واشنطن تلّوح بمحاسبة ضباط النظام السوري
24 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
جيرون
قالت سامانثا باور، مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، إن بلادها والمجتمع الدولي يعرفان أسماء المتورطين بجرائم ضد الإنسانية في سورية، وأوضحت أن الولايات المتحدة “لن تدع من تولوا قيادة وحدات ضالعة في هذه الأعمال، يختبئون خلف واجهة النظام السوري”، وأضافت باور: نحن “في المجتمع الدولي نتابع تصرفاتهم ونوثق انتهاكاتهم، وفي وقت ما سيحاسَبون”.
جاء حديث باور، بعد أيام على تمرير قانون قيصر في مجلس النواب الأميركي، والذي صوّت عليه نواب الحزبين: الديموقراطي والجمهوري، ويحتاج القانون إلى مصادقة الرئيس باراك أوباما ليصبح نافذًا، وعلى هذا، يجب أن تتحرك المعارضة السورية، والجالية السورية في أميركا، لدعم هذا القانون مع انطلاقة فترة ترامب، عوضًا عن الوقوف على شرفة التأملات والتوقعات التي ما زالت تهيمن على السياسيين، حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستدعم المعارضة أم لا.
حدّدت باور -أيضًا- في مجلس الأمن أسماء 12 شخصية سورية، مع مهماتهم كضباط شاركوا وأداروا العمليات العسكرية، وعمليات التعذيب ضد المدنيين السوريين، وقد جاء حديث باور في جلسة عقدها المجلس لبحث الموضوع الإنساني في سورية، في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، حيث قالت: “قائمة العار” في النظام السوري تضم هذه الأسماء التي تورطت بقتل وإصابة المدنيين، بالهجمات الجوية والأرضية التي استهدفت المدارس والمستشفيات والمنازل.
ومن أبرز الأسماء التي حددتها باور، ضابط المخابرات اللواء أديب سلامة، وهو نائب رئيس المخابرات الجوية بدمشق، وكان يشغل رئيس المخابرات الجوية في محافظة حلب، وكذلك اللواء طاهر حامد خليل، مدير إدارة الصواريخ في اللواء 155 بالقطيفة، واللواء جميل الحسن مدير إدارة المخابرات الجوية، والعميد عدنان عبود حلوة، قائد اللواء 157 في خربة الشيّاب، والعقيد سهيل الحسن، وهو ضابط بالمخابرات الجوية وقاد عدة معارك للنظام، وكذلك اللواء جودت صليبي مواس، واللواء رفيق شحادة، إضافة إلى اللواء حافظ مخلوف، واللواء صلاح حماد، والعميد عبدالسلام فجر محمود، والعقيد إبراهيم معلا، والعقيد قصي محبوب.
وقالت باور: إن “نظام الأسد يدمّر سورية”، وأنها تعلم “أن هؤلاء الأفراد يشعرون بأنهم أفلتوا من العقاب، ولكن عددًا لا يحصى من مجرمي الحرب من قبلهم من أمثال (الرئيس الصربي السابق) سلوبودان ميلوسيفيتش و(رئيس ليبيريا السابق) تشارلز تايلور، شعروا بذلك أيضًا، فظائع اليوم موثقة توثيقًا جيدًا، وذاكرة العالم المتحضر قوية.”
كذلك أشارت باور إلى أنه “في مواجهة هذا الدمار، وهذه المعاناة الساحقة، يجب أن يعرف الجناة أن السعي وراء الحل العسكري أحمق، بقدر ما هو وحشي، ويجب على الجناة -أيضًا- معرفة أنه مثل أسلافهم المخزيين في التاريخ، فإنهم سيواجهون الحكم على الجرائم”.
قانون (قيصر)، أو قانون “حماية المدنيين السوريين”، الذي صُوّت عليه، في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أخذ اسم (قيصر)، وهو اللقب الذي أعطي للمصوّر العسكري السوري، الذي تمكّن من تسريب نحو 55 ألف صورة لجثث معتقلين تعرضوا لتعذيب بشع في سجون النظام السوري، وذلك في عام 2014. يرى هذا القانون أن “الأعمال القتالية لبشار الأسد ضد الشعب السوري أودت بحياة أربعمئة ألف مدني، وأدّت إلى تدمير نصف البنية التحتية في سورية، وأجبرت أكثر من 14 مليون شخص على مغادرة منازلهم خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأنتجت أسوأ أزمة إنسانية منذ أكثر من ستين عامًا”، كذلك رأى أن “التحركات الدولية كانت غير كافية لحماية المدنيين، من هجمات القوات النظامية وغير النظامية التي تدعم نظام بشار الأسد، ومنها حزب الله”.
وأورد القانون بعض الأسلحة التي تستعملها قوات النظام السوري، كالأسلحة الكيماوية، والبراميل المتفجرة، والحصار والتعذيب والإعدامات واستهداف المرافق الطبية وغيرها.
من الواضح أن الولايات المتحدة لا تنسى أن تحمل بقبضة يدها خلف الظهر العصا التي يمكن أن تحركها عندما تريد، وقد يذكّرنا هذا بالقانون الذي اتخذه الكونغرس في عام 2003، باسم (قانون محاسبة سورية)، وهو القانون الذي يتضمن “مسؤولية سورية حول الوضع في لبنان”، ويطالبها بإنهاء وجودها العسكري في هذا البلد، ومحاسبتها على دعمها للإرهاب، وهو ما استُخدام لاحقًا بعد اغتيال الرئيس الحريري، من بعض القوى اللبنانية، في حملتها الإعلامية والسياسية إلى أن خرج الجيش السوري من لبنان، ليأتي السؤال عن كيفية استخدام المعارضة السورية قانون (قيصر) الأخير، وهل الولايات المتحدة جادة في فتح الباب لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب بسورية، أم أنها ستبقى ضمن حدود الإعلام وأوراق المكاتب، وتلك القبضة خلف الظهر.
يشار إلى أن إحالة جرائم الحرب في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية، يتم من خلال مجلس الأمن، ولكن تقف روسيا أمامه كعائق أساسي باستخدامها حق النقض (الفيتو)، ليأتي قرار فلاديمير بوتين الأخير بانسحاب روسيا من اتفاقيات روما، التي فتحت الباب لتشكيل المحكمة الجنائية الدولية، رسالة مهمة، من المرجح أن مفادها، يشير إلى نيّة روسيا حماية من ارتكب تلك الجرائم في سورية، بل هي تحاول تجنيب ضباطها وطياريها وجنودها من المثول أمام تلك المحاكم.
[sociallocker] [/sociallocker]