ترامب يتراجع عن بعض وعوده ويحاول إخماد "نار الحرب" مع وسائل الإعلام


عاد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الثلاثاء، عن عدد من وعود حملته الانتخابية فخفف من حدة موقفه من المناخ، وألمح إلى إمكانية عدم ملاحقة هيلاري كلينتون قضائياً فيما غير رأيه بشأن التعذيب، لكنه ظل غامضاً في ما يتعلق بسياساته وخصوصا الخارجية.

وخرج الرئيس المنتخب من مقر إقامته في برج ترامب حيث يجري مشاورات تشكيل الإدارة ليتجه إلى مبنى صحيفة نيويورك تايمز لإجراء مقابلة واسعة النطاق بشأن خططه.

وأدان ترامب ناشطي "اليمين البديل" الذين اعتبروا فوزه نصرا لنظرية تفوق العرق الأبيض، ونأى بنفسه عن الدعوات إلى محاكمة خصمته الديموقراطية السابقة في الانتخابات هيلاري كلينتون ودافع عن إمبراطورية أعماله العالمية.

كما بدا كأنه يخفف من حزم وعوده بسحب الولايات المتحدة من اتفاقات على غرار اتفاقية باريس للمناخ في العام الفائت التي تلزم كل دولة بتخفيض انبعاثاتها من غازات الدفيئة.

وقال ترامب لمدراء وصحافيي نيويورك تايمز أثناء غداء في مقرها "إنني أنظر إلى هذا الأمر من كثب وانفتاح" وفقاً لما نقلته الصحيفة. غير أنه كرر أثناء حملته الانتخابية قبل التصويت في 8 تشرين الثاني/نوفمبر أمام الحشود في منطقة "حزام الصدأ" (القلب الصناعي للبلاد قبل هجرة المصانع) والجنوب، حشود ضمت عمال مصانع ومناجم فحم ونفط، أنه سيمزق وثيقة اتفاق المناخ العالمي.

وفي 2012 قال في تغريدة إن "مفهوم تغير المناخ تم اختلاقه من طرف الصينيين ولصالحهم للقضاء على تنافسية التصنيع الأمريكي".  وكان ترامب توعد بـ"إلغاء" الاتفاق الذي تبناه 195 بلداً نهاية 2015 خلال قمة باريس المناخية.

ويهدف الاتفاق إلى احتواء ارتفاع حرارة الأرض بحيث يبقى دون درجتين مئويتين. وصادقت الولايات المتحدة، ثاني أكبر الدول الملوثة بعد الصين، على الاتفاق في بداية أيلول/سبتمبر بدفع خصوصاً من الرئيس باراك أوباما.

الآن بعد انتخابه وانتظار توليه رسميا رئاسة البلد في 20 كانون الثاني/يناير، أقر ترامب ردا على سؤال كاتب نيويورك تايمز توماس فريدمان بامكانية وجود رابط بين أنشطة التصنيع البشرية وتغير المناخ.

وقال "أعتقد أن هناك علاقة (بين البشر والتبدل المناخي)، هناك شيء ما"،  موضحاً أنه ينبغي معرفة "كم سيكلف تنفيذ (اتفاق باريس) شركاتنا" وأي أثر سيكون له على التنافسية الأمريكية.

"تحيات نارية"

وبدت المقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز بمثابة هدنة مؤقتة مع الإعلام الذي يكرهه ترامب، لا سيما بعد معلومات عن اجتماع صدامي ليس للنشر سبقها مع إداريي وكبار صحافيي شبكات التلفزيون الكبرى.

وغالباً ما هاجم ترامب في تغريداته، وآخرها الثلاثاء، صحيفة "نيويورك تايمز الفاشلة"، لكنه نأى بنفسه عن التهديدات بتشديد قوانين التشهير وحادث مسؤولي الصحيفة بمرح، وقال: "أنا أقرأها بالفعل. مع الأسف" متابعا "لو لم أفعل لطال عمري 20 عاما".

