مشروع الإصلاح في سورية شرط الحل السياسي

27 نوفمبر، 2016

عبد الحفيظ الحافظ

انطلقت الثورة السورية سلميًا، منتصف آذار/ مارس 2011، بهدف استبدال الدولة المدنية بدولة الاستبداد، فواجهها النظام بالخيار العسكري الأمني وبميليشيات الشبيحة، فأخذت تتجه نحو العسكرة لحماية مظاهراتها واعتصاماتها في ساحات المدن، وانضم إليها العسكريون المنشقون؛ طلبًا لحاضنة اجتماعية، وصلت الثورة إلى حالة حرب؛ دفاعًا عن البلدات والمدن والمواطنين، وردًا على انخراط الجيش في حرب خارج مهماته الوطنية، مستخدمًا صنوف الأسلحة والقذائف كافةً، وعندما عجز النظام عن دفع المواطنين إلى بيت الطاعة الاستبدادي، استدعى ميليشيا “حزب الله”، و”أبو الفضل العباس”؛ فتغلغلت إيران في مفاصل الدولة، ليتم تدمير المدن والتفريط بالسيادة الوطنية، وتهجير ونزوح نصف سكان سورية، وتغييب مليون إنسان بين شهيدٍ ومعتقلٍ ومفقودٍ ومعاق، واستدعى روسيا، فتدخلت بترسانتها العسكرية لحمايته من الانهيار، وغدت القوة العسكرية الفاعلة.

خلال عمر الثورة طوال ستة أعوام أُطلقت مبادرات دولية، كان بالإمكان التعويل عليها لوقف الحرب المدمرة، التي طالت كل شيء لاسيما الإنسان:

المبادرة الأولى العربية: اقترحت الجامعة العربية في كانون الثاني/ يناير 2012 مبادرة، نصّت على انتقال سلطات الرئيس السوري إلى نائبه، السيد فاروق الشرع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فرفضها النظام جملةً وتفصيلًا، وغيب نائبه.

المبادرة الثانية: “مجموعة الدعم الدولية”، أطلقت مجموعة الدعم الدولية مبادرةً، في حزيران/ يونيو 2012، وتعدّ هذه المبادرة الأهم، كونها حظيت بتأييد عربي ودولي بمن فيهم الروس، لكنها فشلت؛ لأنها تركت مصير الرئيس السوري غامضًا.

المبادرة الثالثة: مؤتمر جنيف 1، جاءت هذه المبادرة في عُقب مؤتمر جنيف 1، التي صاغها واتفق عليها الروس والولايات المتحدة، عام 2012، التفت عليها روسيا بحديثها عن ترك مصير الرئيس السوري للسورين ونظامه، مع أن بيان المؤتمر الذي وافقت عليه، أشار، وقرار مجلس الأمن، صراحة إلى مصير الرئيس: “تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، بما فيها مسؤوليات الرئيس ورئيس الحكومة”، ثم “خطة خارطة الطريق للتحول الديمقراطي”، صاغ هذه المبادرة فريق عمل في تونس، من مفكرين وكتاب وسياسيين سوريين، عام 2012، تبناه الائتلاف، ممثل المعارضة والثورة، نصت صراحةً على مصير الرئيس السوري، تم تجاهلها عربيًا ودوليًا، وقد تضمنت البدء بمرحلة انتقالية، شملت كل مناحي الحياة؛ وصولًا إلى دولة مدنية ديمقراطية لمواطني سورية كافةً، بدلًا من دولة الاستبداد، وأتت بـ 225 صفحة.

وكانت مبادرة اجتماع فيينا: تبنى مجلس الأمن مبادرة فيينا في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، لكنها فشلت؛ لأنها حاولت الالتفاف على جنيف 1، كما تجاهلت مصير الرئيس السوري، وساهمت موسكو بعرقلة خطة فيينا، التي كانت نصرًا دبلوماسيًا لها، بتدخلها عسكريًا مع إيران لصالح الرئيس السوري، وفرض تحرير الموصل والرقة ومحاربة الإرهاب على مبادرة فيينا، وعلى المبادرات التي سبقتها، وغطى الحديث عن جوهر المشكلة عن ثورة شعب يسعى لاستبدال الدولة المدنية بدولة الاستبداد، فشن النظام حرب عسكرية لبقائه في السلطة.

إن إطالة عمر الحرب المدمرة، لا يعود إلى الروس وقيصرها بوتين، بل أدى غموض استراتيجية الرئيس الأميركي أوباما وتردد إدارته العسكرية والخارجية إلى هذه الحالة الكارثية على الشعب السوري، فالولايات المتحدة لا تتحدث عن الميليشيات الشيعية و(حزب الله)، التي أطلقت إيران يدها في سورية، وهي صورة طبق الأصل عن (داعش)، وساندت حزب العمال الكردي جناح سورية وقواته العسكرية بذريعة توريط الروس في المستنقع السوري، متجاهلة حق الشعوب في تحررها من أنظمة الاستبداد، وتخلت عن دورها ومسؤولياتها، وهي الدولة الأقوى في العالم والأبرز في مجلس الأمن، هذه السياسة أتت على حساب الشعب السوري و ثورته، الذي سعى لدولة مدنية، أسوة بدول الغرب والولايات المتحدة ذاتها، وهو حق له، ولشعوب العالم.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]