في ظلّ عدم مبالاة الغرب، ترك الجزء الشرقي من حلب عرضة للقصف الروسي-السوري
25 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
أنس عيسى
إنّ انتقال الإدارة في الولايات المتّحدة، والانتخابات التي ستشهدها كثير من البلدان الأوروبيّة، ومنها فرنسا، تعقّد المعطيات بالنسبة إلى الثورة السوريّة.
قد لا تستطيع القوى الثوريّة السوريّة الصمود لوقت طويل في أنقاض الجزء الشرقي من مدينة حلب، حيث يعيش ما يقارب ال 250.000 مدني، وقد ذكّر، مرّة جديدة، المبعوث الخاص للأمم المتّحدة ستيفان دي ميستورا بتاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 بقوله: “إنّ الوقت محدود، ونحن نخوض سباقًا ضدّ الساعة”، محذّرًا بذلك من مأساة إنسانيّة وشيكة بنزوح سكّان المدينة اتّجاه الحدود التركيّة. يصبح الوضع، في الحقيقة، أكثر يأسًا مع مرور الوقت، فهنالك القذائف والقنابل الروسيّة، وهنالك البراميل المتفجّرة التي يرميها سلاح طيران النظام، وهنالك الجوع، كما أنّه هنالك المعادلة الدوليّة والتي تسير شيئًا فشيئًا في ضدّ صالح الثورة السوريّة بعد انتصار دونالد ترامب في الانتخابات الأميركيّة، ونجاح فرانسوا فييون في انتخابات اليمين التمهيديّة الفرنسيّة. كان هذان البلدان، حتّى الآن وبالشراكة مع المملكة المتّحدة، الداعمان الغربيّان الرئيسان للثورة ضد بشار الأسد.
من المؤكّد بأنّ إدارة أوباما قد اكتفت بتقديم دعم أقلّي؛ ويعود ذلك إلى كونها معارضة لكلّ مغامرة عسكريّة جديدة في الشرق، فقد قامت، في صيف عام 2013، وفي اللحظة الأخيرة، بالتخلّي عن توجيه ضربات جويّة ضدّ نظام الأسد والذي كان قد تجاوز “الخط الأحمر” الذي وضعه الرئيس الأميركي بعدم استعمال السلاح الكيماوي ضدّ شعبه؛ أدّى ذلك التراجع والانسحاب إلى فقدان مصادقيّة واشنطن، وبشكلٍ عميق، سواء في سورية أو في الشرق الأوسط ككل، وكما شجّع فلاديمير بوتين على التصعيد.
فييون في مواجهة “الشموليّة الإسلاميّة”
في المقابل، حافظت باريس على سقف موقفها عاليًا وقويًّا بأنّه “لا يمكن لبشار الأسد أن يلعب دورًا في مستقبل سورية”، وذلك على الرغم من كون الدبلوماسيّة الفرنسيّة ثلاثيّة الألوان لا تستطيع، فعليًّا، الذهاب أبعد من ذلك السخط المستحقّ ولكن العقيم في الوقت نفسه. ومع ذلك، تحاول فرنسا إسماع صوتها والضغط في مجلس الأمن بضرورة معاقبة النظام السوري لاستعماله الأسلحة الكيماويّة، الأمر الذي تمّ توثيقه ثلاث مرّات على الأقل من جانب محقّقي الأمم المتّحدة والمنظمة الدولّية للحظر من الأسلحة الكيماويّة، والذين يوجهون اتّهامهم، أيضًا، لتنظيم الدولة الإسلاميّة. ولكنّ كلّ ذلك قد يتغيّر فيما إذا دخل فرانسوا فييون، بعد عدّة أشهر، إلى قصر الإليزيه، حيث كان قد قال وكرّر أكثر من مرّة بأنّه في سبيل مواجهة “الشموليّة الإسلاميّة”، يجب تجميع “كلّ القوى الممكنة، كلّ الدول الممكنة، سواء أكانت ديمقراطيّة أم لا”، وبالتالي سيشمل ذلك بشار الأسد أيضًا.
يعلم النظام السوري، كما رعاته في موسكو أو في طهران -والذين كانوا قلقين للحظةٍ من ضرورة مواجهة هيلاري كلينتون، والتي ـتعدّ أكثر اهتمامًا بالملف السوري من سلفها- بأن الوقت في مصلحتهم الآن. فها هي موسكو في طريقها الآن لجني الأرباح السياسيّة من تدخّلها الذي بدأته في أيلول/ سبتمبر 2015: التدخّل الذي نجح في تغيير المعطيات بشكلٍ كامل، على الرغم من استخدام القليل، نسبيًّا، للإمكانيّات على الأرض.
الحد الأدنى من خدمات البيت الأبيض
حتّى قبل أن يتم تنصيب دونالد ترامب في البيت الأبيض، بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير 2017، تبدو إدارة أوباما في نهاية فترة حكمها عازمة على تقديد الحد الأدنى من الخدمات لسورية، ويعترف الرئيس الخارج بأنّه “لم يكن متفائلًا في التوقّعات على المدى القصير “في سورية، حيث صرّح أوباما في ليما على هامش قمّة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي: “في اللحظة التي قرّرت فيها روسيا وإيران دعم الأسد بحملة جويّة وحشيّة، وإخماد جبهة حلب من دون إعطاء أيّ إعتبارات للضحايا المدنيّين أو للأطفال القتلى أو الجرحى […] من الصعوبة في مكان رؤية طريقة تستطيع فيها المعارضة المعتدلة، حتّى و إن تمّ تدريبها، الدفاع بشكلٍ مستمر عن أراضيها”.
كان السيّد أوباما، في هذه المناسبة، قد تحدّث، وبشكلٍ قصيرٍ جدًّا، ونظيره الروسي عن سورية، حاثًّا إيّاه على بذل جهدٍ مضاعفٍ للحدّ من أعمال العنف، ومن معاناة الناس. وكما كان قد أطلق نداءً مماثلاً من برلين، على هامش رحلته الوداعيّة في أوروبا الأسبوع الفائت، يمثّل ذلك حصيلة عجزٍ كامل، مع أنّه كان مقرّرًا لمجلس الأمن أن يجتمع في مساء يوم الإثنين 21 تشرين الثاني/ نوفمبر في نيويورك، لكنّ الفيتو الروسي قد منع، حتّى الآن، كل مبادرةٍ لا تروق لروسيا حول الملف السوري. ويبدو أنّ استعادة مدينة حلب من جانب مرتزقة النظام لا تعدو كونها مسألة أسابيع.
اسم المقالة الأصلي Alep-Est abandonnée aux bombardements russo-syriens, dans l’indifférence des Occidentaux الكاتب مارك سيمو Marc Semo- مكان النشر وتاريخه جريدة اللوموند
21-11-2016 رابط المقالة http://www.lemonde.fr
/international/article/2016/11/21/alep-est-abandonnee-aux-bombardements-russo-syriens-dans-l-indifference-des-pays-occidentaux_5035347_3210.html
/ المترجم أنس عيسى
[sociallocker] [/sociallocker]