كما أدان تحت وقع الأسئلة المتكررة ما يعرف بتسمية "اليمين البديل"، بعد لقاء قادة الحركة في واشنطن في نهاية الأسبوع للاحتفال بفوزه وسط تحيات نازية.

كذلك شدد الرئيس المنتخب على نقطة مثيرة للجدل، هي أن إمبراطورية الأعمال التي يديرها حول العالم لن تطرح تضارب مصالح له كرئيس، أقله بحسب محامين استشارهم.

وقال ترامب الذي جمع ثروة من خلال بناء شبكة واسعة من الفنادق والمباني الفاخرة، لصحافيي التايمز "القانون إلى جانبي بالكامل، لا يمكن أن يكون للرئيس تضارب للمصالح".

كذلك أعلن ترامب أنه يراجع موقفه حول تعذيب الموقوفين بعدما كان وعد خلال حملته الانتخابية باللجوء إلى هذه الأساليب، وذلك بعد لقاء مع الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي يعتزم تسميته على رأس البنتاغون.

ونقلت الصحيفة كذلك أن الملياردير الجمهوري يرغب أن يكون من ينتزع اتفاق سلام لإنهاء "النزاع المستعصي بين إسرائيل والفلسطينيين" حسب تعبيره، لكنه بقي غامضا بشأن حمام الدم في سوريا مؤكدا "علينا إنهاء الجنون الساري".

كما أغدق ترامب بالمديح على الرئيس باراك أوباما، سلفه في البيت الأبيض، مؤكدا للصحيفة أنه تشرف بلقائه رغم الخطاب الهجومي في حملته".

نائب عام خاص

ورداً على سؤال إن كان سينفذ التهديد الذي وجهه مباشرة إلى كلينتون أثناء مناظرتهما الثانية بتعيين نائب عام خاص للتحقيق بشأنها أكد الرئيس المنتخب للصحيفة أن ملاحقة الزوجين بيل وهيلاري كلينتون "ستثير انقساما هائلا في البلاد".

وعلى غرار أسلافه، لم يبد ترامب على عجل لتشكيل إدارته تاركا الصحافيين أمام برج ترامب يطاردون الشائعات فيما يواصل مشوراته في الأعلى.

وإذا كانت الطبقة السياسية التقليدية في واشنطن تتوقع من الثري الشعبوي الاستفزازي الذي جال البد في الحملة الانتخابية أن يعين فريق قيادة من الشخصيات المتواترة على الساحة السياسية، فقد تشهد خيبة.

فقد اختار ترامب كبير استراتيجيين يصف نفسه بأنه "قومي اقتصادي" و مستشارا للأمن القومي سهل أوباما تقاعده وتناول العشاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبعدما أوصل تحدي القواعد السياسية ترامب إلى أقوى منصب في العالم في مغامرته الانتخابية الأولى، لم يبادر الملياردير السبعيني والنجم السابق لتلفزيون الواقع إلى التغير الآن؟

وقت الشكر

أشار استطلاعان للرأي نشرا الثلاثاء إلى تفاؤل أكثرية الناخبين في أن تقود جهوده من أجل أن "تعود أمريكا عظيمة"، إلى مستقبل أفضل للبلاد. وكشفت بيانات لجامعة كوينيبياك أن أغلبية الناخبين ترى من الضروري أن يتوقف عن التغريد، لكن أكثرية بدت "متفائلة بشأن السنوات الأربع المقبلة برئاسة دونالد ترامب".

ووجد استطلاع مشابه لشبكة سي ان ان/او آر سي إن أغلبية محدودة بنسبة 53% من الناخبين ترى أن ترامب سيحسن الأداء.

وفي وقت متأخر الثلاثاء وصل ترامب إلى عشاء عائلي بمناسبة عيد الشكر في منتجعه للغولف في مارالاغو بولاية فلوريدا، حيث اجتاز موكبه طريقا ملأ أنصاره جانبيها وسط هتافات الترحيب والتقاط الصور.




المصدر