مبادرة إنقاذ وطني للسوريين… فهل تنقذهم؟

24 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016

5 minutes

أحمد مظهر سعدو

في ظل واقع سوري بالغ الصعوبة، وضمن مفاعيل دولية وإقليمية تعبث في مستقبل الوطن السوري وشعبه الصابر، ومع وصول الحالة السورية إلى انسداد في الآفاق، بعد أن خُذل الشعب السوري من الغادي والصادي، الشرق والغرب، ومع تشظي حالة المعارضة وعجزها النسبي (لوحدها) عن القيام بأي فعل يعيد للثورة السورية ألقها ووجودها الأكثر فاعلية. هذه الثورة التي انطلقت في 18آذار/ مارس 2011 لترفع راية الحرية والكرامة.. كان لابد من خروج من يهتم بالشأن السوري ومن داخل إطارات الثورة السورية ليلقي بمبادرة ما، عسى أن تكون قارب نجاة يعيد للثورة قوتها ويقرب يوم سقوط الطاغية.

من هنا، كانت “مبادرة الإنقاذ الوطني” التي طرحها التجمع السوري – الفلسطيني (مصير)، والتي لاقت ترحيبًا واضحًا خلال اليومين الأخيرين من مجمل القوى والهيئات السياسية الفاعلة في الساحة السورية، وقد تكون حلًا يقطع الطريق على الآخرين، الذين يودون عقد (مؤتمرات وطنية) في حضن النظام السوري بدمشق.

ركزت المبادرة على نقاط عدة، منها: البحث عن آليات عملية تسهم في معالجة مشكلات الواقع السوري وتفضي إلى حلها، ومن أبرز تلك المشكلات وطأة شروخ الهوية وانقساماتها الحادة في زمني الحرب والسلم، ومخاطر انقطاع جيل سوري بأكمله عن التعليم، والأثر الذي يتركه تهميش الشباب وانكفاءهم عن المشاركة السياسية، وكذلك الأمور المعيشية والمجتمعية التي تعانيها المرأة السورية، وكيفية ردم الهوة السوسيولوجية والنفسية بين الداخل والخارج، مع طول فترة الحرب. كل تلك الحقائق التي تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل السوريين ومصير كيانهم الوطني، وقد دعت المبادرة إلى فتح حوار عام يضم القوى والأطر الثورية المختلفة، والجماعات السياسية والمدنية؛ ما يستدعي تطوير رؤية وطنية وسياسية إنقاذية. ودعت المبادرة الى إعادة تعريف وظيفة السياسة في الواقع السوري، ومن ثم إعادة قراءة تأثير العاملين: الذاتي والموضوعي في اتجاهات المشهد السياسي، وتحديد أدوار القوى، والعمل على تعزيز ثقافة التشاركية، ومأسسة المبادرات والحملات المدنية، وتفعيل العلاقات الكفاحية وتطويرها بين قوى الثورة السورية، إضافة الى تأصيل وعي سياسي جمعي، ومن بعده توفير آليات تنظيمية تمكّن التيارات من التلاقي.

وعن توقيت إطلاق المبادرة الآن، قال القيادي في تجمع (مصير) محمد مشارقة لـ (جيرون): “إن جملة التطورات الداخلية والإقليمية والدولية والتي شكّل التدخل الروسي العسكري أحد أهم تحولاتها، بما في ذلك صعود تيار يميني إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، كان الدافع الرئيس لاستشعار التجمع مسؤولياته بضرورة طرح مبادرة إنقاذ وطني، تسعى إلى استنهاض العامل الذاتي، وإيجاد روافع وطنية قادرة على مواجهة التحديات”.

ويضيف مشارقة أن أهداف المبادرة تتخطى الطرح النظري، وهدفها الجوهري “إصلاح مؤسسات قوى المعارضة، وتطويرها يما يعكس التمثيل الحقيقي لصوت الشعب، وأيضًا إعادة الاعتبار للسياسة كتمثيل واقعي لمصالح فئات الشعب السوري، والمبادرة تقترح عقد مؤتمر وطني سوري، تدعو إليه هيئة توافق وطني من ممثلي القوى السياسية والعسكرية والمدنية، ليكون في جوهر أهدافه بناء مظلة وطنية جامعة توحد جهد السوريين”.

وأوضح أن “وضع القوى التي تدّعي تمثيل الشعب السوري بات في حالة من التآكل والجمود وانحسار قاعدته الاجتماعية، بفعل عوامل عديدة، ليس أقلها أهمية الخلل الذي رافق نشأة الائتلاف، والتي عكست نوعية القوى، لكن على الرغم من كل السلبيات والنقد الواسع لأداء الائتلاف، إلا أنه يظل أحد الأطراف المعترف بها إقليميًا ودوليًا، وتنبغي المحافظة عليها وتطويرها.. وأملنا أن يرتقي الائتلاف إلى مستوى المسؤولية، ويتبين المبادرة ويقود العملية الصعبة لتجديد تمثيل الشعب عبر عقد المؤتمرات الفرعية والقارية، وصولًا إلى المؤتمر الوطني العام، ونأمل أن نفتح عبر المبادرة حوارًا وطنيًا مع القوى المؤمنة بأهداف الثورة السورية كافة، والحريصة على إسقاط النظام وبناء دولة القانون والمواطنة”.

ويشير القيادي في (مصير) إلى “تجاوب واسع في الداخل والخارج” مع المبادرة التي “جرى توزيعها على الأطراف السياسية الفاعلة” لافتًا إلى “بعض المستنكفين عن القيام بدورهم والمستسلمين لواقع المعادلات الإقليمية والدولية، وهذا شأنهم”.

القوى الوطنية الفاعلة في الثورة السورية مهتمة بهذه المبادرة، وقد أخذت لديها حيزًا من النقاش والحوار اليومي، في تركيا كما في الداخل، وصولًا إلى توافقات وطنية مازالت تحتاجها ثورة الشعب السوري وقواه الوطنية، نحو جمعيّة تأسيسية يلتقي عليها الجميع وتؤسّس لحالة اندماج وطني سوري في مواجهة جميع أنواع الاستهداف التي تطال بنية الشعب السوري في الداخل والخارج.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]