أصحاب «القبعات البيض» يبحثون عن أمل في «اللوحة السوداء»

25 نوفمبر، 2016

الحياة

قال رائد صالح رئيس «مديرية الدفاع المدني السوري» في حديث إلى «الحياة» أن عناصر «القبعات البيض» يبحثون عن بصيص أمل في «اللوحة السوداء» في سورية نتيجة استمرار تدمير البنية التحتية والمراكز الطبية والمستشفيات في مناطق المعارضة، بينها أربعة من مراكز مدنية شرق حلب «من دون حساب». لكن أكد التزام فريقه من المتطوعين في إسعاف المصابين في جميع المناطق، بما فيها مناطق «داعش» في مدينة الباب شمال حلب.

صالح، الذي درس في دولة أوروبية، بدأ نشاطاته متظاهرًا في الحارة الشمالية في جسر الشغور بإدلب منذ بدء الاحتجاجات السلمية في ربيع عام 2011. ومع التصعيد العسكري وبدء القصف الجوي، تشكلت فرق تطوعية عفوية للدفاع المدني في مناطق عدة، خصوصًا في حلب في آذار (مارس) 2013، كان على رأسهم شاب اسمه «أبو سلمة» قبل أن تتأسس «مديرية الدفاع المدني في حلب الحرة».

وأشار صالح إلى أن «نقطة الانعطاف» لديه كانت في 2013، عندما تعرضت مدينة دركوش لقصف جوي «حيث ذهبنا إلى هناك ووجدنا أشلاء وجثثًا وأبنية مدمرة… لكن، لم نستطع فعل شيء سوى لملمة الأشلاء وكنا عاجزين عن إسعاف المصابين». وفي تموز (يوليو) 2013، أسس صالح فريقًا للدفاع المدني في جسر الشغور ثم في مدن أخرى بريف إدلب، بينها كفرنبل في جبل الزاوية، إلى أن اشتغل على توسيع دائرة عمل الفرق التطوعية وتأسيس مجموعات في مناطق أخرى.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2014، انعقد مؤتمر موسع لجميع العاملين في الدفاع المدني أسفر عن اعتماد مبادئ للعمل تحت مظلة «مديرية الدفاع المدني»، حيث بدأت تتلقى الدعم المالي من سوريين ودول أوروبية بينها بريطانيا وألمانيا وهولندا، للعمل ضمن معايير أهمها «إسعاف المصابين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العسكرية» وضرورة عدم الانتماء إلى أي فصيل أو تنظيم.

ارتفع عدد المتطوعين من بضع مئات إلى 2942، بينهم 900 في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة «جيش الفتح» و600 في حلب التي تتقاسم القوات النظامية والمعارضة السيطرة عليها. وباتت المؤسسة تملك 500 آلية بينها، 90 سيارة إسعاف. وأشار صالح إلى وجود 40 متطوعًا في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة «داعش» شمال حلب التي ترمي فصائل «درع الفرات» بدعم تركيا إلى السيطرة عليها، قائلًا أنه ليس هناك أي وجود لعناصر «القبعات البيض» في الرقة معقل «داعش» لأن التنظيم سيطر على المدينة «قبل أن نقيم بنية تحتية متينة فيها».

منذ بدء نشاطات «القبعات البيض»، قتل 149 متطوعًا وجرح 300 عنصر، خلال عمليات الإنقاذ التي أسفرت عن إنقاذ أكثر من 60 ألف شخص في مناطق مختلفة في البلاد.

وقال: «نذهب إلى أي مكان نستطيع الذهاب إليه لإنقاذ المصابين بصرف النظر عن مواقفهم وجنسياتهم… وأنقذنا عناصر أفغانية في حلب ومن الجيش النظامي في جسر الشغور في 2013».
وزاد: «لا نعرف ما حصل بهم بعد ذلك. دورنا هو نقلهم من مكان الإصابة إلى المستشفى. هذا ما قمنا به».

وقال صالح: «بعض المتطوعين كانوا مقاتلين. كثرٌ من الشباب تركوا السلاح والتحقوا بالعمل المدني لتخفيف العنف وإعادة الاستقرار إلى سورية. وخفض عدد المسلحين أمر جيد لاختيار طريق الحياة بدل الموت. لكن أهم شيء أن من يعمل معنا يجب أن يلتزم مبادئ العمل الإنساني والمدني وقواعد السلوك للعمل وإغاثة من يحتاج إلى الإسعاف».

ولم تحصل مؤسسة «القبعات البيض» على جائزة نوبل للسلام الشهر الماضي، لكنها حصلت على أكثر من عشر جوائر عالمية. وقالت المسؤولة في «حملة دعم سورية» آنا نولان أن أصحاب «القبعات البيض يستيقظون يوميًا ويسارعون لإنقاذ الأرواح التي يعمل آخرون بجهد لزهقها».

وكانت النائب البريطانية الراحلة جو كوكس كتبت إلى لجنة جائزة نوبل في شباط (فبراير) الماضي لدعم ترشيح هؤلاء الذين يركضون إلى مناطق القصف عندما «تمطر القنابل على المدنيين».
وقال صالح في لندن، في طريقه إلى استوكهولم لنيل جائزة، أنه كان يتمنى نيل جائزة نوبل لـ «تسليط الضوء على معاناة السوريين»، قائلًا: «لم يعد هناك بصيص أمل. لوحة سوداء بسبب استمرار الانتهاكات من دون أي حساب. في شرق حلب هناك 250 ألف شخص من دون مستشفيات وتمّ تدمير أربعة مراكز للدفاع المدني».

وزاد صالح أن القوات النظامية بدأت منذ 2013 «سياسة العقاب الجماعي لتدمير المستشفيات والمراكز الطبية والمدارس والمجالس المحلية، للقول أنه لا بديل منه وأن العيش تحت ظله رغم القمع أفضل من الفوضى والقول أن مناطق النظام مستقرة ومناطق المعارضة فوضى».
وكان مسؤولون في دمشق وموسكو اتهموا عناصر «القبعات البيض» بدعم مسلحين معارضين أو أنهم «جواسيس» للخارج.

(*) كاتب سوري

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

25 نوفمبر، 2016