من السيسي إلى بشار تلعب إيران والدولار


أحمد مظهر سعدو

لفتني ما كتبه المفكر الفلسطيني، عزمي بشارة، عندما قال: إن “انضمام السيسي إلى الأسد ليس خبرًا، الخبر هو مفاجأة بعضهم من هذا الأمر، الطغاة مذهبهم، واحد، بغض النظر عن الطائفة. أما الانقسام الطائفي، فمن نصيب الشعوب، وخطاب الطائفية السياسية يباع للشعوب المسحوقة؛ لتتلهى به”.

هذا ما يحيلنا إلى حقائق موضوعية، تبين أن ملة الطغيان والاستبداد واحدة، ولا غرابة -حقًا- في أن يقترب الطغاة من بعضهم بعضًا، بغض النظر عن صحة، أو عدم صحة الخبر الذي أذاعته قناة “المنار”، فضائية حزب الله، من أن ضباطًا طيارين كثرًا قد باتوا في سورية؛ تمهيدًا للمشاركة في “الحرب الكونية” ضد الإرهاب، التي انبرى الجميع للمشاركة فيها، لكن قيادة الجيش المصري نفت هذه الأنباء، وكذبت ما ذهبت إليه “المنار”، ومن ثم قبلها صحيفة (السفير)، إلا أن ما أظهرته السياسة السيسية منذ ما يزيد عن سنة؛ وحتى الآن، يشير إلى تقارب هو أقرب إلى التحالف الخفي بين النظامين المختلفين طائفيًا، لكنهما المتفقين وجوديًا واستبداديًا، عبد الفتاح السيسي انقلب على الديمقراطية، ولجم الثورة المصرية الشعبية التي استبشر العرب بها خيرًا، وكذلك المصريين، أما الثاني، فهو من تنطح ليس لـ “لجم” الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة فحسب، بل استدعى كل طغاة العالم، من طهران إلى موسكو، وميليشيات الطوائف معهم، الذين جاؤوا لنصرة الطاغية الطائفي؛ لتدمير البنية التحتية جميعها، في كل الجغرافيا السورية، وقتل الإنسان السوري الثائر، الذي خرج؛ ليقول: لا للقمع والكبت وسرقة ثروته.. لذلك؛ كان طبيعيًا أن يجري هذا التنسيق بينهما، ومع كل طغاة الإقليم، وما بعد الإقليم، توطئة للقضاء على ثورة الشعب السوري، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

الاستبداد المشرقي يشبه بعضه بعضًا، ويحاكي ذاته، ويعدّ سقوط أحد من حظيرته سقوطًا للآخرين؛ بحيث كانت ثورات الربيع العربي تهديدًا للعروش، والكيانات الاستبدادية، بقضها وقضيضها، فانبرى الجميع ليواجهوا الشعوب بجميع امكانياتهم العسكرية التحالفية.

وحول هذا الأمر، قال الكاتب السوري معتز زين، لـ (جيرون): “إن الدعم السياسي والإعلامي الذي يقدمه السيسي للأسد أمر واضح، وله مبرراته، فكلاهما نظام قمعي انقلابي، وكلاهما نظام مضاد للثورات والحريات، أما الدعم العسكري الميداني، إن حصل، فلا أظنه إلا بثمن مقبوض مسبقًا من إيران”.

ولعل كثير من الكتاب والباحثين  ينظرون -اليوم- إلى الدور الإيراني، صاحب المشروع التوسعي، بمنظار الخطر للمنطقة برمتها، وليس بوصفه مشروعًا يهدد وجود بلاد الشام والعراق فحسب، إنما قد يطال شمالي افريقيا والبلدان العربية، في غير مكان من المنطقة، حيث يؤكّد الزين ذلك بقوله: “إيران التي تحاول، منذ فترة اختراقها مصر، لاستكمال أجندتها الطائفية، وتحقيق أحلامها الإمبراطورية القديمة، استغلت العلاقة التي ساءت بين مصر والسعودية، وحاولت شراء نظام السيسي المهدد بالسقوط اقتصاديًا، القابل للشراء من أي جهة تدفع له ما يمكّنه من الاستمرار؛ فتخفف الضغط عليها في سورية، من جهة، وتوجه خنجرًا للسعودية في ظهرها، من جهة أخرى، ومن ثم؛ تفتح بوابة كبيرة لاختراق المجتمع المصري، من جهة ثالثة”.

وينبه -أيضًا- إلى خطورة توجه الإيرانيين إلى مصر، ومن ثم اختراق مصر، الدولة الكبيرة في الوطن العربي، قائلًا: “لا يدرك السيسي أنه عندما يفتح الباب لإيران على مصر؛ فإنه يفتح باب جهنم التي لن تكتفي مستقبلًا بإحراقه، وإنما ستحرق العزيزة مصر وأهلها”.

يأتي ذلك كله ضمن سياق تحرك المشروع الإيراني الذي يطال المنطقة، ويعبث فيها، شرقًا وغربًا، وليس بعيدًا عنه ما جرى -في الآونة الأخيرة- في القصير/ بالقرب من الحدود اللبنانية – السورية، عندما راح حزب الله يستعرض قوته ووجوده بدبابات أميركية، ولا يفارقه ما صُرّح عنه من أن ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقي الطائفي، ستكون وجهتها -بعد الموصل- حلب هذه المرة، وهو تصريح خطِر، لكنه لا يفاجئ المتابعين، بالنظر إلى الدور الذي تلعبه إيران في العراق حاليًا، وعبر ضخ الميليشيات الطائفية في كل مكان، وصولًا إلى هيمنتها على المنطقة في مجملها، فهل تجد مشروعًا آخر يواجهها عربيًا؟




المصدر