المنظمات تترك بصمتها بأنشطة ومشاريع .. مساع نسائية طموحة بإدلب لتمكين المرأة في بناء المجتمع

24 نوفمبر، 2016

 

باتت مدينة إدلب عقب خروجها من قبضة نظام الأسد مركزاً أساسياً لعدد من المنظمات والجمعيات النسائية الساعية للنهوض بالمرأة من جديد بعد أن انحسر دورها خلال الفترة الماضية. 

وقد كرست هذه المنظمات جهودها لتمكين المرأة في المجتمع من كافة النواحي الثقافية والاجتماعية والتنموية والإنسانية لكي تصبح قادرة على تلبية أمورها الحياتية، ولتتجاوز مختلف العقبات التي تعرقل تقدمها.

وعلى هذا الأساس أقامت هذه المنظمات العديد من الدورات في مختلف المجالات فشملت تطوير القدرات وإدارة المشاريع، بالإضافة للدعم النفسي.

ومن بين المنظمات التي عملت في هذا الحقل “منظمة بارقة أمل النسائية” التي تحدثت مديرتها “ندى السميع” لـ صدى الشام عن تجربتهم وقالت: ” مع تحرير مدينتنا سعينا جاهدين لوضع دعائم تساعد المرأة على تسيير أمورها داخل وخارج منزلها. بدأنا بعشرة نساء مثقفات ووصل عددنا كمتطوعات إلى قرابة 100 امرأة وفتاة من كافة الفئات الاجتماعية”.

وللمنظمة عدد من المشاريع التنموية ومن بينها مشروع “المونة” الذي يقدم رأس المال للنساء العاملات فيه وتعود أرباحه البسيطة عليهن وعلى المنظمة، وأضافت ” السميع”: “أما مشروعنا الأهم والمطروح من أشهر والذي ننتظر تطبيقه على أرض الواقع فهو افتتاح مكاتب نسائية في الإدارات المدنية بإدلب بهدف تسهيل وتسريع أمور النساء عامة والفاقدات للمعيل خاصة داخل تلك المؤسسات”.

دورات وصعوبات

 

وقد أبدت مختلف الكوادر العاملة في مجال تمكين المرأة بمدينة إدلب رضاها عما تم تحقيقه وما قدمته المنظمات من دفعة كبيرة جعلت مساهمة المرأة بالمجتمع توازي الرجل وتصب ببوتقة واحدة، وتعود بالفائدة على المرأة ومحيطها وتجعلها تطور إمكانياتها.

 

وفي هذا الشأن لفتت “نرمين خليفة” مديرة رابطة المرأة المتعلمة إلى أن الرابطة قامت بأربع دورات تمريضية إسعافية بالإضافة لمبادئ المعالجة الفيزيائية، وركزت على النساء واليافعات في إدلب المدينة والريف فضلاً عن المخيمات. وذلك بمشاركة 100 متدربة بعضهن حصلن على شهادات معترف بها من الهلال الأحمر وأخريات حصلن على شهادات مشاركة من الرابطة بعد اجتيازهن الامتحانات النظرية والعملية برفقة مختصين.  وكان الهدف من هذه الدورات تدريب المرأة لتتمكن من إسعاف من حولها أو على الأقل أطفالها بحال حصول أي حادثة أو قصف جوي خصوصاً في ظل قلة الكوادر الطبية واستهدافها بشكل مستمر مما يعرقل عمليات الإسعاف بالسرعة المطلوبة.

وبالحديث عن الصعوبات التي واجهت المرأة فقد تمثلت بالقصف الجوي المستمر الذي يجعل الأهالي يمنعون بناتهم ونساءهم من الخروج لحضور أي نشاط حرصاً على سلامتهن، بالإضافة لمشكلة التمويل غير الكافي من الجهات الداعمة للتجمعات النسائية بشكل عام. وذلك حسبما ذكرت “سلوى عبد الرحمن” الناشطة الإعلامية والمتدربة بمجالات عدة في مدينة إدلب. وأشارت إلى أن أخطر المشكلات هو الجهل بقيمة عمل المرأة بما أن كل شيء تقريباً كان متاحاً لها عن طريق المعيل، لذا فقد تطلب تكيف النساء مع الظروف الجديدة كسر العادات والتقاليد بحيث أصبح لدينا حالات أصبحت معها المرأة في مدينة إدلب فرداً منتجاً للعائلة بنسبة أكثر من 50%.

وبما أن عمل المنظمات يركز على تطوير المهارات بشكل أساسي فقد كان لا بد من الانطلاق من الأساسيات وذلك من خلال دورات محو الأمية للكبار والصغار. وأشارت إحدى النساء من كادر جمعية “بصمة امرأة” إلى أن هذه الدورات تلبي حاجة ملحة لذا فقد حظيت باهتمام واسع، وتم تخريج 20 متدربة من الدفعة الأولى أتقنّ القراءة والكتابة وتعلمن شيئاً من طرائق التدريس.

 

 

ولا يقتصر دور هذه المنظمات على التنمية والتدريب بل يتعداه إلى الدعم النفسي للنساء. وهو ما سعى إليه مركز “بصمات الاجتماعي” فأقام دورات بهذا المجال نظراً لأن المرأة أحوج ما تكون لهذا الدعم نتيجة تحملها أعباء أفرزتها الحرب، فمنهن المعتقلة السابقة وثانية لا تتجاوز العشرين معيلة لإخوتها الصغار، وثالثة تقوم بدور طبيبة نفسية لأطفالها المحرومين من والدهم، وكثيرات زاد عددهن عن 150 مهتمات باندماجهن هن وأطفالهن في المجتمع من خلال محاضرات نظرية يتخللها أنشطة عملية ترفيهية، تحفيزية، يدوية مع محاضرات البرمجة المستحدثة.

“داليا عبيد” المدربة في الدورة السابقة ذكرت لـ “صدى الشام” أنها دققت بإعطائها على طرق تعامل الأمهات مع أطفالهن الذين يعانون من أمراض نفسية أنجبتها أزمات الحرب كالفقدان والتهجير وغيرها التي حملتهم أموراً تفوق طاقتهم وجعلتهم المتضرر الأكبر في لعبة الكبار التي لم يدركوها قط.

 

آراء

وحول أثر المنظمات النسائية على الصعيدين النفسي والعملي استطلعت “صدى الشام” آراء بعض المستفيدات والمشاركات بالدورات السابقة.

أم محمد (40) عاماً تقول: “مكنتني مشاركتي معهم في المشاريع التنموية من تأمين مبلغ مالي شهري لا بأس به يعيلني في تربية أطفالي الثلاثة الصغار الفاقدين والدهم منذ سنتين”.

من جانبها قالت “صبا” البالغة من العمر 20 عاماً إنها شعرت براحة كبيرة من خلال تلقيها محاضرات الدعم النفسي والعمل الجماعي، كما أن اختلاطها بالفتيات جعل عزيمتها قوية بعد الإحباط الذي أصابها إثر تركها لجامعتها وعدم إتمام حلمها الدراسي.

أما “سها” التي حُرِمت من متابعة التعليم فأكدت أن دورة محو الأمية أفادتها كثيراً وساعدتها في تعليم أطفالها الصغار.

أمهات حنونات وفي الوقت نفسه مثقفات ومتمكنات ينهضن بأنفسهن ومجتمعهن، ذلك ما سعت إليه المنظمات النسائية العاملة في إدلب تاركةً بصمة واضحة فيها الأمل والتحدي رغم تبعات الحرب وآلة القتل التي ما زال يسخرها النظام لمحو معالم الحياة في المناطق المحررة.

 

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]