء سندات الديون الروسية.

ثانيًا، نحن في حاجةٍ إلى أن نكون هناك لأجل أصدقائنا، فحلفاؤنا في أوروبا الوسطى والشرقية هم على الخطوط الأمامية للتدخل الروسي، لقد قدمت إدارة أوباما بحقٍ، المساعدة الأمنية الكبيرة لهذه الدول من خلال مبادرة الاطمئنان الأوروبي، ولكن إضافة إلى هذه المبادرة، نحن في حاجةٍ إلى مبادرة تدعم الديمقراطية الأوروبية بالموارد، التي من شأنها أن تعزز تلك المؤسسات الديمقراطية الضعيفة مقابل الضغوط الروسية.

ثالثًا، يجب علينا دعم المدافعين عن حقوق الإنسان المحاصرين داخل روسيا والمستمرين في مواجهة قمع الدولة المتزايد، إلدار دادين هو أحد الأمثلة على ذلك، ورسالته الأخيرة من السجن، والتي يصف فيها التعذيب الجسدي والنفسي على أيدي حراس السجن، تذكر بواحدٍ من الخطابات المماثلة من ألكسندر سولجينتسين، أيام الاتحاد السوفياتي، أو ويي جينغ شينغ في الصين، الذي كتب “الشجاعة بذاتها.”

يعيش ناشطو اليوم في ظروفٍ قاتمة، ولكن من واجبنا أن نتكلم نيابة عنهم ولأجلهم، ونضغط على منتهكي حقوق الإنسان الروس باستخدام قانون ماغنيتسكي (قانون سنه الكونغرس الأميركي عام 2012 لمعاقبة المسؤولين الروس عن موت المحامي سيرجي ماغنيتسكي في السجن في موسكو عام 2009، م.) إلى الحد الأقصى.

من غيّرِ المرجح أن تتماشى مواقفي السياسية حول روسيا، مع رؤية الرئيس المنتخب ترامب في هذا الوقت، ولكن، وأعتقد أن هذه القيم الأساسية –التحدث علنا ضد انتهاكات القانون الدولي وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في سياق الدفاع عن الديمقراطية والمساءلة وحرية التعبير- يجب أن تكون في مقدمة أولويات السياسة الخارجية الأميركية، وهو الرأي الذي يشاطره كثير من الأعضاء في مجلس الشيوخ من كلي الطرفين.

وآملُ، أن الرئيس المنتخب وفريقه، سوف يعملان معنا في المناطق التي يمكن أن نجد أرضية مشتركة، ولكن لن أتردد في إجراء الرقابة الصارمة في حالة انتهاك تلك القيم.

اسم المقالة الأصليThe United States needs to hold Russia accountable for its aggression
الكاتب*بن كاردين، Ben Cardin
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post، 17/11/2016
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/the-united-states-needs-to-hold-russia-accountable-for-its-aggression/2016/11/16/d4f00c22-ac22-11e6-8b45-f8e493f06fcd_story.html?utm_term=.57c2cffb5a18
المترجمأحمد عيشة

* سناتور أميركي من ولاية ميريلاند، وزعيم الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.




المصدر