“تتريك” العملية التعليمية السورية


آلاء عوض

أصدرت وزارة التربية والتعليم التركية، منذ نحو أسبوع قرارات جديدة تخصّ العملية التعليمية السورية في مراكز التعليم الموقتة، وتضمّنت تعديلات جذرية في كمّ ونوع الحصص الدراسية في تلك المدارس، حيث تم تكثيف التعليم باللغة التركية ليصل عدد الساعات التي يتلقى فيها التلاميذ المواد الدراسية إلى 15 ساعة بعد أن كانت 5 ساعات، وبالتالي؛ تخفيض عدد ساعات اللغة العربية إلى 3 ساعات، إضافة إلى إلغاء مادتي التاريخ والجغرافيا، وعدم التركيز على اللغة الإنكليزية، وجعلها اختيارية بين المقرّرات.

وعن هذه التعديلات، قال المُدرّس والمدير السابق لمدرسة سورية، تامر الحاضري لـ (جيرون): إن القرارات الجديدة “تصبّ بمجملها في عملية الدمج التي بدأت فيها التربية التركية مطلع العام الدراسي الحالي، وهدفها تسهيل وتسريع الاندماج والتخلّص من مراكز التعليم السورية الموقتة بأسرع وقت بوصفها أنها تظلم الطلبة السوريين ولا تُنصفهم”.

ووصف الحاضري القرارات الجديدة بـ “الإيجابية”، وأنها ستؤدي إلى “عملية اندماج متكاملة، وستؤمّن للطالب السوري المُلتحق بالمدارس التركية مناخًا تعليميًا مثاليًا، وستساعد الأهل على تعلّم اللغة التركية من أولادهم، وسينتهي الطلبة السوريون من مشكلة الامتحان المعياري لطلاب البكالوريا الذي لا تعترف به أي دولة أخرى سوى تركيا”.

ولفت الحاضري الى إمكانية أن يؤثّر الإجراء “سلبيًا في الجيل الجديد الذي سيكون ناطقًا بالعربية، ولكنه لا يتقنها من الناحية العلمية، وهناك مخاوف من انتشار نوع جديد من أشكال تعليم اللغة العربية سيلجأ إليه الأهالي لرفد أولادهم بلغتهم الأصل، التي من المحتمل أن تصبح بعد فترة زمنية وجيزة من المنسيّات”. ويؤكد أن التحاق الطلبة السوريين بالمدارس التركية سيكون “أفضل لهم من الناحية العلمية، فأدوات التعليم في المدراس التركية احترافية والطريقة مُتقنة وهو ما لا تتمتّع به المدارس السورية”.

في سياق متصل، عدّ المُدرّس عمر محمد في حديثه لـ (جيرون) أن الخطوة “إشكالية، وبمقارنة بسيطة لأوضاع اللاجئين السوريين في دول العالم، نلاحظ  أن تعليم اللغة خطوة أولى وجادّة لتحقيق الدمج، أما بالنسبة لمضمون المادة العلمية فهي من وضع الدولة المستضيفة، ولا يكون هناك اعتبار للخلفية الثقافية للاجئين، لكن الإشكالية بالنسبة لوضع السوريين في تركيا أنهم ليسوا لاجئين بالتوصيف القانوني أو المجتمعي، ويتم التعامل معهم من قبل الأتراك حكومة وشعبًا على أساس مصلحي، أساسه الحصول على المساعدات المُخصّصة من الاتحاد الأوروبي لضمان وقف الهجرة، أما اعتبارات خصوصية السوريين فهي خارج نطاق تفكيرهم”.

وأضاف محمد أن “القرار أثار استياءً بشكل عام، وهناك تخوّف على الهوية العربية، ينعكس بتعبيرات بسيطة من الناس، يتخلّلها الدعاء بالخلاص من هذه الحالة، وبعضهم يفكّر بإيقاف تعليم أولاده، وتعود إلى الذاكرة محاولة الحكومة التركية الهيمنة على التعليم في منطقة جرابلس التي سيطر عليها الأتراك، والتي دفعت لخروج مظاهرات احتجاجية رافضة لتتريك التعليم في تلك المدينة”.

من جهة أخرى قال إبراهيم قنبر، أمين سرّ نقابة المعلمين السوريين في ولاية (أورفا) لـ (جيرون) إن “الوضع سيكون كارثيًا على المدرسين، الذين أصبح وجودهم غير مرغوب به وفائض، وعلى الرغم من صدور وعود من الحكومة التركية بعدم فصلهم، إلا أنهم أصبحوا بلا عمل حقيقي، وانتهى أمل تعيين مدرسين سوريين جدد، لأن موادهم إما أُلغيت أو خُفّضت، وسيتم توزيع مهام إدارية عليهم، فور صدور قرار التطبيق والمباشرة به”.

أما بالنسبة للطلاب وتأقلمهم مع الوضع الجديد، فبحسب قنبر “لن يكون اندماجهم سريعًا كما يعتقد الأتراك ويخطّطون، وسيكون هناك صعوبة، وسيتطلّب وقتًا وصبرًا بالنسبة للطلاب الأتراك وأهاليهم قبل السوريين، حيث لا تزال المدراس التركية إلى اليوم ترفض تسجيل الطلاب السوريين فيها حتى بعد توصيات التربية التركية”.

ويعتقد محمد أن هناك حالة من الفُجائية وعدم الانسجام في القرارات التركية الخاصة بتعليم السوريين، فـخلال “أقل من شهر صدر قرار إلغاء الصفوف (1-5-9) ليأتي بعده بأيام قرار زيادة عدد ساعات اللغة التركية لـ 15 ساعة أسبوعيًا من أصل 25 ساعة دراسية”.




المصدر