لوفيغارو: روسيا فرضت وصايتها على نظام بشار الأسد وخلص الكلام


لوفيغارو- ترجمة وطن يغرد خارج السرب

نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريرا كشفت فيه عن أن ما وراء إرسال موسكو لحوالي 4500 من رجالها إلى سوريا، يتجاوز خوض الحرب ضد الثورة إلى زرع أتباعها في الجيش وأجهزة المخابرات السورية، وحتى التضييق على الإيرانيين وحلفاء آخرين لبشار الأسد. ويرى كاتب التقرير أن النظام في دمشق ليس لديه خيار آخر سوى القبول بالأمر الواقع.

وينقل كاتب التقرير الصحفي، “جورج مالبرونو”، أن الروس أعدوا وثيقة في مركز المصالحة التابع لقاعدة “حميميم” العسكرية، قرب اللاذقية، لإنهاء الحصار على الجزء الشرقي من حلب وإخراج الثوار منها، والوثيقة من توقيع اللواء السوري صالح زايد والجنرال سيرجي اوستينوف، رئيس هيئة الأركان العامة الروسية في سوريا.

واعترف له مسؤول سوري بأن الروس الذين يقومون بكل العمل في حلب: قصفا وغطاء جويا وتحاورا مع المخابرات التركية. وإذا كان الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الشيعي اللبناني يقودون الحملة حول حلب، فإن الروس، بقصفهم، هم الذين يضمنون الدفاع عن حلب. ذلك أن “الفائز في حلب هو المنتصر في هذه الحرب”، كما نقل الكاتب عن أحد عمال الإغاثة.

في حلب، وفقا للكاتب الذي زار سوريا مؤخرا وأعدَ تقريره من هناك، فإن العسكريين الروس يتنقلون في سرية. وقد التقى المراسل قوافلهم على طريق خناصر قبل وصوله إلى حلب.

بعد عام من بدء التدخل العسكري لإنقاذ نظام بشار الأسد، فرضت موسكو وصايتها على سوريا. وفي هذا السياق، ينقل الكاتب عن خبير أجنبي في دمشق، قوله: “الروس عينوا أتباعهم في القنوات الرئيسة لاتخاذ القرارات، ولكن مهمتهم ليست سهلة”.

ويضيف “الخبير” أن أهدافهم الأساسية هي الجيش والأجهزة الاستخبارية، قائلا: “بعد تقييم عدد من رؤساء، وتمكنوا من فرض قادة جدد، ولكنَ البعض الآخر لا يزال هناك”. إذ بناء على إصرار الروس على بشار الأسد، استُبدل قائد الحرس الجمهوري اللواء بديع المعالي، في الربيع الماضي، بطلال مخلوف.

وأفاد الكاتب أن رجل موسكو ليس اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن القومي، ولكنه الجنرال ديب زيتون، الذي زار هذا الصيف إيطاليا في مهمة سرية في ايطاليا ثم رسميا مصر. حتى وإن كانوا يلتقونه بانتظام، فالروس قلقون من مملوك، رغم “خبرته العالية”.

وبانتقاداتهم الأسلوب الإيراني لاستخدام عدد كبير من الميليشيات لمواجهة نقص مقاتلي النظام، أراد الإستراتيجيون الروس إنشاء هيئة جديدة لاستيعاب كل هذه الميليشيات. وبعد أكثر من عام من مساعي إعادة هيكلة الجيش، الذي وجدوه في “حالة سيئة جدا” عندما وصلوا، فقد نجح الروس في نهاية المطاف.

وقد أعلن يوم الثلاثاء عن تشكيل مجموعة خامسة، تتكون من متطوعين وعشرات الآلاف من الرجال، الذين يتقاضون بالدولار. وينقل عن أحد مسؤولي النظام قوله: “الروس يريدون العمل مع الجيش، وفقط، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك”. وييستخدمون أيضا الآن الوكلاء، خصوصا مع مجموعة “لواء القدس” في مخيم للاجئين الفلسطينيين في حندرات، على مشارف حلب، والتي كانت تمولها وتسلحها إيران.

ورجاله يعتمدون الآن، ماليا ولوجستيا، على الروس. ويعترف المسؤول قائلا: “رغم أن الروس يتعاملون معنا في بعض الأحيان بشدة، ما يساعد الروس مقارنة بلإيرانيين، هو عدم وجود أجندة دينية، وأنهم أكثر احترافا”.

وقد قسم الروس والإيرانيون سوريا إلى منطقتي سيطرة: جنوب غرب كلَف بها الحرس الثوري وحزب الله، وشمال غرب وتدمر تحت مسؤولية رجال الكرملين، الذين يبنون بالقرب من المدينة القديمة قاعدة عسكرية روسية.

ولا يُخفي المسؤولون السوريون خلافاتهم مع الروس. وفي هذا، نقل الكاتب عن أحد المقربين من الأسد، قوله: “نريد أن نسترجع كل من سوريا، وأما الروس، يريدون سوريا المفيدة، وهذا هو الاختلاف الرئيس”. بالنسبة لموسكو، فإن الهدف هو استعادة المدن الكبيرة والضواحي المحيطة بها وشبكة خطوط أنابيب النفط والغاز في البلاد، وهذا للتغلغل في الريف والصحراء لمطاردة الثوار، وهذا الأسلوب يشير إلى الطريقة الجزائرية لمكافحة الجماعة الإسلامية المسلحة السابقة.

“ليس لدينا بديل”، كما يعترف مستشار الأسد. وإذا كانت الدائر المحيطة بالأسد تشعر بالامتنان للروس لأنها أنقذتهم في صيف عام 2015، فإن هذا المستشار لا يخفي قلقه. “نحن لسنا أسياد الموقف على طاولة المفاوضات” حول  عملية الانتقال السياسي.

وقال الكاتب إن الأسد يلعب على حبل التنافس بين حلفائه الأقوياء. في فصل الربيع، تدخلت الاستخبارات الروسية لدى حزب الله ودمشق لوقف بناء المنشآت العسكرية السرية التي بدأت ميليشياتها في الحفر في الجنوب، بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وقد تمكنت موسكو من ثني حلفائها عن إقامة قاعدة عسكرية، حرصا على علاقات جيدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،. ووقعت اشتباكات بين الروس والإيرانيين أيضا بسبب الخلاف حول الحرس الشخصي للأسد، الذي يضم سوريين وإيرانيين من وحدة المهدي. “في وقت ما، رأينا الروس يحاولون وضع الإيرانيين على الجانب، لكنها لم تنجح”، كما تذكر دبلوماسي عربي في دمشق.