قبل انحطاط السلطة

26 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016

إبراهيم صموئيل

كان يمكن أن أعدّ ما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مجرّد تلفيق، من أنّ وزير داخلية الطغيان الحاكم في سوريّة أراد -منذ أيام- تكريم لاعب المنتخب السوري لرياضة كمال الأجسام، سليمان الزقَّة، فقدَّم له “شرشفًا”؛ لولا تذكَّرت واقعة محسن بلال السابقة.

وحكاية آنف الذكر، أنه فكَّر -حين كان يعمل وزير إعلام- بأن يفعل شيئًا يدلّ على اهتمام المسؤولين في الطغيان الحاكم في سورية بالمبدعين الكبار، ورعاية إبداعهم، فقرر دعوة الشاعر محمد الماغوط لتكريمه.

وحينئذ -عام 2002- كان مرض شاعرنا قد تفاقم؛ ما ألزمه فراشه، فلم يعد يغادر منزله؛ إلاّ أنه -لأسباب أجهلها- غالب المرض، وتحامل على نفسه، واعتلى منصّة مكتبة الأسد بمساعدة أصدقائه؛ لتلقّي التكريم.

وأمام حشد من الحاضرين، ودون أن يرفَّ للوزير محسن جفنٌ، أو تبدو على وجهه ذرّة من حياء، أو يُملي منصبُه عليه الخجلَ من فعلة كهذه؛ اتّجه بقضّه وقضيضه، بخطى وئيدة نحو الماغوط، فصافحه بيد، وقدّم باليد الأخرى هدية التكريم.

ما هي هدية التكريم؟ نسخة من كتابٍ يضمُّ عددًا من حوارات صحافيَّة، جرت مع الماغوط، كان الكاتب خليل صويلح قد جمعها وأعدّها، ثمَّ أصدرها في دمشق بعنوان: حطَّاب الأشجار العالية.

أيْ نعم! نسخة من كتاب، يمتلك الكاتب، بطبيعة الحال، نسخًا عديدة منه! غير أن الأمانة تقتضي ذكر أمرٍ إضافيّ آخر، ليس متوافرًا في أيّ نسخة مما طُبع ووُزّع في المكتبات؛ وهو أن نسخة التكريم هذه، التي قدَّمها محسن بلال، ممهورة بتوقيع سيادته على صفحتها الأولى، وباللون الأخضر؛ ليلائم المنصب والمقام.

وإذا كانت حكاية لاعبنا الرياضي المسكين -اليوم- تبدو خيالًا أو لهوًا على شبكة التواصل، أو شيئًا من هذا القبيل، فإنّ الوسط الثقافي في سورية يعرف -تمامًا- واقعة تكريم وزير الإعلام للماغوط -أحد كبار نجوم شعراء الحداثة العرب- إذ إنها جرت -علنًا- أمام الناس والكاميرات. ومتى؟ دومًا أودّ الإشارة؛ قبل سنوات عديدة من قيام الثورة وتعرّي الطغيان وانحطاط سلطته…إلخ.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]