المرأة السورية الناشطة تحطّم إطاراتها النمطية
24 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
عاصم الزعبي
استطاعت المرأة السورية، خلال السنوات الخمس الماضية، كسر الإطار النمطي الذي أريد لها أن تكون محتجزة في داخله، سواء من المجتمع الذي تسيطر عليه العقلية الذكورية، أم من نظام الأسد الذي عمل جاهدًا على تحجيم دور المرأة السوريّة من خلال اختزالها بعدد قليل من النساء اللواتي ينتمين إلى الدائرة الحزبية الحاكمة، ومن يلف لفها، مدعيًا حريتها في الظاهر فحسب.
مع بدء التظاهرات المطالبة بالحرية، شاركت المرأة السورية في المجالات المختلفة. نزلت إلى الشوارع والساحات في التظاهرات السلمية، وكانت جنبًا إلى جنب مع الرجل في المطالب التي نادى بها أبناء الشعب السوري، وعندما دخلت الثورة في مرحلة التسليح، كانت المرأة هي المسعفة في المستشفيات الميدانية، وهي الإعلامية التي تنقل الأخبار والأحداث، بسبب قدرتها على التحرك بسهولة أكثر من الرجل الذي كان يتعرض للملاحقات الأمنية.
منال أبا زيد، من درعا البلد، مهد الثورة السورية، انخرطت منذ اليوم الأول في الثورة في مجالات عدة، وعن بدايات نشاطها، قالت لـ (جيرون): “عملتُ -منذ بداية الثورة- في المجال الإعلاميّ، حيث كنت مديرة المكتب الإعلاميّ للهيئة العامة للثورة السورية في محافظة درعا، وكنا نقوم بنقل الأخبار والأحداث في المنطقة، وبعد ذلك، عملت مع شبكة التفاعل التنموية (دي آي إن) في مجال الإعلام والتوثيق، حيث كنا نوثق الشهداء، وأسماءهم، وعدد هجمات قوات الأسد، من غارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي”.
وأوضحت أنها كانت من أوائل المنتسبين إلى الدفاع المدني في محافظة درعا، و”خضعتُ لعدة ورشات في مجال الإنقاذ الطبي، والحالات الإسعافية الطارئة، إضافة إلى عملي في مجال التوعية للأطفال والنساء حول مخاطر القصف، ومحاولة تجنب هذا الخطر”.
وأكّدت أن “المرأة هي أكثر من تعرّض للعنف والاضطهاد في هذه الحرب، فهي الآن تتحمّل المسؤولية المتعلقة بالمنزل والأسرة والعمل كاملة، خاصة مع غياب الرجل في حالات كثيرة، كما تعاني المرأة من أوضاع النزوح القاسية بعد فقدان البيوت والأزواج”.
أهميّة التوثيق
نور الخطيب، من مدينة حماة، الطالبة في كلية الحقوق، باتت اليوم من أهم الناشطات الحقوقيات في سورية، وتعمل حاليًا في قسم توثيق المعتقلين والمختفين قسريًا، في الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وعن نشاطها المؤازر للثورة السورية، قالت الخطيب لـ (جيرون): “كان نشاطي -بداية الثورة- ضمن تنسيقية حي باب قبلي في الحراك السلمي، وكان نشاطنا يتركز -آنذاك- على الناحية الطبية أساسًا، إضافة إلى العمل في المجال الإعلامي، والتنسيق الميداني والإغاثي؛ حتى العام 2012، حيث تعرضت للاعتقال، وبعد خروجي من السجن آمنت بأهمية التوثيق القانوني وخاصة فيما يخص المعتقلين، فبدأت العمل مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في قسم المعتقلين والمختفين قسريًا، منذ ثلاث سنوات ولا أزال حتى اليوم”.
تؤمن المرأة السورية بعدالة قضية الشعب السوري في المطالبة بالحرية والديمقراطية، وبالعمل على بناء وطن يتسع لجميع أبنائه، ويسوده القانون، كما تقول هادية محمد، من دمشق، التي لم تسنح لها “الفرصة للمشاركة في المظاهرات”، أو “الانخراط في أي عمل ميداني” بسبب “إقامتي في العاصمة الأردنية عمّان منذ فترة طويلة، فقرّرت أن أساهم ولو من منزلي. قمت بتأسيس صفحة باسم “شبكة الثورة السورية” التي تغطي -اليوم- أخبار معظم المناطق في سورية، بالتعاون مع عدد من الناشطين والناشطات داخل سورية وخارجها”.
باتت القضايا المتعلقة بالمرأة، وخاصة العنف ضدها من أهم أولويات المنظمات، وحتى الدول، ومؤسسات المجتمع المدني، بوصفها قضية تنعكس آثارها -إيجابيًا أو سلبيًا- على المجتمع عامة؛ ما دفع بالمجتمع الدولي لوضع قواعد عدة، وإبرام اتفاقيات للقضاء على العنف والتمييز ضد المرأة، كان من أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي تدعو إلى إقرار الحماية القانونية للمرأة، والامتناع عن أي عمل من أي جهة، يؤدي إلى العنف والتمييز ضدها.