جب القبة … معبر المذبحة الحلبية


ناصر علي- ميكروسيريا

لن يمر هؤلاء إلا أشلاء مقطعة، والمعبر الوحيد للفارين من بطش الروس والأسد صار فخاً لهم…أطفال ونساء يقعون فريسة الطائرات والمدافع فقط لأنهم اختاروا الهروب إلى مناطق الثوار.

خلال يومين أكثر من 100 شهيد سقطوا في نفس المكان، ومشاهد قاتلة تمر إلى الشاشات دون أن يصرخ أحد من أقصى الأرض إلى الجوار الصامت أن أوقفوا المذبحة البشرية…هنا حلب التي تلوك دمها أمام الخذلان.

تقول الصورة لجثة أم مع أطفالها ثمة موت هنا أيها العالم البائس الشرير … ثمة أرواح صعدت إلى بارئها دون أن يسأل أحد كيف يموت الناس في حلب، وما ذنب الحفاة الصغار أن يقتص منهم القاتل في رحلة البحث عن مأوى دون رصاص وقصف.

تقول الصورة ليافع هنا أما جثث قريبة لروحه ماذا تركتم لي غير جثتي الحية؟… بكاء لا تتسع له الأرض ولا السماء، وصدمة الأحياء براحة الأموات هنا …هنا حيث العجز حتى عن تلويحة وداع… ليتنا هربنا إلى البحر وأسماك القرش … ليت لا نهاية لأحد تشبه نهاياتنا.

النظام تمرس بالقتل، وصار الموت القصاص الوحيد من معارضيه، وها هو يدفع بالمغول الجدد إلى أن يكونوا شركاءه في دم السوريين … فيما يغرد مؤيديه عن النصر المبين على التكفيريين…هل حقاً هؤلاء منا..هل حقاً اقتسمنا معهم ذات يوم ألامنا وخبزنا وهتافنا … ووطناً يريدونه الآن دوننا.

من يقتل هم الميليشيات الطائفية هكذا ستكون النتيجة انتقاماً من قتلة الحسين … فصار الحسين داعية قتل وسفاحاً تاريخياً نائماً بيننا، يسنّ سكينه قروناً ليأمر شيعته أن ينحروا الأعناق، ويأكلوا الأطفال بولائم لا تنتهي، وجوع دموي لا يشبع.

هول المذبحة يطغى على صوت المدافع والطائرات، وصمت مطبق عاجز عن الوصف والايضاح، والمدينة أو ما بقي منها يدفع ثمناُ باهظاً، سيترك آثاراً تمتد لوقت طويل، وتتسع مساحة الحقد والثأر لدى المتبقين على قيد الحياة في حلب وسوريا عموماً.

النظام من أجل كرسيه دمر النسيج السوري المتماسك لقرون فقط، ومن أجل تكريس رايات حاقدة فوق الأرض السورية، ومن أجل أن يتمدد نواح الثأر من أقصى الجنوب إلى دمشق والشمال، والحشية كل الخشية من مجازر قادمة.

المعارضة السياسية بعجزها وخطابها البليد أوصلت الثورة إلى نتائج لم تكن في حسبان أحد، ومشايخ الثورة بخطابهم البغيض ساهموا في رسم صورة ملتحية لا تعبر عن حقيقة ما خرج لأجله السوريين برمتهم من بيوتهم إلى الشارع.

ريثما تفيق حلب من موتها…تروى حكايات أخرى عن التهجير واقتلاع ما بقي من بشر في محيط دمشق…لكن صورة القتيلة التي تحمل حقيبتها على ظهرها ليست سوى وصمة عار في جبين البشرية جمعاء.