on
أمريكا "كلمة السر" في بسط إيران لنفوذها بالشرق الأوسط
لقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما العديد من الانتقادات على سياساته في الشرق الأوسط، والتي ساهمت في تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.
من أبرز تلك السياسات، الاتفاق النووي الإيراني، والذي يعتبره أوباما جزءًا رئيسيًا من الإرث الذي تركه خلفه في البيت الأبيض بعد 8 سنوات من الحكم.
وتقلصت آمال الشعوب في تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط مع بداية الربيع العربي أواخر 2010، عندما اصطدمت بالمواجهات في سوريا، والأزمة في اليمن، والانقلاب في مصر.
وفي حديثه مع وكالة الأناضول، اعتبر بيتر واليسون، العضو في المعهد الأمريكي للأبحاث (مقره واشنطن)، أن أوباما فشل في بداية إدارته بدعم الشعب في إيران في ثورته ضد قمع حكومة طهران.
وقال إن "هذا الخطأ أنذر بوقوع أخطاء أخرى لاحقة، ولهذا نرى العالم الآن، بعد 8 أعوام من حكم أوباما، في حالة مزرية وأسوأ مما كان عليه من قبل".
ومن أبرز المنتقدين لسياسة أوباما، الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي صرّح في وقت سابق، خلال مشاركته بمناظرة رئاسية، أن نفوذ إيران زاد في الشرق الأوسط خلال سنوات حكم أوباما، في البيت الأبيض.
قال ترامب حينها إن "إيران تستولي على العراق، وهذا ما أرداته دائمًا، إلا أنه نحن من سهّلنا لها ذلك، لذا ينبغي على إيران أن ترسل لنا رسالة شكر".
تأييدًا لما سبق ذكره، أشار السفير الأمريكي السابق في أفغانستان، والعراق والأمم المتحدة، زلماي خليل زاد، وفي مقال، نشرته مجلة "ناشيونال انترست"، عام 2015، أن إيران تحركت بسرعة وبشكل حاسم لملئ الفراغ الأمني" في العراق.
وأشار إلى الوجود الإيراني المتزايد بشكل كبير في العراق، فضلًا عن هيمنة طهران على حكومة بغداد.
وفي مقال منفصل، نشر قبل 4 أشهر، قال زاد إن "إيران في طريقها لتحقيق هيمنة على مستوى إقليمي من خلال مكاسبها في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن. وأضاف أن "إدارة أوباما تأمل أن يعدّل الاتفاق النووي من سياسات إيران الإقليمية".
رفع العقوبات على إيران
زادت المخاوف من قدرة إيران على زيادة نفوذها في المنطقة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، عقب الاتفاق النووي، وكذلك الإفراج عن أرصدتها المجمدة.
في 14 يوليو/تموز 2015، توصلت إيران إلى اتفاق نووي شامل مع القوى الدولية (مجموعة 5+1)، يقضي بتقليص قدرات برنامجها النووي، بعد حوالي عامين من المفاوضات، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها بهذا الخصوص.
يذكر أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قاموا بفرض عقوبات أضرت اقتصاد إيران، وكبدت البلاد خسائر بلغت 160 مليار دولار من عائدات النفط منذ عام 2012، وذلك في إطار محاولات إجبارها على تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم.
ومع رفع تلك العقوبات يمكن لطهران الوصول إلى أكثر من 100 مليار دولار من الأصول المجمدة بالخارج، وستكون قادرة على استئناف بيع النفط في الأسواق الدولية واستخدام النظام المالي العالمي في حركة التجارة.
وتمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، ورابع أكبر مخزون من الغاز الطبيعي، وبتخفيف العقوبات عليها، تستطيع طهران زيادة إنتاج النفط الخام والصادرات بشكل كبير، كما يمكنها أن تفتح مصادر الغاز غير المستغلة في البلاد أمام الاستثمار الأجنبي.
في الوقت الذي تم فيه توقيع الاتفاق النووي في يوليو 2015، أنتجت إيران ما معدله 2.9 مليون برميل من النفط الخام يوميًا. ارتفع هذا الرقم إلى 3.7 مليون برميل في اليوم الشهر الماضي، وفقًا لتقارير سوق النفط الشهرية لمنظمة أوبك.
وقالت طهران إنها تريد زيادتها إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات، حيث كانت تصل لأكثر من 4 مليون برميل نفط يوميًا.
الاستثمارات الأجنبية في إيران
ويتوقع أن تدفق استثمارات أجنبية، بما فيها قطاع الطاقة، بقيمة 250 مليار دولار إلى إيران، ويرجح أن يتم فيها تنفيذ أكثر من 800 من مشاريع الطاقة في السنوات الـ20 مقبلة، وفقًا لتقرير بعنوان "تحليل التأثير التجاري والاقتصادي على إيران بعد الحظر".
أعدّ التقرير شركة تدقيق الإحصائيات (KPMG)، ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية(DEIK)، وجمعية المصدرين التركية (TIM).
ولفت التقرير إلى أن بعض القطاعات في إيران، مثل الخدمات المصرفية، والقانون، والبيروقراطية، كانت بطيئة في التكيف مع مرحلة ما بعد رفع العقوبات، وأشار إلى ضرورة تسريع اللوائح في تلك المجالات من أجل جذب المستثمرين الأجانب.
اندمجت إيران مجدّدًا بشبكة SWIFT (المجتمع العالمي للاتصالات المالية بين البنوك)، بعد رفع الحظر عنها، وبدأت بالوصول إلى أرصدتها المجمدة في الخارج، والتي تقدر بنحو 150 مليار دولار، ويتوقع أن يفرج عنها تدريجيًا في السنوات القادمة.
ويتوقع مراقبون أن تصل قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إيران بين 30 و40 مليار دولار، سنويًا. وبعد رفع العقوبات عنها توجهت عدة دول مثل، ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وروسيا، والصين، واليابان لعقد استثمارات في إيران، لكسب حصص لها في سوق البلاد التي فتحت حديثًا.
مصير الاتفاق النووي في عهد ترامب
يرى مراقبون أن أكبر المخاوف التي تحيط بالاستثمار الأجنبي في إيران هي الشكوك التي سبق أن زرعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ما إذا كان سيتم إلغاء الاتفاق النووي بعد توليه منصبه مطلع العام المقبل.
وخلال حملته الانتخابية للرئاسة، وصف المرشح الجمهوري الاتفاق النووي بأنه "أسوأ صفقة بالتاريخ"، وأسماه بـ "الكارثة"، كما اعتبره "عار على الولايات المتحدة الأمريكية، وتعهد بتمزيقه.
إلى جانب ترامب، انتقد زملائه الجمهوريين بشدة إدارة أوباما في عام 2015، معتبرين أنها كانت السبب في زيادة نفوذ إيران الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط، وأنها تسببت في تدهور العلاقات الأمريكية مع حليفتها منذ فترة طويلة، السعودية.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أشارت إدارة أوباما أنه تم رفع التجميد عن ما قيمته 50 مليار دولار من الأصول الإيرانية نتيجة الاتفاق النووي.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أنها منحت تراخيص لشركات "ايرباص" و "بوينغ"، لبيع طائرات لإيران ومساعدة أسطولها البحري.
موقف ترامب من الاتفاق النووي سيكون أكثر وضوحُا بعد تسلمه منصبه في البيت الأبيض، وستراقب سياساته تجاه إيران والشرق الأوسط عن كثب.